موقع بريطاني: البحر الأحمر تحت سيطرة الحوثيون وواشنطن اعترفت بالهزيمة
الحديدة – المساء برس|
نشر موقع “Unherd” البريطاني، اليوم الاثنين، مقالًا للكاتب السويدي، مالكوم كييوني، قال فيه إن الحوثيين باتوا اليوم يسيطرون على البحر الأحمر وسط اعتراف أمريكي بالهزيمة.
وذكر كييوني، أن الحصار البحري الذي يفرضه الحوثيون اليوم أصبح أقوى من أي وقت مضى، وسط يئس الجيش الأميركي من محاولة رفعه، فقبل أسبوعين فقط، وفي مواجهة الردع الذي تدعمه حاملات الطائرات الأميركية، تمكن الحوثيون من الصعود إلى متن ناقلة نفط تحمل العلم اليوناني، وزرعوا بعض المتفجرات، وهتفوا “الموت لأميركا! الموت لإسرائيل!” بينما كانت السفينة تحترق. وفي الأسبوع الماضي، اعترف البنتاغون بهدوء بأن الناقلة لا تزال مشتعلة ويبدو الآن أنها تتسرب منها النفط.
واعتبر أن هذا الأمر ينبغي أن يكون خبرًا ضخمًا، حيث أحد أهم طرق التجارة في العالم يتم الآن حجبه من قبل مجموعة من المقاتلين، والبحرية الأمريكية قد رفعت يدها مهزومة، وأبحرت بعيدًا.
ويعبر الكاتب عن استغرابه من حدوث ذلك، على الرغم من كون البحرية الأميركية هي الأقوى في العالم، وهو ما يصرّ كل فيلم حربي على مدى العقدين الماضيين تذكيرنا به، حيث لا يتطلب الأمر، وفق الأفلام الحربية، سوى حاملة طائرات واحدة لإجبار دولة نامية على الركوع، وربما لا تكون أميركا عظيمة في “بناء الأمم”، إلا أنها تعرف كيف تقصف كل شيء حتى تتوقف كل المقاومة المناوئة لها، وفق الكاتب.
ويضيف مستدركًا: إلا أن اليمن، هو المكان الذي تصطدم فيه هذه السرديات بالواقع. على عكس أفغانستان أو العراق، فإن المحاولات لفتح قناة السويس لا تمثل حقًا نوعًا من “الحرب الاختيارية” التي يمكننا ببساطة الابتعاد عنها عندما نشعر بالملل. إذ أن استمرار الحصار، سيعني على الأقل شيئين: أولاً سيشهد العالم بأسره دليلًا دراماتيكيًا على تزايد العجز العسكري والسياسي للغرب، مما سيترتب على ذلك تداعيات حقيقية على الدبلوماسية الغربية في مناطق مثل المحيط الهادئ.
ثانيًا، وربما الأكثر أهمية، أن قناة السويس هي واحدة من أهم طرق التجارة في العالم، وإجبار سفن الشحن على تجاوزها سيظهر في نقص الإمدادات والتضخم الهيكلي، خصوصًا في الاقتصادات الأوروبية. أوروبا تعاني بالفعل من مرضين مزدوجين: نمو ضعيف وأزمة طاقة؛ حصار طريق تجاري رئيسي هو عكس ما نحتاجه، وفق المقال.
ويتابع: ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما حدث، وهذه المرة من الواضح أن الولايات المتحدة لا تعرف ما يجب فعله، ففي ديسمبر من العام الماضي، أطلقت البحرية الأميركية والقيادة المركزية الأميركية عملية “حارس الازدهار” التي كان من المفترض أن تحمي حركة الشحن من ضربات الصواريخ الحوثية. وفي يناير، عندما بدأت هذه المهمة تفشل، أطلقت عملية “آرتشر بوسيدون”، التي كانت تهدف إلى قصف الحوثيين لإجبارهم على الاستسلام وردعهم عن مزيد من الهجمات على التجارة، إلا أن النتيجة كانت مخيبة للآمال للغاية: بعد أشهر، كانت الخسائر اليمنية قد وصلت إلى “على الأقل” 22 قتيلًا، بينما فقدت الولايات المتحدة عدة طائرات مسيرة من طراز MQ-9 Reaper بسبب صواريخ الحوثيين المضادة للطائرات واثنين من أفراد قوات البحرية الخاصة (Navy SEALs) الذين غرقوا أثناء محاولتهم مصادرة شحنة من مكونات الصواريخ المتجهة إلى اليمن.
من النظرة الأولى، يمكن أن تشير الخسائر القليلة إلى نقص بسيط في الإرادة الأمريكية؛ وقد يقول الكثيرون إن المشكلة تكمن في أن الولايات المتحدة تلعب ببساطة بقفازات الأطفال، إلا أن هذا ليس صحيحًا إطلاقًا، فالولايات المتحدة، قد حاولت، بأقصى ما تستطيع تحديد واستهداف الأسلحة الحوثية ومنصات الإطلاق داخل اليمن بدقة، ولكن المشكلة تكمن في شيء واحد ببساطة: إنها لا تستطيع ذلك. في عصر حرب الطائرات بدون طيار ومنصات الإطلاق المتنقلة والبنية التحتية المتقدمة للأنفاق، تفتقر الولايات المتحدة ببساطة إلى القدرة على تحديد وتفجير غالبية الطائرات بدون طيار أو الصواريخ قبل إطلاقها. هذه المشكلة ليست جديدة تمامًا أيضًا: كان “صيد سكود” مشكلة كافية خلال حرب الخليج الأولى، وكانت منصات إطلاق سكود أشياء ضخمة وثقيلة. اليوم، مع تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والصواريخ الجديدة، فإن العثور على منصة إطلاق طائرة بدون طيار داخل سلسلة جبلية يشبه البحث عن إبرة في كومة قش.
وبحسب كييوني، فإن هناك مشكلة أكثر وضوحًا أيضًا: الطائرات بدون طيار رخيصة، بينما صواريخ الاعتراض الأمريكية والقنابل الموجهة بدقة باهظة الثمن للغاية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الطريقة التي تُسلم بها هذه القنابل – الطائرات المقاتلة المأهولة – تضيف طبقة أخرى من التكلفة، لأن المقاتلات النفاثة يمكن أن تكلف أكثر من 100 مليون دولار في تكلفة الإطلاق، وأكثر بكثير عند احتساب تدريب الطيارين (ما لا يقل عن 10 ملايين دولار للحصول على الكفاءة الأساسية)، والصيانة والبنية التحتية. بعبارة أخرى يمكن تلخيص ذلك في جملة واحدة: كلما حاربت أمريكا الحوثيين، كلما خسرت.
ويضيف: تحت هذا الاستراتيجية يوجد ما يمكن أن يسمى نهجًا حديثًا لممارسات عصر الحرب العالمية الثانية. اليوم، الطائرات أسرع، وحاملات الطائرات أكبر وتستخدم الدفع النووي، والمدمرات مجهزة بالصواريخ بدلًا من المدافع – لكن المنطق وراء انتشارها يعتمد بشكل كامل على النظرة الرجعية. إذ أن استخدام الطائرات المأهولة للقصف لمسافات طويلة كان له دور مركزي في السابق؛ لأنه لم يكن هناك بديل؛ إذا كنت تريد كرة كبيرة من المتفجرات تهبط بدقة عبر الهواء، كان يجب أن يكون هناك شخص يقودها من فوق. هذا، بالطبع، لم يعد صحيحًا، ومع ذلك فإن مزيجًا من الهيبة والرضا وغياب قاعدة صناعية وظيفية يتآمر لجعل الجيش الأمريكي غير ذي صلة بشكل متزايد.
والنتيجة لهذا، يقول الكاتب السويدي، يمكن الآن مشاهدتها في البحر الأحمر. فإذا كانت البحرية الأمريكية لا تستطيع حتى رفع الحصار الذي فرضته اليمن، واحدة من أفقر الدول في العالم، فإن فكرة رفع حصار حول تايوان هي خيال تام. إذا كانت الولايات المتحدة لا تستطيع المنافسة في إنتاج الأسلحة مع إيران، فيجب التخلي فورًا عن فكرة التفوق على الصين.
ولكن لهذا السبب أيضًا سيتم استقبال الهزيمة في البحر الأحمر بالصمت. أكثر من أي صراع آخر يدور اليوم، يسلط الضوء على الأزمة داخل التنظيم العسكري الغربي، وكذلك حقيقة أنه لا يوجد طريقة حقيقية لإصلاحها. الاعتراف بعجزنا هو الاعتراف بأن عصر الهيمنة الغربية قد انتهى بالفعل. في ظل قلة الخيارات، سنستمر في السماح للحوثيين بتفجير سفننا – ثم نتظاهر بأن الأمر لا يهم حقًا، حسب قوله.