النبي الأعظم (محمد) من مكة إلى المدينة رحلة الإصلاح والتغيير
محمد بن عامر – وما يسطرون – المساء برس|
ولد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل، الموافق لأبريل من عام 571 ميلادياً، ووالده عبد الله توفي قبل مولده. وتولت حليمة السعدية رعايته في سنواته الأولى، حتى عادت به إلى أمه آمنة بعد أن أكمل عامين. وتوفيت آمنة وهو في السادسة من عمره، فكفله جده عبد المطلب، ثم عمه أبو طالب بعد وفاة عبد المطلب.
عمل النبي محمد كراع للغنم ثم بالتجارة. وعرف بين أهل قريش بأمانته، حتى أنهم كانوا يلقبونه بالصادق الأمين. وكان يصون أماناته، ولا يسجد للأصنام، مفضلاً الانعزال والتعبد في غار حراء.
وفي عمر الأربعين، تلقى نبينا الأعظم أول وحي من الله، في غار حراء، وبدأ الوحي ينزل عليه، وكان أول ما نزل منه سورة العلق:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.
واستمر الوحي ينزل عليه ثلاثة وعشرين عاماً.
بدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم دعوته للإسلام في عام 610 ميلادي، عندما تلقى أولى الوحي من الله عبر جبريل في غار حراء. في البداية، كانت الدعوة سرية في مكة لمدة ثلاث سنوات، ثم أعلن النبي دعوته بشكل علني في عام 613 ميلادي. بعد ذلك، استمرت الدعوة الجهرية حتى الهجرة إلى المدينة المنورة.
بعد الهجرة، دخلت الدعوة مرحلة جديدة تضمنت القتال ضد المعتدين والبادئين بالشر. في هذه المرحلة، أسس النبي محمد صلى الله عليه وسلم دولة إسلامية مستقلة في المدينة المنورة، وأرسى قواعد الحكم العادل والشريعة الإسلامية، وبدأت الدعوة بالانتشار بشكل أوسع لتصل إلى مناطق جديدة في الجزيرة العربية.
وهكذا ترك النبي محمد أثراً كبيراً في نفوس المسلمين، حتى بعد وفاته بأكثر من ثلاثة عشر قرناً. وكثرت مظاهر محبة المسلمين وتعظيمهم له باتباعهم لأمره، واحتفاظهم بأسلوب حياته وتعبده لله، وقيامهم بحفظ أقواله وأفعاله وصفاته في كتب السيرة والحديث النبوي.
كان المشروع الاجتماعي للإسلام، كما تصوره النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، مشروعًا شاملاً يهدف إلى إقامة مجتمع عادل قائم على المساواة والعدل. فقد أكد على أهمية حقوق الفقراء والنساء والأطفال، وحث على مساعدتهم ورعايتهم. كما نهى عن التمييز بين الناس، وروج لفكرة الجدارة، وإلغاء الامتياز الأرستقراطي، وجعل المكانة الاجتماعية ترتكز على الفضيلة والتقوى، وليس على النسب أو الثروة.
وشملت إصلاحات النبي الأعظم أيضًا إعادة تعريف هيكل الأسرة، إلى جانب توفير المخصصات للمحتاجين وإنشاء شبكة أمان اجتماعي قوية.
إن صعود الإسلام السريع ليصبح واحدًا من أكثر الديانات انتشارًا في العالم هو شهادة على تأثير النبي محمد كرسول بعثه الله لهداية البشر. فالمسلمون في جميع أنحاء العالم يعتبرونه المثل الأعلى للسلوك الأخلاقي ونموذجًا للبشرية جمعاء، حتى العلماء غير المسلمين، من فولتير إلى نابليون بونابرت، اعترفوا بمساهمة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كـ”مشرع ورجل دولة”.
في سياقنا المعاصر، حيث يبدو أن العالم يتجه نحو الفوضى ويتفكك النظام العالمي المتمركز حول الغرب بسرعة، تتقدم الرسالة المحمدية كأمل للبشرية في بناء نظام عالمي جديد، قائم على قيم الإسلام، بما يحقق الغاية الإلهية من الوجود، وهذا ما ينبغي أن يكون هاجس الأمة الإسلامية في ظل انهيار النظام العالمي الحالي.
من حائط الكاتب على منصة أكس