صنعاء تسيطر على الأجواء الإسرائيلية.. ماذا يعني ذلك في معادلات الردع؟
حلمي الكمالي – المساء برس|
للمرة الثالثة على التوالي، تنجح القوات المسلحة اليمنية في قصف عمق الكيان الصهيوني “تل أبيب”، المستوطنة الأكثر تحصيناً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمقر الدفاعي الأول والمتقدم لقادة الاحتلال وجنرالات الدم والبطش التي تدير وتشرف على مذبحة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب العربي في فلسطين، ما قد يضعنا أمام تحولات نوعية وضربات إستراتيجية قاصمة تعصف بمختلف التوازنات الإقليمية وتدوي بقواعد الاشتباك رأساً على عقب.
إن نجاح الصواريخ والمسيّرات اليمنية في الوصول إلى عمق تل “أبيب” للمرة الثالثة على التوالي، بعد تجاوزها مسافة أكثر من 2040 كيلومتر، دون أي اعتراض من قِبل الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية والفرنسية المنتشرة على طول المسافة؛ على الرغم من حالة الاستنفار العالية للأمريكي والإسرائيلي، حيث أن الضربات جاءت عقب تهديدات صنعاء رسمياً بقصف العمق الإسرائيلي، وهذا بلا شك يمنح هذه الضربات انعاكسات ودلالات إستراتيجية.
لذلك، يمكن التأكيد بأن ضرب العمق الإسرائيلي للاحتلال وهو في أوج استعداداته وفي أقصى استنفار له، يشير إلى أن الضربات اليمنية ليست مجرد اختراقات ناجحة للدفاعات الإسرائيلية، بل تعكس تفوقاً تقنياً واستخباراتياً للقوات المسلحة اليمنية، وهذا لا يعكسه الوصول الناجح للصواريخ وحسب، وإنما أيضاً تنوع بنك الأهداف التي طالتها داخل “تل أبيب” وعسقلان، كما حدث في العملية الأخيرة، ما يعصف كلياً بأهم وأبرز الأسلحة التي منحت الإسرائيلي قوة الردع على مستوى المنطقة طوال العقود الماضية.
وإذا ما دققنا أكثر في تفاصيل العملية اليمنية الأخيرة في قلب “تل أبيب”، سنلاحظ أن الصاروخ والمسيّرة اليمنية تمكنت من السيطرة على الأجواء الإسرائيلية لفترة طويلة، في معركة جوية غير مسبوقة انتهت بوصول الصاروخ والطائرة اليمنية إلى أهدافهما المحددة، وسقوط صواريخ الدفاعات الإسرائيلية على رؤوس المستوطنين، بعد فشلها في الاعتراض رغم المحاولات المكثفة للمنظومة الدفاعية الصهيونية، ولعل هذا ما يفسر الإصابات التي حدثت جراء التدافع الجنوني لأكثر من مليوني مستوطن إلى الملاجىء أثناء العملية.
علاوة على ذلك، فإن الضربات اليمنية للعمق الصهيوني، تظهر عدم جدوى التحشيدات العسكرية الأمريكية في المنطقة لحماية الكيان، وتُحيل معها كل الوسائل الدفاعية والعسكرية للمنطقة المركزية الأمريكية إلى خارج نطاق الخدمة، والتي كان يعول عليها الإسرائيلي والأمريكي أيضاً في تثبيط “الردع الإستراتيجي” لصالحهما عقب انتهاء معركة طوفان الأقصى، وتلك معادلة ردع أخرى تفرضها القوات المسلحة اليمنية على طريق القدس خلال هذه المعركة المقدسة.
ولعل هذا ما يمكن استنتاجه من العملية اليمنية الأخيرة في قلب الكيان الصهيوني، والتي تزامنت مع عملية بحرية واسعة ضد البحرية الأمريكية، حيث نجحت القوات المسلحة اليمنية في استهداف 3 بوارج أمريكية في البحر الأحمر، بنحو 23 صاروخ باليستي وطائرة مسيّرة، وهي عملية تحمّل رسائل عدة مفادها أن القوات الأمريكية المنتشرة على إمتداد المنطقة، لن تستطيع حماية “إسرائيل”، بل ستتحول إلى أهداف مباشرة للصواريخ والطائرات اليمنية إذا ما استمرت في تقديم أي شكل من أشكال الدعم للكيان.
بالتالي، فإن عمليات نوعية كهذه، من شأنها تدعيم موقف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ما قد يعجل بإذن الله تعالى، بانفراجة قريبة على الشعب الفلسطيني الصامد في وجه آلة البطش الصهيونية للشهر الثاني عشر، في المقابل تعزيز حضور جبهات الدعم والإسناد في لبنان والعراق، وهو ما جسدته العملية اليمنية الأخيرة التي جاءت لدعم لبنان في مواجهة العدوان الصهيوني، الأمر الذي يعزز بدوره مبدأ وحدة الساحات بين دول وقوى محور المقاومة؛ ما يساهم في تثبيت قواعد ونقاط النصر الإستراتيجي على كافة الساحات وعلى كافة الأصعدة.