تحليل للموقف الأمريكي الرسمي قبل وبعد الضربة الإيرانية على كيان الاحتلال الإسرائيلي
خاص- المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في تصعيد كشف زيف الادعاءات الأمريكية، شنّت إيران هجوماً صاروخياً على كيان الاحتلال الإسرائيلي ردًا على اغتيال الشهيدين إسماعيل هنية وحسن نصر الله، وخلال الساعات الأخيرة والساعات الأولى لما قبل وبعد الهجوم الإيراني صدرت جملة من المواقف والتصريحات الأمريكية كشفت وفضحت طبيعة الموقف الأمريكي الذي يحاول التلاعب من خلال التصريحات الدبلوماسية والإعلامية بما يضمن لكيان الاحتلال الهيمنة والتفوق واستمرار ارتكاب جرائمه ومجازره من دون أن يكون هناك ردود عسكرية تستهدف الكيان وهي التي يحاول الأمريكي منعها من أي طرف من أطراف المحور الفلسطيني تحت مزاعم حرص أمريكا على عدم توسيع الصراع.
قبل الهجوم: أمريكا تهدد بعواقب وخيمة وتوهم إيران بخفض التصعيد
قبل الضربة الإيرانية بساعات، كان البيت الأبيض يمارس دوره المعتاد في بث رسائله وتصريحاته التي تؤكد حمايته للكيان الإسرائيلي ويمنح الكيان مشروعية ارتكاب جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال منذ عام في كل من غزة ولبنان، وقبل ساعات من الضربة الإيرانية أصدر البيت الأبيض تحذيرات صارمة بأن أي هجوم على إسرائيل سيواجه بعواقب وخيمة.
كما سربت الاستخبارات الأمريكية عبر تقارير قبل ساعات من الهجوم عن وجود استعدادات إيرانية لشن هجوم صاروخي على إسرائيل، كما أعلنت أمريكا أنها سارعت لتعزيز قواتها في المنطقة دعماً لإسرائيل ودفاعاً عنها.
في هذا السياق يتضح أن الولايات المتحدة لم تكن تهتم بالتصعيد الذي سببه الاحتلال الإسرائيلي من خلال اغتيال قادة المقاومة في فلسطين ولبنان، بل كانت على استعداد كامل للتصعيد ما دامت تلك هي رغبة إسرائيل وكانت تمنح الكيان مشروعية ما قام به من مجازر وبرز ذلك من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين بعد إعلان اغتيال الشهيد حسن نصر الله حيث أيدت أمريكا العملية بتصريحات مباشرة من كل من بايدن ونائبته هاريس المرشحة للرئاسة وكبار مسؤولي البيت الأبيض والبنتاغون وسارعت في الوقت ذاته إلى محاولة تهدئة الموقف بإيهام المقاومة اللبنانية أن أمريكا عازمة على إجبار إسرائيل على القبول بهدنة لوقف القتال في كل من جنوب لبنان وغزة، لكن بعد معرفة الولايات المتحدة عن ترتيبات لهجوم إيراني بالصواريخ الباليستية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي سارعت أمريكا إلى إعلان أنها سترسل تعزيزات عسكرية من سفن حربية وطائرات مقاتلة إلى المنطقة مؤكدة أن سرباً من هذه الطائرات قد وصل بالفعل لحماية إسرائيل من أي هجوم وكان ذلك قبل ساعات قليلة من الهجوم الإيراني أمس الثلاثاء.
بعد الهجوم: دعم للاحتلال للرد على إيران وتقليل من أهمية الضربة
ما إن نفذت إيران هجومها الصاروخي على عدة مواقع إسرائيلية، حتى تغيرت لهجة واشنطن بشكل ملحوظ عن تلك التي كانت تصدر عنها بعد اغتيال الاحتلال للشهيدين اسماعيل هنية وحسن نصر الله، حيث سارع البيت الأبيض بعد هجوم إيران إلى التقليل من أهمية الضربة الإيرانية، وزعم مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أن الهجوم “كان غير فعال” وأن الأضرار طفيفة، على الرغم من أن الهجوم كان قوياً ولم تتمكن إسرائيل من التصدي له كما أن أمريكا أقرت أن مدمراتها التي كانت تحمي كيان الاحتلال الإسرائيلي من البحر أطلقت 10 صواريخ دفاعية فقط لاعتراض بعض الصواريخ الإيرانية التي أقر الاحتلال الإسرائيلي إنها تجاوزت المائتي صاروخ باليستي.
جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، أكد أن المشاورات مع إسرائيل مستمرة، وأنهم ينسقون مع إسرائيل من أجل الخطوة التالية، في اعتراف أمريكي بأن واشنطن تسعى لتصعيد الصراع في المنطقة من خلال دفع الاحتلال الإسرائييلي إلى الرد على الهجوم الإيراني الذي جاء في الأساس رداً على اغتيالات إسرائيل لاسماعيل هنية وحسن نصر الله.
ازدواجية أمريكية: حماية إسرائيل وتكبيل المقاومة
هذه الازدواجية في الموقف الأمريكي تكشف الحقيقة التي طالما حاولت واشنطن إخفاءها: فعندما يتعلق الأمر بإسرائيل، تكون أمريكا مستعدة لتصعيد الصراع تحت غطاء “حماية إسرائيل” وبمزاعم حقها في الرد والدفاع عن النفس، وحين يتعلق الأمر بالمقاومة والمحور الفلسطيني المساند لها تذهب واشنطن إلى تحريك كل أدواتها للضغط على أطراف محور المقاومة لمنعها من الرد على أي عدوان إسرائيلي بذريعة مساعي احتواء التصعيد وعدم توسيع الصراع في المنطقة.
وبينما تُغض واشنطن الطرف عن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد المدنيين في غزة ولبنان وما ترتكبه من مجازر بحق الإنسانية على مدى عام كامل، بل تحاول إيجاد المبررات لما ترتكبه إسرائيل من جرائم، تظهر بشكل سريع عندما يتعرض الاحتلال لأي تهديد، وتطلق دعوات فارغة لوقف التصعيد لمنع أي تهديد أو رد عسكري سيستهدف الاحتلال قبل وقوعه، وهذا التناقض الفاضح بين موقفها العدواني ضد المقاومة من جهة ودفاعها المطلق عن الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه من جهة ثانية يثبت أن أمريكا لا ترغب حقاً في “احتواء الصراع”، إلا عندما يكون الرد موجهاً ضد الاحتلال الإسرائيلي.
رسائل المقاومة: أمريكا لن تردعنا
ومن الملاحظ خلال رصد المواقف والتصريحات الأمريكية قبل وبعد الضربة الإيرانية الصاروخية على كيان الاحتلال الإسرائيلي، نجد أنه ورغم التحذيرات والتهديدات الأمريكية التي سبقت الضربة بساعات، جاء الهجوم الإيراني ليؤكد أن المقاومة لا تخضع لمخططات واشنطن، فإيران، وإلى جانبها من محور المقاومة المساند للمقاومة الفلسطينية، أوصلوا رسالة واضحة بالهجوم الذي تعرضت له إسرائيل أمس مفادها “أن الاعتداءات الإسرائيلية لن تمر دون رد. هذا ما يقلق أمريكا فعلاً، إذ تدرك أن قوة الردع للمقاومة تتنامى، وأن محور المقاومة يمتلك القدرة على قلب موازين القوى في المنطقة رغم كل الدعم الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل”.
أمريكا وإسرائيل: حليفان في العدوان
التحالف الأمريكي-الإسرائيلي ليس مجرد شراكة عسكرية، بل هو تحالف استراتيجي يُبنى على تعزيز الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة. فعندما يتعلق الأمر بمواجهة المقاومة، تبرز واشنطن كمدافع شرس عن الاحتلال، سواء من خلال توفير الدعم العسكري أو استخدام الأدوات الدبلوماسية والسياسية لعزل المقاومة دوليًا ومنعها من الرد.
لكن مع كل ضربة للمقاومة، يتضح ضعف هذا التحالف، إذ أن تهديدات أمريكا بالتداعيات الخطيرة على إيران لم تُجدِ نفعاً. فالضربة الإيرانية كشفت أن الكيان الإسرائيلي، رغم الدعم الأمريكي الكبير، يظل عرضة لضربات المقاومة، وأن محور المقاومة قادر على المواجهة والرد بقوة مهما كانت الظروف.
زيف الادعاءات الأمريكية
الادعاءات الأمريكية بمحاولة “احتواء الصراع” تكشف زيف نواياها الحقيقية. فبينما تستمر في تسليح إسرائيل ودعمها، تحاول تكبيل يد المقاومة تحت ذريعة منع التصعيد. لكن الواقع يثبت أن محور المقاومة لن يتوانى عن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية، وأن زيف الادعاءات الأمريكية لن يخدع العالم بعد اليوم.