بادئ ذي بدء لقد تدهور الموقف العربي إلى أسفل السافلين ولم يعد يجرؤالعرب على الجهر بإسم امريكا وبريطانيا والمانيا كأطراف ثلاثة في حرب الإبادة الجماعية في غزة التي تنكرها امريكا ويسميها عرب “المجتمع الدولي” عند استخدام سلاحهم غير الفعال، المناشدة، عوضا عن تسمية الأشياء بأسمائها ومطالبتها كشريك في العدوان التوقف عن دعمه وبأمر وكيلها بإيقافه.
كانت فلسطين قضية العرب الأولى قبل أن يتعب بعض عربها ويضيق بها ويهرول في اتجاه معاكس لبوصلتها.
ولو لم تجرد الولايات المتحدة العديد من الدول العربية من استقلالها الاقتصادي لكان الموقف العربي مختلف 180 درجة. السُّلط العربية تعي الحقائق التالية :
1- أن دولة الاحتلال تقتل الفلسطينيين في غزة والضفة المحتلة وجنوب لبنان بأسلحة امريكية من بينها أسلحة ذكية تعد من أسلحة الدمار الشامل .
2- تعلم علم اليقين أن خبراء امريكيين يشاركون في العدوان الإسرائيلي على غزة ولاترفع إصبعا.
3 – تعلم أنه لولا التسليح الامريكي لما استمرت حرب العدو على قطاع غزة لعشرة أشهر والتي لن تتوقف طالما أن الأسلحة الامريكية في متناول جيش العدو.
4 – تعلم أن معظم الشهداء والمصابين الذين يقترب عددهم من المائة وثلاثين ألفا في عشرة اشهر قتل وأصيب معظمهم بأسلحة امريكية بعض قنابلها تزن 900 رطل.
5 – تعلم أن استراتيجية إسرائيل “غزة المحروقة” التي طبقتها امريكا في فيتنام تتم بموافقة امريكية .
6 – تعلم أن مدنيين وعسكريين امريكيين يقاتلون مع جيش العدو وأنهم من اليهود الامريكيين والمرتزقة والمسيحيين الصهاينة ولاتظهر أي احتجاج.
7 – تعلم أن واشنطن توفر الحماية الدبلوماسية الشاملة للعدو في مجلس الأمن وتصمت عندما يزدريها ممثله في المنظمة الدولية ويحتقرها ويمزق ميثاقها ويتهم أمينها العام بمعاداة السامية لربطه المحكم بين هجمات ٧ اكتوبر 2023 وبين معاناة الفلسطينيين على أيدي الفاشية الجديدة وقوله الجريء بأن ماحدث في 7 اكتوبر لم يأت من فراغ ولاتقول للأمين العام شكرا لأنه لم يقل غير الحقيقة.وتعلم أيضا أن امريكا تصوت منذ عقود ضد كل قرار لصالح الشعب الفلسطيني ولاتستنكر جرائمها السياسية أو تحاول فتح حوار معها لتغيير موقفها العدائي.
8- لم تحتج أي دولة عربية ولامن كانت إلى حدما جامعة العرب على دعوة الكونجرس لمجرم الحرب نتنياهو لإلقاء خطاب فيه في 24 يوليو وعلى استقبال مجرم الحرب الآخر بايدن له قبل إلقاء خطابه وغزة تحت وابل صواريخ ودبابات وطائرات امريكا ودولة الاحتلال .
9 – تعلم أن إسرائيل تريد احتلالا مريحا لاتدفع تكلفته توطئة لتصفية القضية الفلسطينية وأن الفلسطيني الجيد لديها هو الخانع والمستسلم الذي لايمارس حقه المشروع في مقاومة الاحتلال أو الميت وتدير ظهرها للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية وتخاف أن تقول أن المقاومة حق مشروع.
إزاء كل هذه الحقائق المُرة يستقبل العرب فرحين وممتنين بتفضل وزير خارجية امريكا انتوني بلينكن ومدير مخابراتها المركزية وليم بيرنز اللذان يشاركان “إسرائيل” في إدارة الحرب وطول أمدها بزياراتهما لهم وهم لايجهلون انحياز بلدهما للكيان الصهيوني الذي يجعل من تصفية القضية هدفا استراتيجيا ويدمر لبنان بالحصار الاقتصادي ليركع للإرادتين الامريكية والإسرائيلية.
بعد كل ماسبق لم نعلم أن دولة عربية استنكرت في وجهيهما الدعم العسكري والسياسي للعدو أو طالبتهما بوقف تسليح العدو والضغط الحقيقي على إسرائيل لوقف مجازرها في غزة والضفة وجنوب لبنان.
في حقبة الهوان العربي التي قضت فيها واشنطن على الإرادة العربية المستقلة وخنقت اقتصاديات بعض دولها لم يعد يجرؤ أحد على الخروج من بيت الطاعة .
إن كل امريكي يدفع لإسرائيل الغنية جدا ٨٥ دولارا سنويا ولم تفكر أي وزارة خارجية عربية أو قمة عربية بطلب وقف هذا الدعم أو تشيد بالامريكيين المعترضين عليه. هذا الدعم يؤبد الاحتلال ويمول الاستيطان ويقتل كل فرصة للسلام وتطلعات الشعب الفلسطيني في الاستقلال والدولة .
في 22 نوفمبر 2020 بُعيد انتخاب بايدن رئيسا تفاءل وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير بانتخابه قائلا” أنا واثق بأنه سينتهج سياسات تسهم في الاستقرار”. التصريح تضمن تفاؤلا في غير محله وإدانة لسلفه ترامب الذي جعل السلام والاستقرار بعيدين بسلامه اللاإبراهيمي وبنقل سفارة بلاده إلى القدس الفلسطينية المحتلة وحتى تاريخه لم تتغير السياسة العدوانية الامريكية،سياسة المؤسسات وليس الفرد.
لقد صمت العرب وبيتهم أيضا إزاء قضيتين مهمتين أولاهما تهديد “إسرائيل” وصمت امريكا وكل الغرب عنه لتدمير لبنان بإعادته إلى العصر الحجري وثانيهما التصريحات الوزارية الصهيونية باستخدام القنبلة النووية في غزة.
الاعتراف الرسمي الجديد بامتلاك الكيان لقنابل نووية والرغبة في استخدامها ليس الأول من نوعه فقد هددت جولدا مائير باستخدامها في حرب اكتوبر 1973، خيار شمشون ضد مصر، وللأسف لاذ العرب بالصمت ولم يوظفوا الاعتراف الجديد بطلب اجتماع لوكالة الطاقة الذرية لتجديد مطالبهم التي تراجعت بجعل منطقتنا خالية من السلاح النووي ونزع سلاح الكيان النووي وبالأمس تحدث إيهود باراك عن عدم جدوى الاعتماد على مفاعل ديمونة لتحقيق الاستقرار للكيان.ديمونة لاينتج طاقة سلمية بل قنابل نووية.
أما السيد جروسي، مدير وكالة الطاقة الذرية، ففي فمه ماء من وزن الماء النووي الثقيل ولم يقل كلمة واحدة أو يذهب إلى “إسرائيل” لمراقبة مفاعل ديمونة ولم يدع “إسرائيل” للتخلص من هذا السلاح لجعل منطقة الشرق الأوسط كلها منطقة خالية من الأسلحة النووية كما يفعل مرارا وتكرارا مع إيران ويضع ديمونة تحت رقابة وكالة الطاقة الذرية ونزع سلاح إسرائيل النووي. لماذا؟. لأن إسرائيل في عقيدة الغرب كله دولة ديمقراطية والدولة الديمقراطية لاتعتدي!