عاصفة العدوان الصهيوني: كيف اغتيال الكيان السيد نصر الله (تقرير بالأرقام والتفاصيل)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في ليلة الجمعة، السبت 27/28 سبتمبر 2024، دوّت صرخات الظلم والبغي على أرض لبنان الجريح، مُعلنةً “انطلاقة الحرب المفتوحة” بين المقاومة الإسلامية ومحور الحق، وبين التحالف الصهيوني الأمريكي البريطاني المتوحش. إنها ليلة مشؤومة، حملت في طياتها وحشية غير مسبوقة، استخدمت فيها تكنولوجيا القتل والتدمير بأبشع صورها، ولكنها أيضًا كشفت عن عزم وإرادة بيئة المقاومة الصلبة التي لا تُقهر.
عند الساعة 18:22 من مساء يوم الجمعة، استهدفت غارة جوية صهيونية مجمعًا سكنيًا في حارة حريك، حيث نفذ تشكيل جوي ضخم عملية اغتيال استهدفت سماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، ومجموعة من رفاقه. تلك اللحظة كانت فاصلة، حيث ارتقى السيد نصر الله شهيدًا مع عدد من إخوانه المقاومين، في جريمة هزت لبنان بأسره. ستة مبانٍ سويت بالأرض، وتحول المجمع إلى ركام، بينما بلغت الاستعدادات الصهيونية لهذه الجريمة مستوى غير مسبوق، إذ شاركت 33 طائرة من مختلف الأنواع في هذا العدوان الهمجي.
التشكيل الجوي الصهيوني تضمن 12 طائرة من طراز F35I-Strike Eagle انطلقت من قاعدة نيفاتيم الجوية، بالإضافة إلى طائرة سطع إلكتروني من نوع غولفستريم طراز ORON، تحت حماية ما لا يقل عن 20 طائرة F15 وF16. لقد كانت عملية ممنهجة، مصممة بعناية لإحداث أكبر قدر من الضرر وإسكات صوت المقاومة، ولكن هل يمكن لهم إسكات إرادة شعب بأكمله؟
بينما كانت فرق الدفاع المدني اللبنانية تحاول انتشال الشهداء والجرحى من تحت الأنقاض، لم يكن الصهاينة يكتفون بذلك. ففي منتصف ليل 27/28 سبتمبر، عادت طائرات العدو لتشن عدوانًا ثانيًا، مستخدمة أكثر من 100 طائرة حربية وبوارج بحرية، لتضرب الضاحية الجنوبية بقسوة لا حدود لها. خلال خمس ساعات، تم تحويل عشرات المباني والمصانع والمدارس إلى حطام تحت ذريعة البحث عن “مخازن وأصول عسكرية”. وفي الوقت الذي استيقظ فيه العالم على وقع هذا العدوان الغاشم، كانت أحياء الضاحية تغرق في الدماء والدمار.
استمر العدو في هجماته حتى صباح يوم السبت، مستبيحًا كل حي وكل زاوية في الضاحية الجنوبية، غير مكترث بالمدنيين ولا بالبنى التحتية التي دُمرت بالكامل. لم يتركوا شيئًا إلا ودمروه، في محاولة بائسة لتركيع الشعب اللبناني وكسر إرادة المقاومة.
لكن، كما علّمنا التاريخ، فإن سلاح الظلم والعدوان لا يمكنه أبدًا أن ينتصر على قوة الإرادة والصمود. فهذه الحرب المفتوحة التي أشعلتها الآلة العسكرية الصهيونية لم تكن سوى بداية لمرحلة جديدة من المقاومة، حيث يثبت محور المقاومة، يوماً بعد يوم، أن دمه الزكي الذي يراق على الأرض لن يذهب سدى. ما فعله الصهاينة ليلة الجمعة هو بداية النهاية لاحتلالهم البغيض، ونقطة تحول في مسار المواجهة التي لن تنتهي إلا بزوال الكيان الغاصب.
ستظل هذه الليلة محفورة في ذاكرة الأحرار، ليس فقط كذكرى أليمة، بل كنقطة انطلاق جديدة نحو النصر الحتمي الذي لطالما وعدت به المقاومة. هذه الدماء الطاهرة، التي سقطت دفاعاً عن كرامة الأمة، لن تكون إلا وقوداً يشعل شعلة الحرية، وستكون الردود القادمة على هذا العدوان بقدر هذا الدم المراق وبعزيمة لا تعرف الانكسار.