الهجوم الإيراني يُربك حسابات واشنطن: بين تواطؤ أمريكا والدعم غير المشروط لإسرائيل
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في ضربة استثنائية فجرت الهواجس الأمريكية وكشفت ازدواجية موقف واشنطن، جاء الرد الإيراني الصاروخي على إسرائيل ليفضح التواطؤ الأمريكي الواضح مع الاحتلال الإسرائيلي، خصوصًا بعد اغتيال القيادتين المقاومتين، الشهيد حسن نصر الله والشهيد إسماعيل هنية. الهجوم الذي تم بتنسيق كامل بين إيران والمقاومة اللبنانية والفلسطينية، أظهر استعداد محور المقاومة للرد على جرائم الاحتلال، فيما حاولت أمريكا تحجيم أثر الضربة وتصويرها بأنها غير فعالة.
قبل الهجوم: واشنطن تُهدر جهودها لحماية إسرائيل
قبل الهجوم الإيراني، كانت الولايات المتحدة تعمل بكثافة على تعزيز دفاعات الكيان الصهيوني، بعد أن أكدت تقارير استخباراتية وجود استعدادات إيرانية لشن هجوم صاروخي. لم يكن موقف أمريكا مفاجئًا، حيث ظلت على مدار العقود تُقدم الدعم الكامل لإسرائيل دون الالتفات إلى العدوان والجرائم التي ترتكبها ضد الفلسطينيين واللبنانيين.
تهديدات البيت الأبيض لإيران كانت صريحة. فقد حذرت واشنطن من “عواقب وخيمة” إذا تعرضت إسرائيل لأي هجوم. ومع وصول تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، بما في ذلك سفن حربية وطائرات مقاتلة، بدا أن الولايات المتحدة مستعدة لدعم إسرائيل بأي ثمن. كان الهدف الواضح هو تكبيل إيران ومنعها من الرد على التصعيد الإسرائيلي، مما يعكس التزامًا أعمى بحماية إسرائيل ولو على حساب استقرار المنطقة.
بعد الهجوم: تراجع أمريكي وتقليل من أهمية الضربة
عندما نفذت إيران هجومها الصاروخي الذي استهدف عدة مواقع إسرائيلية، كانت الاستجابة الأمريكية متناقضة. فعلى الرغم من التهديدات المسبقة، حاولت واشنطن التقليل من أهمية الضربة، زاعمة أن الهجوم كان “غير فعال”، وذلك في محاولة لتهدئة المخاوف الإسرائيلية. جو بايدن سارع إلى طمأنة الإسرائيليين، مؤكدًا دعم واشنطن الكامل واستعدادها للدفاع عن إسرائيل.
الإدارة الأمريكية لم تكتفِ بهذا، بل بدأت بالحديث عن ضرورة “احتواء الصراع” ومنع تصعيده، متناسية أن الاحتلال الإسرائيلي هو الذي أشعل فتيل التوتر بجرائمه واغتيالاته. ولكن ما كان واضحًا هو أن الولايات المتحدة لا تريد تصعيدًا كبيرًا، ليس حرصًا على استقرار المنطقة، بل للحفاظ على إسرائيل من تداعيات ردود المقاومة.
إزدواجية الموقف الأمريكي: دعم الاحتلال وتكبيل المقاومة
تُظهر هذه الأحداث مرة أخرى أن واشنطن ليست مهتمة بوقف الصراع، بل بموازنة الأمور لصالح الكيان الإسرائيلي. عندما يتعلق الأمر بالاعتداءات الإسرائيلية وجرائمها ضد المدنيين، تقف أمريكا كمدافع شرس عن الاحتلال، وتستخدم كل أدواتها العسكرية والسياسية لإخماد ردود المقاومة. في المقابل، عندما ترد إيران أو أي من جبهات المقاومة الفلسطينية واللبنانية على جرائم الاحتلال، تتحول أمريكا إلى وسيط مزعوم يسعى “لتهدئة” الأوضاع.
الحقيقة أن واشنطن تسعى إلى تكبيل محور المقاومة، خصوصًا إيران وحلفائها، ومنعهم من الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. كلما تعرضت إسرائيل لضربة، تتجه أمريكا إلى الدعوة لوقف التصعيد، لكنها تبقى صامتة حين يتعلق الأمر بقتل الفلسطينيين وتدمير لبنان.
محور المقاومة: الرسالة وصلت إلى إسرائيل وأمريكا
الضربة الإيرانية جاءت لتؤكد أن محور المقاومة لن يتراجع أمام التهديدات الأمريكية أو الإسرائيلية. إيران، التي دعمت دائمًا المقاومة في فلسطين ولبنان، أثبتت أنها على استعداد للرد على جرائم الاحتلال، وأنها تمتلك القدرة على استهداف المواقع الإسرائيلية الهامة. هذا التحدي المباشر للهيمنة الأمريكية على المنطقة هو رسالة واضحة بأن أي عدوان إسرائيلي لن يبقى دون رد.
في المقابل، تجد واشنطن نفسها في موقف حرج، حيث تدرك أن حليفها الإسرائيلي يتعرض لخطر حقيقي من محور المقاومة، بينما لم تنجح تهديداتها في منع إيران من توجيه الضربة. هذا الأمر يزيد من الضغط على الإدارة الأمريكية التي باتت تفهم أن القوة وحدها لن تحمي إسرائيل من الانتقام.