تصاعد ضربات حزب الله الصاروخية.. تحول في ميزان القوى واستراتيجية جديدة للمواجهة
عبدالحميد شروان – وما يسطرون|
في الأيام الأخيرة، شهدت الساحة اللبنانية تصعيدًا غير مسبوق في المواجهة بين المقاومة اللبنانية وحزب الله من جهة، والعدو الإسرائيلي من جهة أخرى. حزب الله لم يكتفِ بتوجيه ضربات صاروخية اعتيادية على أهداف العدو، بل أدخل في خط المواجهة صواريخ جديدة متطورة من طراز “فادي 1” و”فادي 2″، وأعلن اليوم عن دخول الصاروخ “فادي 3” ساحة المعركة، بعد أن كانت ضرباته تقتصر على صواريخ الكاتيوشا.
هذه الصواريخ التي تستهدف القواعد العسكرية الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، وتضرب مخازن السلاح بدقة، تمثل تحولاً استراتيجيًا في القدرة الهجومية للمقاومة اللبنانية، مما يضع العدو أمام معادلة جديدة أكثر تعقيدًا.
ترسانة حزب الله.. الصواريخ الدقيقة لم تُستخدم بعد.
رغم التصعيد الكبير، يظل حزب الله حتى الآن محتفظاً بجزء كبير من ترسانته الصاروخية الدقيقة والاستراتيجية. هذه الترسانة، التي تضم صواريخ بالغة الدقة وقادرة على استهداف نقاط حيوية وحساسة داخل العمق الإسرائيلي المحتل، لم تُستخدم بعد في المعركة الحالية.
ورغم استهداف العدو المدنيين والقيام بغارات جوية مكثفة، فإن الحزب يدير المعركة بحنكة، متدرجًا في استخدام قوته، مما يبقي العدو في حالة ترقب وخوف من التصعيد الكبير الذي قد يحدث في أي لحظة.
تصعيد نتنياهو ضد لبنان لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة الضغوط الكبيرة التي يواجهها الكيان نتيجة تهجير مستوطني الشمال، وأيضًا جاء كرد فعل مباشر على التحدي الذي أطلقه السيد حسن نصر الله، الذي أعلن صراحة أن استهداف مستوطني الشمال وردعهم عن العودة إلى منازلهم سيكون جزءًا من استراتيجية المقاومة.
هذه التصريحات وضعت نتنياهو في موقف محرج، وجعلته مضطرًا إلى التصعيد في محاولة لإظهار القوة والسيطرة، من خلال تثبيت معادلة جديدة يسعى لفرضها ردًا على تحدي نصر الله: التهجير بالتهجير، خاصة مع رفض مستوطني الشمال العودة بسبب استمرار عمليات الحزب.
وعلى عكس ما يتوقع العدو، فإن البيئة الشعبية لحزب الله في الجنوب اللبناني ليست غريبة عن مشهد التهجير والدمار، فمنذ سنوات، عاش الجنوب اللبناني تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المتكرر، وأصبحت هذه البيئة أكثر صلابة وتماسكًا، ما يجعلها مستعدة للتضحية ومواجهة أي تصعيد.
الدعم الشعبي الكبير لحزب الله في هذه المناطق يظل عاملًا حاسمًا في المواجهة، حيث تعي بيئة الحزب الشعبية أن مقاومتهم هي السد المنيع الذي يحميهم من الاحتلال، ولذلك يقدمون الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على كرامتهم وأرضهم.
على الجانب الآخر، نجد أن مستوطني شمال فلسطين المحتلة يعيشون حالة من الهلع المتزايد مع كل ضربة جديدة من حزب الله، وازدياد حالة السخط في أوساطهم تجاه حكومتهم كما تشير تقارير إسرائيلية، وأنهم لا يرون في هذه الحرب أي أفق أمل.
كما أن التهجير الذي يتعرض له مستوطني الشمال لا يقتصر ضرره عليهم حصرًا، بل يمتد إلى الإضرار باقتصاد الاحتلال بشكل كبير، كما يؤثر على معنويات الجيش والمجتمع، وهو ما يُعد انتصاراً استراتيجياً للمقاومة، فضلًا عن أن خسائر إسرائيل لا تتوقف عند الخسائر المادية فحسب، بل تمتد أيضًا لتشمل الخسائر الاجتماعية والنفسية لدى المستوطنين عمومًا، والتي تزداد مع استمرار الاستنزاف، وهذا يضرب استراتيجية الأمن التي يتبناها العدو.
معادلة التهجير: حزب الله يمسك زمام المبادرة
نتنياهو، بمحاولته فرض معادلة تهجير مستوطني الشمال بمقابل تهجير سكان جنوب لبنان، يواجه تحدياً صعباً، فسكان الجنوب معتادون على هذا السيناريو، وهم متضامنون تماماً مع المقاومة، أما مستوطنو الشمال فيعيشون في ظل ضغوط نفسية واقتصادية كبيرة، مما يضع قيادة الاحتلال في موقف حرج. ومحاولات الكيان ضرب المقاومة اللبنانية من خلال استهداف المدنيين لم تُجدِ نفعاً في الماضي، ولن تنجح في كسر عزيمة المقاومة اليوم.
ومع تصاعد الضربات الأخيرة لحزب الله واستهدافه قواعد العدو ومخازن السلاح، تتضاعف خسائر الاحتلال ليس فقط على الجبهة العسكرية، بل أيضًا على الصعيد الداخلي، فالتهجير المتزايد للمستوطنين يشكل ضغطًا كبيرًا على حكومة الاحتلال، ويعكس حالة التراجع التي يعاني منها في مواجهة المقاومة.
وحزب الله، بإدخاله الصواريخ الجديدة في المعركة، يبعث برسالة واضحة أن المعركة طويلة، وأنه يملك القدرة على مواصلة الاستنزاف وضرب العدو في عمقه.