الولايات المتحدة بين دعم “إسرائيل” وتجنب التصعيد
تقرير خاص – المساء برس|
في ظل التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على قواعد عسكرية إسرائيلية، تظهر الولايات المتحدة في موقف متذبذب يتأرجح بين دعم إسرائيل في حق الرد العسكري وتجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى انفجار شامل في المنطقة. هذا الموقف يعكس توازنًا معقدًا بين المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والضغوط المتزايدة من الكونغرس، والذي يشهد انقسامًا متزايدًا بين دعاة ضبط النفس والمطالبين بدعم قوي لإسرائيل.
التنسيق الأمريكي – الإسرائيلي: دعم مشروط
لا شك أن هناك تعاونًا وثيقًا بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالرد الإسرائيلي على الهجمات الإيرانية. التقارير تشير إلى أن واشنطن سمحت لتل أبيب باستخدام بعض مواردها، مثل الطائرات والاستخبارات. ولكن على الرغم من هذا التنسيق العسكري، يبدو أن الولايات المتحدة حذرة جدًا من التورط المباشر في أي ضربة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يجد نفسه في موقف سياسي حساس قبل الانتخابات الرئاسية، أوضح علنًا أنه لا يؤيد أي ضربة عسكرية مباشرة تستهدف البرنامج النووي الإيراني. هذه التصريحات أثارت التساؤلات حول مدى الدعم الأمريكي لإسرائيل في هذا التصعيد. من الواضح أن واشنطن تخشى أن يؤدي تصعيد عسكري واسع إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر، ما سيؤثر على مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
أصوات داخل الكونغرس: دعوات لضبط النفس
في الوقت الذي تدفع فيه بعض القوى داخل إسرائيل نحو رد عسكري قوي على إيران، بدأت أصوات في الكونغرس الأمريكي تدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد. هذه الأصوات تشير إلى أن أي تحرك عسكري واسع النطاق قد يقود إلى عواقب وخيمة، ليس فقط على إسرائيل وإيران، بل على الأمن والاستقرار الإقليميين، وهو ما سيضع الولايات المتحدة في موقف صعب بين دعم حليفتها إسرائيل وبين محاولة تهدئة الأوضاع في منطقة تعاني بالفعل من اضطرابات شديدة.
أعضاء الكونغرس الذين يعارضون التصعيد يركزون على ضرورة الحلول الدبلوماسية وفرض عقوبات إضافية بدلاً من الانجرار إلى صراع مفتوح، مؤكدين أن تصعيدًا عسكريًا واسع النطاق سيؤدي إلى تداعيات اقتصادية وسياسية عالمية، خاصة إذا تضررت إمدادات النفط في المنطقة.
مخاوف التصعيد الإقليمي: كابوس واشنطن
إحدى أكبر مخاوف واشنطن تتمثل في احتمال توسيع نطاق الصراع ليشمل بقية أطراف المحور الفلسطيني في المنطقة غير إيران، مثل المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله واليمن وقواته المسلحة. الإدارة الأمريكية تعلم أن أي ضربة إسرائيلية على إيران ستفتح جبهات جديدة قد تجر المنطقة بأكملها إلى حرب طويلة الأمد، وهي نتيجة لا ترغب فيها الولايات المتحدة التي تحاول تركيز جهودها على قضايا أخرى دولية مثل الصين وروسيا.
إلى جانب ذلك، تدرك واشنطن أن أي تحرك غير محسوب قد يؤدي إلى استهداف البنية التحتية النفطية في الخليج العربي، مما سيؤدي إلى أزمة طاقة عالمية ويضاعف من الضغوط الاقتصادية على المستوى الدولي.
الضغط الإسرائيلي: رغبة في التصعيد وتحدي للموقف الأمريكي
في المقابل، تواجه الولايات المتحدة ضغوطًا متزايدة من إسرائيل، حيث يواصل المسؤولون الإسرائيليون الدعوة إلى رد قوي ومؤثر على إيران. بعض الأصوات داخل إسرائيل، مثل الرئيس السابق نفتالي بينيت، تعتبر أن هذه اللحظة “فرصة لا تتكرر إلا مرة كل خمسين عامًا” لتوجيه ضربة قوية للبرنامج النووي الإيراني. ويرى هؤلاء أن الوقت قد حان لإنهاء هذا التهديد المتنامي قبل أن يصبح أكبر من قدرة إسرائيل على الردع.
الموقف الإسرائيلي هذا يضع الولايات المتحدة في معضلة حقيقية: كيف يمكنها دعم حليفتها الرئيسية في الشرق الأوسط دون التورط في صراع إقليمي كبير؟ وماذا سيحدث إذا تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء الأمريكية؟
توازن هش بين الدعم والتحفظ
في النهاية، يبدو أن الموقف الأمريكي المتذبذب يعكس توازنًا هشًا بين دعم إسرائيل والحفاظ على الاستقرار الإقليمي. إدارة بايدن تجد نفسها في مواجهة أصوات داخلية ودولية تطالب بالتهدئة وضبط النفس، بينما تضغط إسرائيل للحصول على دعم كامل لتحركاتها العسكرية. السؤال المطروح الآن: إلى متى ستتمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على هذا التوازن دون الانزلاق إلى صراع قد لا تستطيع السيطرة عليه؟