أزمة النفط اليمني.. “حضرموت الجامع” يرفض تحكّم “الرئاسي” بمصير نفط الجنوب
خاص – المساء برس|تقرير: يحيى محمد الشرفي|
مع اقتراب المفاوضات بين صنعاء من جهة والرياض والحكومة الموالية لها من جهة بشأن الملف الاقتصادي، عاد التوتر من جديد فيما يتعلق بجزئية الطاقة والملف النفطي، حيث أعلن مؤتمر حضرموت الجامع عزمه منع تصدير النفط، بعد أن رد المجلس القيادي الرئاسي الذي أنشأته الرياض برئاسة رشاد العليمي، على طلب المبعوث الأممي استئناف مفاوضات الملف الاقتصادي.
وجاء هذا التوعد بعد طلب المجلس الرئاسي إدراج ملف إعادة تصدير النفط في جدول أعمال المفاوضات الاقتصادية في رده على رسالة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بشأن تجميد القرارات ضد البنوك والدخول في مفاوضات.
وأكد رئيس الدائرة التنظيمية في مؤتمر حضرموت الجامع، محسن سالم نصير، أن هناك إجراءات وخيارات يتم التشاور حولها لرفع ما سماه بـ “الظلم” عن حضرموت وأبنائها وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الخدمات، وجعلهم شركاء حقيقيين وفاعلين في وطن يسوده العدل والمساواة لا فيه أتباع ولا متبوعين، في رفض صريح لتحكم حكومة التحالف بقيادة “الرئاسي” بملف النفط اليمني في المحافظات الجنوبية والشرقية فيما أصحاب الأرض لا يستطيعون الاستفادة من ثروتهم النفطية التي ظلت منذ منتصف العام ٢٠١٦ تذهب إيراداتها إلى البنك الأهلي السعودي إلى أن توقف إنتاج النفط في سبتمبر ٢٠٢٢، بقرار من حكومة صنعاء التي رفضت مماطلة الرياض في تنفيذ استحقاقات مرحلة خفض التصعيد التي اتفق عليها طرفا صنعاء والرياض ووقعا عليها نهاية مارس من العام ذاته، حيث اشترطت صنعاء للسماح باستئناف تصدير النفط من جنوب اليمن الخاضع لسيطرة التحالف السعودي الإماراتي عسكرياً توريد العائدات إلى اليمن وصرفها على مرتبات موظفي الدولة والمؤسسات الخدمية اليمنية الحكومية في كل المحافظات اليمنية.
وأوضح نصير أن قيادات مؤتمر حضرموت الجامع تتدارس حالياً وبالتنسيق مع كافة القوى الفاعلة في المجتمع منع تصدير نفط حضرموت ما لم يتم تحقيق مطالب الحضارم، والاستمرار في طمس حقهم من المشاركة في الاتفاقات والتفاهمات التي تجرى وستجرى خلال الفترة القادمة بين الرياض والحكومة المنفية التابعة للتحالف من جهة وحكومة صنعاء من جهة والتي تتركز أساساً على تصدير النفط وتقاسم عائداته دون أدنى اعتبار لأصحاب الأرض.
وأشار نصير في تصريح صحفي إلى أن الأولى في ذلك هي موافقة شعب حضرموت قبل أي طرف آخر.
وكانت قيادات تنظيمية وتنفيذية عليا في مؤتمر حضرموت الجامع قد عقدت في المكلا يوم السبت الماضي، اجتماعاً استثنائياً موسعاً، وجهوا من خلاله رسالة لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة التابعة للتحالف لاتخاذ ما يلزم لتصحيح الأوضاع المختلة في حضرموت، مؤكدين أنه ما لم يتم ذلك فإن أبناء حضرموت سيعلنون إجراءات مؤلمة تبدأ ولا تنتهي إلا برفع الظلم عنهم ويفرضون فيها حقهم على أرضهم وثرواتهم.
وفي ذات السياق، بحثت الأمانة العامة لمؤتمر حضرموت الجامع، اليوم الاثنين، المسارات الطارئة لتنفيذ مطالب واستحقاقات حضرموت المشروعة، ورفع المعاناة عن كاهل أهلها ووضع المقترحات والإجراءات العملية لتحقيق ذلك.
الوضع الاقتصادي
يأتي هذا التصعيد في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالمناطق الجنوبية من اليمن، والتي تعاني من تدهور شديد في الأوضاع المعيشية والخدمات الأساسية.
وتسببت السياسات الاقتصادية والعقوبات التي تفرضها حكومة التحالف على صنعاء في تفاقم الوضع الاقتصادي، حيث كانت تهدف إلى إضعاف موقف صنعاء المساند لغزة عسكرياً، من خلال ضرب اقتصاد صنعاء، إلا أن هذه العقوبات ارتدت سلباً على عدن والمناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة التحالف.
ويواجه اليمن انقسامات سياسية واقتصادية حادة منذ سنوات بسبب الحرب التي شنها التحالف السعودي بإشراف أمريكي منذ مارس ٢٠١٥، وتفاقمت الأزمة مع توقف تصدير النفط من حضرموت وشبوة ومأرب وتوقف توريد الإيرادات إلى السعودية التي أوقفت بدورها جزءا كبيراً من تمويلها لحكومة التحالف التابعة لها، ويعتمد الاقتصاد اليمني بشكل كبير على إيرادات النفط، ومع توقف التصدير وانعدام القرار السيادي المالي والاقتصادي اليمني في مناطق سيطرة التحالف، ازدادت معاناة المواطنين وتدهورت الأوضاع الاقتصادية بشكل أكبر.
تأثيرات تهديد مؤتمر حضرموت الجامع
يتوقع مراقبون أن يثير قرار مؤتمر حضرموت الجامع ردود فعل واسعة على الصعيدين المحلي والدولي، خاصة وأن النفط يعد من الموارد الحيوية للاقتصاد اليمني. وقد تؤدي هذه الخطوة إلى تصعيد التوترات بين الأطراف المتصارعة في اليمن، وتزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في البلاد.
المستقبل والتوقعات
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال حول كيفية معالجة هذه الأزمات المعقدة، والتي تتطلب جهوداً محلية وقراراً يمنياً مستقلاً بعيدا عن التبعية للسعودية أو للإمارات المتحكمتين بأدواتهما المحلية التي تشكل جميعها ما يسمى حكومة التحالف والمجلس القيادي الرئاسي، على أن تكون هذه الجهود مشتركة بين الأطراف الفاعلة على الأرض لتحقيق الاستقرار والتنمية في اليمن.
ويتطلب الوضع الحالي حلولاً جذرية وشاملة تضمن حقوق المواطنين وتحقيق العدالة والمساواة بين جميع الأطراف، وليس احتكار قرار التحكم بالملف النفطي في مجموعة أشخاص لم يعد لهم من وجود او دور سوى تبعيتهم للخارج تحت مسمى “الشرعية وغطاء الاعتراف الدولي”.