العصر الذهبي لحاملات الطائرات الأمريكية.. اليمن يخط فصل النهاية
خاص – المساء برس| تحليل: يحيى محمد الشرفي|
نشرت مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأمريكية تقريراً مفصلاً يثير تساؤلات جدية حول مستقبل حاملات الطائرات الأمريكية في ظل التهديدات العسكرية الحديثة، ولعل أبرز هذه التهديدات تلك التي فاجأ بها اليمنيون البحرية الأمريكية في البحر الأحمر ضمن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس وهي التسمية التي أطلقها اليمن على جبهته العسكرية المساندة لغزة بوجه العدوان الإسرائيلي على غزة.
التقرير يلقي الضوء على التحولات الكبيرة في مشهد القوة العسكرية، ويشير إلى أن حاملات الطائرات، التي كانت تُعتبر العمود الفقري للقوة الهجومية للبحرية الأمريكية لعقود، قد تكون على وشك مواجهة نهاية عصرها الذهبي.
وسلطت المجلة الضوء على تطور أساليب الهجمات اليمنية التي تهدد حاملات الطائرات، والتي تشمل الطائرات بدون طيار وأنظمة الصواريخ المتطورة.
وأشارت المجلة إلى أن من بين هذه الأساليب، تصدرت الصواريخ الأسرع من الصوت قائمة التهديدات، حيث يشير ضباط البحرية الأمريكية إلى أنها تتمتع بقدرتها على التحرك بسرعات عالية جداً وبطرق غير متوقعة، وأن ذلك يجعل من الصعب على أنظمة الدفاع على حاملات الطائرات مواجهتها بشكل فعال.
ووصف التقرير أيضًا كيف أن التهديدات الحديثة اليمنية مثل الغواصات المسيّرة والزوارق المسيّرة قد زادت من مستوى الخطر الذي تواجهه حاملات الطائرات.
وفي هذا الخصوص رصد “المساء برس” تقارير تحليلية سابقة صادرة عن مراكز ابحاث عسكرية أمريكية وغربية أشارت إلى أن هذه الأنظمة غير المأهولة يصعب اكتشافها ومواجهتها، مما يضع السفن الكبيرة، مثل حاملات الطائرات، في وضع دفاعي صعب.
وتطرق التقرير الأمريكي إلى أن الصواريخ الباليستية والمجنحة التي تم تخصيص مئات الملايين من الدولارات لتطوير دفاعات ضدها أصبحت أقل فاعلية أمام الصواريخ الأسرع من الصوت.
تحليل استراتيجية البحر الأحمر: قوة اليمن العسكرية في مواجهة التهديدات
في سياق هذه التهديدات، تبرز التحديات التي تواجهها حاملات الطائرات الأمريكية في مناطق النزاع مثل البحر الأحمر.
البحر الأحمر، الذي شهد تزايدًا في استخدام الأنظمة غير المأهولة، يبرز كمثال على كيف أن هذه التقنيات التسليحية البسيطة في صناعتها والمتقدمة تكنولوجياً في وقت واحد أصبحت تشكل اكبر تهديد حقيقي لحاملات الطائرات التي لم تتمكن إحداها من حماية نفسها من هكذا هجمات كما حدث مع الحاملة دوايت دي آيزنهاور شمال البحر الأحمر والتي تعرضت لأربع هجمات متتالية في غضون أسبوعين من قبل اليمن ما اضطر البنتاغون الأمريكي اتخاذ قرار سحبها من مسرح العمليات اليمنية، خوفاً على سمعة الأسلحة الأمريكية من التشويه بعد أن فقدت مسبقاً سمعة طائراتها المسيرة الأحدث والأغلى ثمناً (إم كيو 9 رايبر) التي تمكنت اليمن من تحييدها نهائياً وإسقاطها واحدة تلو الأخرى ليصل مجموع ما أسقطته اليمن منها منذ بدء التدخل العسكري الأمريكي ضد اليمن حماية لإسرائيل منذ يناير الماضي 9 طائرات.
إن تجربة القوات المسلحة اليمنية في المواجهة العسكرية مع البحرية الأمريكية في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن، أظهرت كيف أن اليمن بات قوة عسكرية لا يُستهان بها وتتنامى قدراتها العسكرية بشكل ملحوظ في المنطقة وباتت على قدرة عالية في مواجهة تهديدات البحرية الأمريكية والغربية عموماً التقليدية.
أما على مستوى تهديد الأصول الحربية البحرية الأمريكية فإن المنظومات التسليحية اليمنية المبتكرة وغير المألوفة في تاريخ الحروب البحرية الحديثة، تتصدر قائمة هذه التهديدات بدليل فشل الولايات المتحدة في مواجهة التكتيكات اليمنية الحربية والتسليحية التي يفاجئ بها اليمن عدوه وصديقه في آن، فالأنظمة التسليحية اليمنية من صواريخ باليستية ومجنحة مضادة للسفن للصواريخ الفرط صوتية للطائرات بدون طيار للغواصات غير المأهولة والزوارق السطحية المأهولة وغير المأهولة أيضاً جميعها أصبحت بنظر الغرب ووزارة الدفاع الأمريكية عناصر مهمة في قائمة التهديدات التي تتهدد الأصول الحربية البحرية لواشنطن، وبما أن هذه الأنظمة استطاعت أن تلعب دوراً مهماً وكبيراً في مواجهة حاملات الطائرات الأمريكية فإن ذلك يعكس تحولاً في القوة العسكرية على مستوى العالم كان سببه اليمن وقواته المسلحة.
إعادة تقييم استراتيجية الدفاع
ومما يعزز حقيقة أن المنظومات التسليحية اليمنية استطاعت تهديد العمود الفقري للبحرية الأمريكية ممثلة بحاملات الطائرات، هو تصاعد الدعوات واستنتاجات التقارير التحليلية لخبراء ومستشارين عسكريين حاليين وسابقين للبنتاغون في مراكز الأبحاث العسكرية إلى ضرورة مضي واشنطن نحو إعادة تقييم استراتيجيتها الدفاعية، فمهما كانت مزاعم مهندسي البحرية الأمريكية حول قدرة حاملات الطائرات الأمريكية على الصمود، فإن الواقع الذي شهده مسرح العمليات اليمنية البحرية خلال الأشهر الماضية يشير إلى أن الأمر بالنسبة لواشنطن يتطلب إعادة تقييم جدية، فالحملات الدفاعية المعقدة والصيانة المكلفة لهذه السفن قد لا تكون مجدية في ظل التهديدات الجديدة التي لا تتطلب سوى بضعة آلاف من الدولارات.
لقد أنهت بالفعل معركة البحر الأحمر بين اليمن والولايات المتحدة حقيقة أن حاملات الطائرات هي العنصر الرئيسي في العقيدة والاستراتيجية العسكرية البحرية لواشنطن.
في ضوء هذه التهديدات المتزايدة، يطرح خبراء ومستشاروا البنتاغون في تحليلاتهم وتعليقاتهم على معركة البحر الأحمر واداء البحرية الأمريكية الفاشل في المواجهة مع القوات اليمنية والمنظومات الهجومية لصنعاء تساؤلات حول ما إذا كانت حاملات الطائرات قد أصبحت عتيقة وغير مجدية وفشلت في مواجهة أساليب عسكرية هجومية جديدة كالتي ينتهجها اليمن، كما يؤكد معنيون بالملف العسكري الأمريكي من أعضاء الكونجرس الأمريكي أنه ومع تزايد الاعتماد على الأسلحة المتطورة والأنظمة غير المأهولة من قبل خصوم الولايات المتحدة، يبدو أن الوقت قد حان لإعادة النظر في مدى فعالية حاملات الطائرات كمنصات هجومية استراتيجية.
رمز القوة الأمريكية في الطريق نحو النهاية
في المحصلة فإن التهديدات المتزايدة والتطورات التكنولوجية السريعة أظهرتها العسكرية اليمنية، قد تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها البحرية، ما يعني أننا أمام فشل عسكري أمريكي ذريع لأول مرة تشهده واشنطن منذ 4 عقود ولعله الفشل الأول في تاريخ أمريكا من ناحية حروبها البحرية.
ووفقاً لما تورده تقارير الصحافة الأمريكية ومراكز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية والعسكرية، يظهر بوضوح أن حاملات الطائرات، على الرغم من كونها رمزًا للقوة العسكرية الأمريكية، قد تكون أو أصبحت بالفعل في طريقها إلى النهاية كعصر ذهبي بسبب التهديدات الجديدة والتحديات المتزايدة التي جاءت بها القوات المسلحة اليمنية. ولذلك ليس من المستغرب أن يخرج قادة عسكريون وسياسيون أمريكيون في القريب العاجل للمطالبة علناً بضرورة البحث عن استراتيجيات دفاعية جديدة تواكب التغيرات في ساحة المعركة العالمية وتلبية متطلبات “الأمن البحري الأمريكي” في المستقبل.