الاحتلال الإسرائيلي يصعّد الحرب السيبرانية: فوضى في لبنان وتواطؤ أمريكي محتمل
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في خطوة غير متوقعة، شن الاحتلال الإسرائيلي هجومًا سيبرانيًا واسع النطاق استهدف أجهزة اتصالات نقالة في لبنان، مما أدى إلى خلق حالة من الفوضى العارمة في بلد يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية متفاقمة. هذه الهجمات، التي طالت وسائل الاتصال الرخيصة التي يعتمد عليها العديد من اللبنانيين، تعكس استراتيجية عدوانية جديدة للاحتلال تهدف إلى ضرب النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبنان من الداخل، دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة.
الصور القادمة من لبنان مروعة؛ فالضحايا هذه المرة ليسوا جنودًا أو مقاومين، بل مدنيون يعتمدون على أجهزة الاتصالات الأساسية، والتي استهدفت في توقيت حساس للغاية. هذه الأجهزة التي تم اختراقها وربما تلغيمها مسبقًا، وفق بعض التقديرات، لا يمكن فصلها عن سياق التحركات العسكرية المحتملة للاحتلال الإسرائيلي. فالهجوم السيبراني هذا قد يكون مجرد تمهيد لتحركات عسكرية أوسع على الحدود الجنوبية للبنان، حيث يسعى الاحتلال إلى خلق منطقة عازلة تضمن له السيطرة على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة.
ما يثير الريبة هنا هو الدور الأمريكي في هذه الجريمة الإلكترونية. فقد سعت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة إلى إقناع الاحتلال الإسرائيلي بعدم التصعيد ضد لبنان، عبر إرسال مبعوثها الخاص إلى المنطقة وإجراء اتصالات مكثفة بين مسؤولي الدفاع الأمريكيين والإسرائيليين. ومع ذلك، يبدو أن الاحتلال ماضٍ في خطته التصعيدية، دون اكتراث بالتحذيرات الأمريكية. هذا الموقف يعكس تواطؤًا غير مباشر من واشنطن، التي رغم محاولاتها لوقف التصعيد، تجد نفسها شريكة في هذا العدوان بحكم التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل.
التصعيد الإسرائيلي على لبنان قد يكون وشيكًا، خصوصًا بعد استدعاء رئيس حكومة الاحتلال لاجتماع أمني عاجل، وما يرافق ذلك من تحركات ميدانية على الجبهة الجنوبية. يسعى الاحتلال لاستغلال حالة الفوضى الناتجة عن الهجمات السيبرانية لتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض، خاصة في ظل فشله في إخضاع المقاومة اللبنانية عبر الوسائل العسكرية التقليدية أو الضغوط الدبلوماسية.
لكن، كما أظهر التاريخ، فإن المقاومة في لبنان قادرة على امتصاص هذه الصدمات والتعامل بفعالية مع مختلف خطط الاحتلال. فحزب الله، الذي رفض عرضًا أمريكيًا للتراجع عن الحدود بمسافة 10 كيلومترات، يتمسك بدوره كدرع للبنان في مواجهة أي عدوان صهيوني. ومهما كانت نوايا الاحتلال من التصعيد العسكري أو السيبراني، فإن الرد سيكون حاسمًا، وقد يقلب المعادلة على رؤوس المحتلين.
في النهاية، التصعيد الإسرائيلي قد يحاول حفظ ماء وجه الاحتلال الذي تلطخ بهزائم متعددة في الأشهر الأخيرة، إلا أن النتائج قد تكون كارثية على المنطقة بأكملها. فالعدوان على لبنان لن يمر دون رد، والمقاومة أثبتت قدرتها على مواجهة كافة أشكال الهجوم، سواء كانت عسكرية، إلكترونية أو دبلوماسية.