الضربات اليمنية على العمق الإسرائيلي.. تحول استراتيجي يعصف بتوازنات المنطقة
خاص – المساء برس| تحليل: يحيى محمد الشرفي|
في تطور لافت ومثير للجدل على الساحة الإقليمية، نجحت القوات المسلحة اليمنية للمرة الرابعة في قصف العمق الإسرائيلي، مستهدفة “يافا – تل أبيب”، واحدة من أكثر المناطق تحصيناً في الأراضي الفلسطينية المحتلة. هذه الضربات تأتي في سياق تصاعد الصراع الإقليمي، وتثير تساؤلات حول التغيرات الكبيرة في موازين القوى وتوازنات الردع التي حكمت المشهد لعقود.
تفوق تقني واستخباراتي
إن تمكن الصواريخ والمسيّرات اليمنية من تجاوز مسافة تتجاوز 2000 كيلومتر للوصول إلى يافا المحتلة “تل أبيب” وعسقلان دون أن تعترضها منظومات الدفاع الإسرائيلية والأمريكية، يبرز مدى التقدم التقني والاستخباراتي للقوات اليمنية. فقد جرى تنفيذ هذه العمليات رغم حالة الاستنفار القصوى لدى قوات الاحتلال، مما يشير إلى فشل واضح في منظومة الدفاع الإسرائيلية.
الضربات التي استهدفت قلب “تل أبيب” لم تكن فقط عملية عسكرية ناجحة، بل تعكس تحولاً نوعياً في قدرات الردع التي لطالما اعتُبرت السلاح الأقوى لدى إسرائيل، ولم يعد بإمكان الاحتلال الاعتماد على تلك القدرات كما كان في السابق، فاليمنيون أثبتوا أن لديهم القدرة على التحكم في الأجواء الإسرائيلية لفترات طويلة، وهو ما ظهر بوضوح عندما فشلت منظومات الدفاع في اعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ اليمنية، بل وسقطت صواريخ الدفاع على رؤوس المستوطنين أنفسهم، ما أدى إلى موجات هائلة من الذعر والتدافع نحو الملاجئ.
ضعف التحالفات الدولية
اللافت أيضاً في هذا السياق هو عدم جدوى التحشيدات العسكرية الأمريكية لحماية إسرائيل، إذ أثبتت العمليات اليمنية أن القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة ليست بمنأى عن الاستهداف. بل أصبحت تلك القوات هدفاً مباشراً كما تجلى في العملية البحرية اليمنية التي استهدفت ثلاث بوارج أمريكية في البحر الأحمر، ما يعزز الرسالة الواضحة: استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل سيجعل تلك القوات عرضة للهجمات بشكل أكبر.
فشل الدفاعات الإسرائيلية في صد الهجمات المتتالية، إضافة إلى استهداف البوارج الأمريكية، يظهر أن أي تحرك إقليمي لدعم إسرائيل لن يكون كافياً لتثبيط القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية أو حلفائها في المنطقة. وهذا يضع التحالف الأمريكي-الإسرائيلي في موقف دفاعي غير مسبوق، ويطرح تساؤلات حول مستقبل تلك التحالفات في ضوء هذه المتغيرات.
دعم المقاومة الفلسطينية وتوحيد الساحات
وتأتي هذه التطورات في توقيت حساس، حيث تواصل المقاومة الفلسطينية في غزة مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، ويبدو أن الدعم اليمني يسهم في تعزيز موقفها العسكري والمعنوي.
العملية اليمنية الأخيرة اليوم وقبلها استهداف الكيان أمس الأول بصاروخ ومسيرة بالتزامن مع ضرب المدمرات الأمريكية في البحر الأحمر في وقت واحد، تدعم بشكل مباشر هذا الصمود، وتفتح المجال لمزيد من التنسيق بين جبهات المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين، ضمن مبدأ “وحدة الساحات”، هذه الوحدة بين قوى المقاومة تجعل من الصعب على الاحتلال الإسرائيلي إضعاف أي جبهة منفردة، وتزيد من تعقيد الوضع الإستراتيجي له في المنطقة.
قواعد اشتباك جديدة.. وانهيار ردع الاحتلال
من أبرز النتائج الاستراتيجية لهذه العمليات هو التحول الجذري في قواعد الاشتباك. إسرائيل التي كانت تعتمد لعقود على تفوقها العسكري وتقنياتها الدفاعية المتطورة، باتت الآن تواجه اختراقات متتالية في عمقها الإستراتيجي، وإذا استمرت هذه الهجمات، فإنها ستؤدي إلى إعادة صياغة المعادلة الإقليمية بشكل كامل، حيث ستفقد إسرائيل عنصر الردع الذي كانت تعتمد عليه في مواجهة أعدائها.
إجمالاً، يمكن القول إن الضربات اليمنية على تل أبيب تمثل ضربة قاصمة لتوازنات القوى في المنطقة، فالمشهد الآن يتغير بشكل دراماتيكي، ومن المتوقع أن يشهد المزيد من التحولات في المستقبل القريب، مع تعزز حضور جبهات المقاومة وتكاملها في إطار دعم متبادل ضد الاحتلال.