التعليم في اليمن.. ضحية مؤامرة أمريكية – إسرائيلية لإعادة صياغة الهوية

خاص – المساء برس|تقرير: محمد بن عامر

التعليم هو أحد أهم العناصر لبناء المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة، وعلى الرغم من أهميته، تعرض هذا القطاع في اليمن لعمليات استهداف ممنهج عبر العقود الماضية، خصوصاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي عملت على استهدف التعليم خلال فترتين رئيسيتين: الثمانينات والتسعينات، وصولاً إلى العقد الأول من الألفية الجديدة.

هذا التقرير يستعرض أبرز المواضيع والقضايا التي تتعلق بهذه القضية، اعتمادًا على شهادات عدد من الجواسيس الذين كانوا جزءًا من تلك العملية.

تشير الشهادات الواردة من أعضاء في خلية الجواسيس في اليمن إلى وجود عمليات ممنهجة لاستهداف التعليم من قبل القوى الأجنبية، تمثلت في تعديل المناهج وتوجيه العملية التعليمية بما يتماشى مع الأجندات الأمريكية والإسرائيلية.

كان هناك استقطاب لعدد من المعلمين والكوادر التعليمية للحصول على منح دراسية في الولايات المتحدة، وقد أفضى ذلك إلى تشكيل قادة تربويين يتبنون رؤى بعيدة عن الثقافة اليمنية.

الاستهداف الأمريكي للتعليم في اليمن

منذ بداية الثمانينات، قامت الاستخبارات الأمريكية باستقطاب عدد كبير من الكوادر التعليمية والمناهج إلى أمريكا لتطوير المنظومة التعليمية في اليمن ظاهرًا فيما أن الأهداف في باطنها كان في تقديم مناهج تسهم في إضعاف هوية الأجيال الجديدة وتعليمهم قيمًا بعيدة عن ثقافتهم.

برامج مثل “مشروع تحسين التعليم الأساسي” و”مشروع استثمار التعليم” كانت تهدف ظاهريًا إلى تطوير التعليم ولكنها كانت تحمل في طياتها أهدافًا خفية مثل:

– إغراق اليمن بمزيد من القروض الاقتصادية.
– تسريب قيم وثقافات تعزز من مفاهيم فصل الدين عن الدولة.
– تهميش الهوية الثقافية والدينية للطبيعة التعليمية.

قضايا أساسية متعلقة بالتدجين الثقافي وطمس الهوية:
  • الكثير من البرامج التدريبية التي تم تسليمها للمعلمين والمربين لم تكن تستهدف بناء قدراتهم الفعلية، بل إلى خلق بيئة تعليمية مشوشة وضبابية، مما يساهم في تشكيل عقلية منحرفة لا ترتبط بقيم المجتمع.
  • تكشف خلية التجسس عن تعديل المناهج الدراسية بطريقة تهدف إلى إضعاف الهوية الثقافية والدينية لليمنيين، وإدخال مفاهيم تتعلق بفصل الدين عن الدولة ونشر مبادئ النوع الاجتماعي والجندر.
  • تضمنت المناهج المعدلة مواقف وصور تتعارض مع القيم اليمنية، في محاولة لإنشاء بيئة تعليمية تتضارب فيها الأفكار لدى الطلبة وتجعلهم عرضة للتغيرات الثقافية.
  • قامت الخلية بإدخال مصطلحات وممارسات لا تتماشى مع المجتمع اليمني مما من شأنه التأثير على القيم الاجتماعية والسلوكيات.
  • تم تضمين مفاهيم إضافية من خلال الكتب التي تم تأليفها تحت إشراف المنظمات الأمريكية، مثل مفاهيم “ثقافة السلام”، التي تروج لفكرة الاستسلام بدلًا من المقاومة، وهو ما يعكس محاولة لصياغة وعي أجيال تتمتع برؤية مقيدة نحو واقعهم.
  • ضمن المناهج التعليمية، تم تسريب معلومات تهدف إلى تقليل الشعور بالعداء تجاه الاحتلال، مما يخلق جيلًا ينشأ بعيدًا عن الانتماء الوطني ويعاني من نشر القيم التي تناقض روايته التاريخية.

إبعاد الأجيال عن قضاياهم المصيرية

تحدث العديد من الجواسيس عن أن التعليم أصبح أداة لتغيير الوعي المجتمعي وإبعاد الطلاب عن قضاياهم الأساسية، وكانوا يهدفون إلى جعل الأجيال القادمة أقل وعياً بقضاياهم على رأسها القضية الفلسطينية.

قضايا بارزة تتعلق بإبعاد الأجيال:

  • تم تضمين مفاهيم محاربة التطرف والإرهاب، في محاولة لتشويه فكرة الجهاد في أذهان الشباب.
  •  تم توجيه الدروس بحيث تكون ضد مصلحة الهوية الوطنية والقومية، من خلال تشويه الحقائق التاريخية حول الصراع مع الاحتلال.
  •  حاولت الخلية فرض واقع بحيث تحرف مسار التعليم وتفرغه من مضمونه وألا يتضمن دوره التركيز على تعزيز المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة، إنما بجعل الأجيال الجديدة أقل قدرة على التفكير النقدي وفهم قضاياهم المصيرية.

ضرورة تعزيز الوعي وإعادة البناء على أسس ثقافية ودينية

وهذا لا يزال التعليم في اليمن يعاني من آثار الاستهداف الممنهج الذي تعرض له عبر العقود الماضية ضمن مؤامرات ومخططات خبيثة تستهدف خلق أجيال مشوهة، وذلك من خلال تعديل المناهج الدراسية، وتوجيه الدروس بحيث تكون ضد مصلحة اليمن، وتقديم برامج تدريبية تهدف إلى خلق بيئة تعليمية مشوشة.

ومما سبق، يكشف لنا بوضوح استراتيجية أمريكية مدروسة لضرب التعليم في اليمن، وكيف أن الولايات المتحدة سعت منذ الثمانينات لاستهداف المنظومة التعليمية اليمنية عبر استقطاب الكوادر التعليمية وتقديم منح دراسية مشروطة، وتطوير برامج تعليمية مزعومة، بهدف إعادة صياغة المناهج الدراسية، وإضعاف الهوية الثقافية والدينية لليمنيين، وتمرير مفاهيم تتعارض مع القيم المجتمعية، ونشر قيم وثقافات تناقض هوية اليمن، إلى جانب تهميش الروح الوطنية وإضعاف روح المقاومة لدى الأجيال الجديدة مما يؤدي إلى إبعادهم عن القضايا المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وفي النهاية، نعي جيدًا أن التأثيرات المترتبة لهذه المخططات والاستراتيجيات التدجينية ما زالت حاضرة في المشهد الثقافي والتعليمي اليمني، وهو ما يستدعي مزيدًا من الوعي والتصدي لها عبر تعزيز الوعي والتنمية التعليمية القائمة على الإنتماء الديني والوطني، إلى جانب الجهود الرامية إلى إعادة بناء المنظومة التعليمية اليمنية على أسس ثقافية دينية إيمانية بعد التدمير الذي أصابها جراء العقود الطويلة من المؤامرات والاستهدافات الممنهجة لكل مظاهر الحياة في البلد.

 

 

 

قد يعجبك ايضا