هجوم حزب الله على قاعدة “رامات ديفيد”.. ضربة موجعة للردع الإسرائيلي
عبدالحميد شروان – وما يسطرون|
فجر اليوم الأحد، شنّ حزب الله هجومًا صاروخيًا واسعًا على قاعدة “رامات ديفيد” الجوية الإسرائيلية، مستهدفًا أحد أهم المواقع العسكرية الاستراتيجية في إسرائيل. جاءت العملية في توقيت بالغ الأهمية، حيث تصدر الهجوم بعد أيام من العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي استهدف أجهزة “البيجر” واللاسلكي للكثير من العاملين في مؤسسات الحزب فضلًا عن استهداف قيادات بارزة في الحزب. هذه الضربات الإسرائيلية التي امتدت طوال الأيام الماضية كانت تهدف إلى شلّ القدرات الاتصالية والعملياتية لحزب الله، لكن الهجوم الصاروخي الذي نفذه الحزب أثبت فشلها تمامًا.
عجز الدفاعات الجوية الإسرائيلية وسقوط أسطورة الحماية الكاملة
لعلّ أهم نقطة تستدعي التحليل هي عجز الدفاعات الجوية الإسرائيلية عن التصدي لهذا الهجوم. منظومات القبة الحديدية و”مقلاع داود” و”حيتس”، التي لطالما روجت إسرائيل أنها درعها الحصين ضد أي هجوم، فشلت بشكل صادم في إيقاف صواريخ حزب الله. ورغم الإعلان الإسرائيلي عن إطلاق بعض الصواريخ الاعتراضية، فإن العملية لم تحقق النجاح الكامل في حماية القاعدة المستهدفة، مما يظهر ضعفًا في قدرة “إسرائيل” على التصدي لهجمات معقدة ومتعددة الجبهات.
لقد جاءت الضربة كرسالة واضحة إلى “إسرائيل” بأن حزب الله يمتلك القدرة على تجاوز هذه الدفاعات المتطورة، التي تكلفت مليارات الدولارات، واستهداف مواقع عسكرية حساسة داخل الأراضي المحتلة.
هذا الفشل في التصدي للهجوم الصاروخي يقلل بشكل كبير من هيبة الردع الإسرائيلي ويضع تساؤلات حول مدى جهوزية الكيان المحتل في مواجهة تهديدات قادمة من حزب الله أو من فصائل محور المقاومة الأخرى في المنطقة.
ما يجعل العملية أكثر أهمية هو توقيتها، إذ جاءت بعد أيام من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت بشكل خاص قدرات الاتصال والتنسيق داخل حزب الله. كان من المتوقع أن تؤثر هذه الضربات على جاهزية الحزب للرد، ولكن كما بدا أنه قد استوعب الضربة واستطاع إعادة ترتيب صفوفه بشكل أسرع مما كان متوقعًا. هنا تتجلى براعة حزب الله في امتصاص الضربات والرد في توقيت حاسم يبرز قدرته على التعامل مع الأزمات العسكرية.
عملية “رامات ديفيد” لم تكن مجرد رد تقليدي، بل كانت بمثابة إعلان واضح أن حزب الله لا يزال يمتلك زمام المبادرة، وأن استهدافه ليس بالسهولة التي قد تتصورها “إسرائيل”. كما أن الهجمات الإسرائيلية لم تحقق أهدافها المعلنة بشلّ قدرات الحزب، بل أظهرت أن حزب الله قادر على استيعاب الصدمة وتحويلها إلى فرصة للهجوم.
قاعدة “رامات ديفيد”.. استهداف الرمز الاستراتيجي:
الهجوم على قاعدة “رامات ديفيد” ليس مجرد استهداف عادي. القاعدة تعتبر من أهم المراكز العسكرية الإسرائيلية، فهي تحتوي على طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي مهمة، وتعتبر جزءًا من العمود الفقري للقوة الجوية الإسرائيلية. استهداف هذه القاعدة يحمل دلالات رمزية واستراتيجية كبيرة، إذ يُظهر قدرة حزب الله على الوصول إلى العمق الإسرائيلي وضرب الأهداف الحساسة.
الرسالة التي أراد حزب الله إيصالها واضحة: إذا كانت “إسرائيل” قادرة على ضرب مواقع داخل لبنان، فإن الحزب قادر أيضًا على استهداف مواقع استراتيجية داخل “إسرائيل”، ما يخلق حالة من توازن الردع ويعزز معادلة “الأمن مقابل الأمن”.
ولا شك أن هذا الهجوم سيترك أثرًا عميقًا على مفاهيم الردع الإسرائيلية، فجيش الاحتلال الذي يعتمد على تفوقه الجوي وقدرته على حماية أجوائه من الهجمات بات اليوم يواجه تحديًا حقيقيًا. حيث أن حزب الله لم يستهدف موقعًا هامشيًا أو رمزياً، بل اختار بدقة هدفًا استراتيجيًا يحظى بأهمية قصوى في التوازن العسكري الإسرائيلي.
الهجوم يوجه رسالة قوية أيضًا بأن الدفاعات الجوية الإسرائيلية ليست منيعة كما تدعي، وأن حزب الله بات يمتلك وسائل متطورة تمكنه من تجاوز تلك الدفاعات، هذه الضربة ستدفع صناع القرار في الكيان المحتل إلى إعادة التفكير في استراتيجية التعامل مع حزب الله، وربما تدفعهم إلى المزيد من الحذر في اتخاذ خطوات تصعيدية قد تؤدي إلى ردود مشابهة أو حتى أقوى.
وفي المجمل، ما قام به الحزب باستهداف قاعدة “رامات ديفيد” ليس مجرد هجوم صاروخي عابر، بل هو ضربة نوعية تحمل في طياتها العديد من الرسائل العسكرية والسياسية، وأثبت من خلالها مجددًا أنه يمتلك القدرة على المناورة والرد في توقيتات حرجة، وأنه قادر على ضرب الأهداف الأكثر حساسية في قلب الكيان المحتل.
وفي المقابل، يبدو أن الكيان بدأ يسشعر ثقل الضغوط، خاصة بعد العملية الأخيرة للحزب، وتراجع قوة الردع التي كان يتمتع بها لعقود. وأكدت هذه الضربة أن حزب الله لا يزال لاعبًا رئيسيًا في المنطقة، وأن معادلة الصراع مع “إسرائيل” لا يمكن أن تستمر كما كانت، وستدخل مرحلة جديدة يؤخذ فيها بعين الاعتبار القدرات المتنامية للمقاومة.