المقاومة توسّع نطاق النار: حزب الله يفتح مرحلة جديدة من الحرب (تقرير)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
بعد موجة الاستهداف الإسرائيلي لبيئة المقاومة اللبنانية والاغتيالات لبعض القادة الميدانيين واختتام هذا الأسبوع العاصف باغتيال السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، شهدت المقاومة اللبنانية نقلة نوعية في استراتيجيتها العسكرية، حيث ردّت على العدوان الصهيوني بتوسيع نطاق عملياتها الصاروخية لتشمل مناطق جديدة داخل كيان الاحتلال. لقد تحوّل ما سُمي بـ”أسبوع الشدة”، الذي فرضه العدو على المقاومة، إلى حافز للإنجاز العسكري والابتكار في تطبيق الخطط التعبوية، مما وضع الاحتلال أمام واقع جديد لا يمكنه تجاهله.
توسيع الحزام الصاروخي
وخلال هذا الأسبوع العاصف، تمكنت المقاومة من توسيع مظلة صواريخها لتشمل الحزامين الرابع والخامس في قلب الأراضي المحتلة. الحزام الرابع يمتد من عتليت والعفولة شمالاً وحتى الخضيرة وحاريش بعمق 28 كيلومتراً، شاملاً معظم مستوطنات الضفة الغربية والسهل الساحلي. أما الحزام الخامس، فقد وسّع نطاق التهديد ليشمل مناطق استراتيجية تشمل مدن المركز الكبرى مثل تل أبيب وغوش دان، ويمتد من جنوب الخضيرة وحتى بيت يام وحولون بعمق يصل إلى 51.5 كيلومتراً.
بهذا التوسع، باتت صواريخ المقاومة تغطي حوالي 65% من إجمالي مساحة فلسطين المحتلة، مما يعني أن قلب كيان الاحتلال بات تحت مرمى الصواريخ، في مرحلة جديدة من الحرب المفتوحة التي افتتحتها المقاومة بإصرار وعزم.
تفوق جوي وصاروخي
وأظهرت المقاومة اللبنانية براعة في تطبيق مناورة نارية غير مسبوقة، حيث نجحت في استهداف مناطق ثقل أساسية داخل الكيان المحتل، مما شكّل ضربة موجعة له، كما لم تقتصر المناورة النارية على المنطقة الشمالية، بل امتدت لتطال مدن الوسط، بما فيها المناطق الأكثر حيوية وإستراتيجية.
المرونة الكبيرة التي أظهرتها المقاومة في استخدام عدة أنواع من الصواريخ لمدى واحد أضافت بعداً استراتيجياً جديداً في الحرب. لقد تمكّنت من الدمج بين الصواريخ البالستية متوسطة المدى والدقيقة، وبين صواريخ طويلة المدى مثل صاروخ “فادي 3″، مما أتاح للمقاومة استهداف أهداف أكثر حساسية واستراتيجية دون أن تفقد القدرة على تكثيف القصف على المدى الطويل.
استراتيجية مرنة ونيران متجددة
ولعل أحد أبرز العوامل التي برزت في هذه المرحلة هو عدم الإسراف في استخدام الصواريخ الدقيقة، حيث تم توجيهها بدقة نحو الأهداف الأكثر أهمية، بينما تم الاعتماد على الصواريخ بعيدة المدى لاستمرار الهجمات. هذه المرونة تسمح للمقاومة بمواصلة القصف لفترات طويلة، مع الاحتفاظ بالقدرات الأثقل لمرحلة الحسم في المناورة النارية.
وما زال العدو يعيش حالة من القلق مما قد تخبئه المقاومة من مفاجآت إضافية، خاصة مع امتلاكها صواريخ يتراوح مداها بين 150 كيلومتراً إلى أكثر من 400 كيلومتر، وهي المسافة التي تفصل الحدود اللبنانية الفلسطينية عن مدينة “إيلات” الواقعة على البحر الأحمر.
مرحلة جديدة من الحرب المفتوحة
ويشير توسيع نطاق الصواريخ ليصل إلى عمق الكيان المحتل، إلى أن المقاومة قد افتتحت مرحلة جديدة من الحرب المفتوحة، حيث لم يعد الكيان الصهيوني قادراً على الاعتماد على تفوقه العسكري التقليدي أو منظوماته الدفاعية لصد هجمات المقاومة، فقد استطاعت المقاومة، رغم الظروف الصعبة، أن تقلب الطاولة على العدو، وتثبت أن الرد على أي اعتداء سيكون واسع النطاق وغير متوقع.
وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن المقاومة اللبنانية، بعد أربعين عاماً من الخبرة والمعارك، قد وصلت إلى مرحلة من النضوج والمرونة تجعلها قوة عسكرية لا يُستهان بها، قادرة على استهداف العدو في عمقه، وتغيير قواعد اللعبة بشكل جذري، حتى مع تعرضها لهزات كبيرة من قبل العدو كاغتيال قائدها ورمز صمودها السيد نصر الله.
جهوزية تامة
إن صمود المقاومة وتوسع عملياتها الصاروخية يعكسان استعدادها الكامل لمواصلة المواجهة مهما كان الثمن، ويؤكدان أن اغتيال قادتها، وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله، لن يثنيها عن متابعة مسيرتها، بل إن هذا التصعيد قد يكون بداية لانتصارات جديدة في معركة طويلة الأمد، حيث تتزايد الضغوط على كيان الاحتلال في ظل التهديد الصاروخي المتنامي والذي بات يطال قلبه وأهم مدنه.