بلومبيرغ الأميركية تكشف كواليس تراجع السعودية عن قراراتها العدائية ضد صنعاء
صنعاء – المساء برس|
كشفت وكالة بلومبيرج الأميركية، أمس الجمعة، عن كواليس تراجع المملكة السعودية عن قراراتها العدائية في القطاع الاقتصادي التي استهدفت من خلالها صنعاء.
وقالت الوكالة، في تقرير لها، إن المملكة السعودية تشعر بقلق متزايد بشأن الوضع في اليمن المجاور، مع تصعيد الحوثيون أعمالهم الهجومية ضد إسرائيل، وتهديدهم بمهاجمة المملكة بسبب شنها حربًا اقتصادية ضدهم.
وبحسب الوكالة، فإن الرياض تخشى الانجرار إلى صراع مباشر جديد مع الحوثيين، بحسب عدة أشخاص مطلعين على استراتيجية الحكومة السعودية، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الأمر.
وأشارت الوكالة إلى تصريحات قائد أنصار الله، عبدالملك الحوثي، التي قال فيها إن المملكة السعودية تتواطأ مع إسرائيل والولايات المتحدة للحد من هجمات اليمن على الشحن في البحر الأحمر، وهدد بإلحاق “خسائر مروعة” بالمملكة وإفشال رؤية 2030.
وذكّرت الوكالة بهجمات الحوثيين للمملكة السعودية، بانتظام خلال حربهم – بما في ذلك منشآتها النفطية – قبل الهدنة الهشة في العام 2022، مشيرة إلى أنه من المرجح أن يؤدي أي استئناف لتلك الهجمات إلى ارتفاع أسعار النفط الخام.
ونفت وزارة الدفاع السعودية أي علاقة لها بالضربات الإسرائيلية على الحديدة، لإيما دعت خارجيتها “جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.
وبحسب الوكالة، فإن هذا الموقف يعكس تحولاً كبيراً في السياسة الخارجية لولي العهد في السنوات الأخيرة. فبعد أن اتخذ في البداية موقفاً عدوانياً ضد إيران وحلفائها الإقليميين، نجح العام الماضي في تحقيق انفراجة مع طهران ووقع اتفاقاً مع الحوثيين حيث أعطى الأولوية للتنمية الاقتصادية وجذب المستثمرين والسياح الأجانب.
ونقلت الوكالة عن خمسة أشخاص على دراية مباشرة بالمناقشات بين السعودية والحوثيين، قولهم إن “المسؤولين السعوديين حاولوا تهدئة الموقف من خلال حث الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ومحافظ البنك المركزي على إعادة النظر في الإجراءات المالية المصممة لإضعاف الحوثيين. وقال الأشخاص إن الرياض قالت إنها هددت بتقليل الدعم الاقتصادي والعسكري للحكومة الموالية لها في اليمن، إذا تم تنفيذ التحركات ضد الحوثيين وأنها ستواجه بمفردها صراعا جديدا محتملا.
وأضافت الوكالة، أن “السعوديين في المقابل أكدوا للحوثيين أنهم يفعلون كل ما في وسعهم لوقف تنفيذ الإجراءات، بحسب شخصين مطلعين على الأمر”.
و”قالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع إن الأطراف اليمنية توصلت إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى إلغاء القيود المالية المفروضة على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي يقطنها نحو 20 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية الدولية والتحويلات المالية من الخارج. وقالت الأمم المتحدة في بيان “أقرت بالدور المهم للمملكة العربية السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق” .
وأضافت أن السعودية والولايات المتحدة قد دعمتا في السابق إجراءات البنك المركزي للضغط على الحوثيين، معتقدتين أنها ستساعد في إنهاء الهجمات البحرية المساندة لفلسطين وبدء محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة لحل الصراع في اليمن، حسبما ذكرت بلومبرج نيوز في أوائل يونيو، وفشلت أشهر من الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد أهداف الحوثيين منذ يناير في إنهاء الهجمات في البحر الأحمر.
ولكن في الأسابيع الأخيرة، تقول الوكالة الأميركية، صعّد الحوثيون حملتهم البحرية إلى مستويات لم نشهدها منذ ديسمبر/كانون الأول. فقد نشروا لقطات لمواقع خططوا لاستهدافها في المملكة العربية السعودية، ثم شنوا الهجوم على تل أبيب، مشيرة إلى أنه لم يتضح بعد الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في إبطال هذه الخطط. فقد رفضت وزارة الخارجية التعليق، في حين لم تستجب وزارة الخزانة لطلب التعليق.
وقالت الباحثة في معهد الشرق الأوسط، فاطمة أبو الأسرار لبلومبرغ، إن المملكة السعودية تواجه خيارات صعبة في ضوء “القفزة الكبيرة” في قدرات الحوثيين منذ عام 2015 – كما يتضح من إرسال طائرة بدون طيار على بعد حوالي 2000 كيلومتر (1242 ميلاً) من اليمن إلى قلب تل أبيب.
ومن جهته قال برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون، للوكالة، إن السعوديين يشعرون بالقلق من احتمال اندلاع مواجهة جديدة مع الحوثيين وإيران، مضيفًا أن “السعوديين استوعبوا درسا وأدركوا أن الأميركيين قد يكونون هنا اليوم ويرحلون غدا، لكن إيران والحوثيين موجودون هنا اليوم ولن يرحلوا غدا”.