السر وراء دعوات واشنطن للمقاومة بالتهدئة مقابل مباركة تصعيد الاحتلال الإسرائيلي (تقرير)

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

في خطوة فاضحة جديدة تؤكد انحياز الولايات المتحدة المطلق لكيان الاحتلال الإسرائيلي وكل ما يرتكبه من جرائم إبادة في غزة أو لبنان او الضفة أو ما يشنه من عدوان بين الحين والآخر على اليمن أو سوريا، وفي خطوة فاضحة وجديدة تؤكد ازدواجية معايير واشنطن في التعامل مع الأزمات الإقليمية، جاء اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليفضح حقيقة المشروع الأميركي الصهيوني للشرق الأوسط.

تصريحات واشنطن حول اغتيال نصر الله أظهرت بوضوح أن الولايات المتحدة كانت ضالعة في المشاركة وتقديم الدعم الكامل لهذه العملية الإجرامية، بزعم أنها تساهم في إعادة رسم المنطقة وتحقيق “العدالة” الوهمية لمن تسميهم “الضحايا الأميركيين”.

خديعة التهدئة: واشنطن تغطي عدوان الكيان الصهيوني وتمنع المقاومة من الرد

بينما تزعم الولايات المتحدة أنها تعمل على منع تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، تصرّ على تقديم الدعم لإسرائيل في كل خطواتها العدوانية، فواشنطن لا تتوانى عن دعم كل تحرك إسرائيلي بذريعة حماية أمن إسرائيل، بينما تُمارس التضليل الدبلوماسي لتكبيل محور المقاومة ومنعه من الرد.

ولعل تصريحات مستشار الأمن القومي جون كيربي عن ضرورة مراقبة المشهد وانتظار حزب الله حتى يقوم بملئ “الفراغ القيادي” الذي خلّفه اغتيال نصر الله، تكشف أن واشنطن لا تسعى إلى تهدئة، بل إلى تكريس الهيمنة الصهيونية على المنطقة وإضعاف أي قوة تقف في وجهها، فكيربي كان هدفه من هذا التصريح دفع المقاومة اللبنانية إلى عدم اتخاذ أي إجراء عسكري ضد كيان الاحتلال على خلفية اغتيال السيد حسن نصر الله وأن الأولى بالحزب قيامه بملء الفراغ القيادي باعتبار أن هناك اتفاقاً سياسياً ينتظر قيادة الحزب الجديدة لإنهاء الحرب والصراع، وبالطبع كان يريد كيربي من المقاومة أن تقتنع وتصدق هذا التظليل والأوهام التي يسوقها الأمريكي والتي لا يستخدمها إلا لتخدير المقاومة ومنح ربيبته إسرائيل الوقت للاستعداد للخطوة القادمة.

وبمعنى أدق؛ فإن الولايات المتحدة، التي تدّعي الحرص على عدم تصعيد الصراع، تبيح لإسرائيل كل الوسائل الممكنة لضرب محور المقاومة، بينما تروّج في نفس الوقت لدبلوماسية كاذبة تهدف فقط إلى إعطاء إسرائيل مزيداً من الوقت لشن عدوانها، إنها سياسة الخداع المكشوف، التي تسعى من خلالها واشنطن لإبقاء ميزان القوة في المنطقة مختلاً لصالح الكيان الصهيوني، دون أن تتردد في التظاهر بالدعوة إلى التهدئة.

تصريحات بايدن: شرعنة القتل بذريعة “العدالة” الكاذبة

تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن بعد اغتيال نصر الله جاءت لتكرس هذه السياسة الأميركية المزدوجة، إذ زعم بايدن أن اغتيال نصر الله هو “مقياس للعدالة” لمن أسماهم “الضحايا الأميركيين والإسرائيليين”.

وفي الوقت الذي تستمر فيه الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بأقوى الأسلحة، وتتجاهل تماماً الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين واللبنانيين، تأتي تصريحات بايدن لتضفي شرعية على عمليات الاغتيال الإسرائيلية، وكأن الدماء التي تُسفك بأمر إسرائيل لا تستحق التنديد أو الإدانة.

“الشرق الأوسط الجديد”: مشروع أميركي صهيوني لتفتيت المقاومة

ومنذ اغتيال نصر الله، تروج واشنطن لفكرة أن هذه العملية تفتح الباب أمام “شرق أوسط جديد” خالٍ من “التهديدات التي تواجه إسرائيل”، وهذا التصور الأميركي هو جزء من المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى إعادة تشكيل المنطقة بما يتماشى مع مصالح إسرائيل وهيمنتها على كل المنطقة.

تصريحات المرشحة للرئاسة كاميلا هاريس، التي اعتبرت نصر الله “إرهابياً” وأن اغتياله “يحقق العدالة” تكشف بوضوح أن الولايات المتحدة ليست مجرد مراقب في هذه الحرب، بل شريك فاعل ومخطط وقائد وبكل ثقله يسعى إلى القضاء على أي قوة تقاوم الاحتلال الصهيوني.

التحريض على إيران: نحو تصعيد إقليمي أخطر

لم تكتفِ الولايات المتحدة بدعم إسرائيل في استهداف حزب الله فحسب، بل تذهب أبعد من ذلك بالتحريض على استهداف إيران في الوقت الحالي باعتبار أن الفرصة مناسبة لأن من تصفه أمريكا بـ”مسدس إيران المشحون الموجه نحو إسرائيل من الشمال” قد تم اغتيال أمينه العام وتفكيك بنيته القيادية وبالتالي أصبح هذه المسدس بلا ذخيرة حسب ما يتوهم الأمريكيون والإسرائيليون.

وهذا ما يتلخص من خلال تصريحات جاريد كوشنر تعقيباً على اغتيال الشهيد نصر الله، التي دعا فيها إلى “استغلال الفرصة الحالية لضرب المنشآت النووية الإيرانية”، تشير إلى أن الإدارة الأميركية تفتح الباب أمام تصعيد إقليمي شامل، قد يقود إلى حرب لا تُحمد عقباها. وهذا التصعيد المتعمد يأتي في إطار الاستراتيجية الأميركية الصهيونية لإضعاف محور المقاومة، وجعل المنطقة أكثر هشاشة أمام الهيمنة الإسرائيلية.

واشنطن: حامي الكيان ومدمر الاستقرار

تصريحات المسؤولين الأميركيين حول “الدبلوماسية” و”تهدئة الصراع” هي مجرد ستار لتبرير دعمهم المطلق لإسرائيل في أي تصعيد، ففي الوقت الذي تدعو فيه واشنطن إلى ضبط النفس وتجنب الحرب، تعمل في الخفاء على تعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية وتمكينها من مواصلة العدوان على غزة ولبنان، ما يؤكد أننا أمام حقيقة مفادها أن الإدارة الأميركية تدعي أنها تسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة، بينما هي فعلياً الداعم الأكبر والمشغّل للعدوان الإسرائيلي، والمساهم الأساسي في زعزعة استقرار الشرق الأوسط ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون وسيطاً للتهدئة.

سياسة أميركية مزدوجة.. دعم للعدوان وقمع للمقاومة

تتضح من التصريحات الأميركية التي رافقت اغتيال السيد حسن نصر الله أن واشنطن لا تسعى إلى تحقيق السلام أو التهدئة، بل إلى حماية إسرائيل بأي ثمن، ولو كان ذلك على حساب دماء الأبرياء في لبنان وفلسطين. إنها سياسة مزدوجة لا ترى في القتل والعدوان إلا وسيلة لتحقيق مصالحها الخاصة، وتدفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد والفوضى وذلك حتى يتسنى لربيبتها إسرائيل الاستفراد بكل طرف على حده.

قد يعجبك ايضا