عن التصعيد الاقتصادي الأخير وعلاقته بمعركة إسناد غـــــــزة
وما يسطرون – احمد الكمالي – المساء برس|
بكل بساطة، التصعيد الاقتصادي الحاصل حاليا هو إجراءات عقابية من الإدارة الأمريكية ضد الشعب اليمني بسبب الموقف المساند لـــ غزة، هذا هو الواقع سواء راق للبعض رؤيته كما هو عليه أم تأويله بسرديات سخيفة وفضفاضة كتلك التي تشير إلى إدراك سلطة الرئاسي مؤخرا بكونهم السلطة السيادية للبلد!.
الأمر ليس مجرد تكهنات ولسنا في مقام من يدافع عن أحد بقدر ما يهمنا أن تكون الحقيقة واضحة، وللجميع حق الاختيار في الموقف والخيارات.
في منتصف يناير الماضي، أعلن وزير الخارجية الامريكية “بلنكين” قرار تصنيف حركة “أنصــ ار الله” اليمنية كمجموعة إرها بية عالمية بشكل خاص، على خلفية عملياتهم في البحر الأحمر، ورد في البيان فقرة: ” إذا أوقف الحـــ وثيون هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن فستعيد الولايات المتحدة تقييم هذا التصنيف”.
التصنيف الأمريكي جاء بعد قرابة شهر من إعلان التحالف الأمريكي البريطاني- لحماية إسرائيل- عدوانه ضد اليمن، لتحقيق الهدف ذاته: وقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر تحت مسمى حماية الازدهار والحفاظ على الملاحة العالمية، ملاحة إسرائيل وأمنها الوجودي في تلك اللحظة من عمر المعركة!.
التحركات الأمريكية جاءت بعد مطالبات وتصريحات واضحة من قادة الكيان ، بأن تتولى أمريكا وبريطانيا مسؤولية جبهة اليمن ويعفيا الجيش الإسرائيلي من التشتت عن هدفه الرئيسي، الذي هو بالطبع “تهجير الفلســ طينيين من قطاع غزة!.
التحركات الامريكية منيت بانتكاستين احداهما سياسية متعلقة بفشل حشد تحالف دولي حقيقي ضد اليمن، نتيجة ارتباط العمليات اليمنية أساسا بما يجري في غـــ زة، فالكثير من دول العالم إذا لم تكن مستعدة للوقوف أمام الأمريكي لثنيه عن مشاركته في إبادة الفلســـ طينيين وكتابة فصلا جديدا من تغريبتهم المرٌة، فإنه لا مصلحة لها بالانخراط معه عمليا في ذلك.
على الصعيد الأخر فشلت العمليات العسكرية للأمريكي في تحييد قدرات اليمن أو حتى تسجيل انتصارا حقيقي على قرار الحظر، بل إنما حصل هو العكس غير المتوقع، استمرت العمليات واستمر معها الزخم الشعبي اليمني المناصر لــــ غزة في الساحات والميادين، فما كان من الأمريكي إلا ما هو متوقع منه بالعادة، أن يستخدم سلاح العقوبات والضغوطات الاقتصادية بالذات وأنها في حقيقة الأمر أقل تكلفة وأكثر تأثيرا على خصومه.
الإجابة المختصرة عن الأسباب التي تدفع الحــــ وثيين إلى تحمل مثل هذه المخاطر نيابة عن حـــماس، هي من وجهة نظر الباحث الأمريكي مايكل نايتس، أن “الحــ وثيين ليسوا وكلاء لإيران ولا شركاء مصلحة في زمن الحرب”، بمعنى أن عملياتهم المساندة لغزة لا تنطلق تلبية لرغبات إيرانية بل لأن لديهم عداء عميق مع” إســـ رائيل”، وعليه يوصي الباحث الأمريكي بمراجعة مراكز القرار في واشنطن، سياسية احتواء مختلفة للتعاطي مع الحوثيـــين !.
أهم ما تركز عليه سياسية الاحتواء التي قدمها “نايتس” في تحليل صادر عن “مركز واشنطن للدراسات الشرق الأدنى”، بعنوان (احتواء مليشيا الحـــ وثي في اليمن: المشاكل والخيارات في مراجعة السياسات)، هي باختصار: إجراء إعادة تقييم للحركة، دعم ما اسماه (اليمن الحر كما دعمت الولايات المتحدة كوريا الجنوبية) يقصد هنا السلطة المشكلة من قبل السعودية، وبناء الدفاعات العسكرية لليمن غير الحـــ وثي، تعزيز اليمن الحر، وبناء تحالف احتواء من الرباعية والأطراف الداخلية، وأخير والأهم “بناء جدارا من العقوبات وليس إعادة تصنيف لمرة واحدة”.
ورد في صياغة القرار الذي أصدره البنك المركزي في عدن بخصوص نقل مقرات البنوك التجارية، مطلع أبريل الماضي، فقرة مهمة استند عليها بنك عدن كأداة ضغط ضد البنوك التجارية، وهي بكونكم تتعاملون مع وتحت سلطة “جماعة مصنفة على قائمة الإرهــ اب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية”، أليس سبب هذا التصنيف الذي فرضته أمريكا هو عمليات البحر الأحمر المساندة لغـــ زة !؟ لابد أن يجد هذا التساؤل مكانا إلى أذهان أي شخص متابع للشأن اليمني ويحتوي على أكثر من مليار خلية في دماغه !.
بصرف النظر عن ذلك، قبيل إصدار بنك عدن قراره الأخير بساعات، نشرت السفارة الامريكية اجراء السفير ستيفن فاجن اتصالا هاتفيا بأحمد عوض بن مبارك، أكد فيها السفير دعمه لخطوات الحكومة الإصلاحية.
في اليوم الثاني مباشرة، ظهر السفير “فاجن” خلال ندوة أقامها معهد واشنطن للدراسات السياسية، ليؤكد أن “الحكومة اليمنية لن توقع اتفاقية سلام يكون للحوثيين الكعب الأعلى فيه، من خلال استمرار حصولهم على الأسلحة، والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وتهديدهم للملاحة الدولية، هذا الأمر مستحيل، لن نستطيع تحقيق سلام حقيقي بهذه المعادلة”.
فاجن كان قد وصف في وقت سابق، مهاجمة” السفن من قبل الحـــ وثيين بأنه نقيض لوقف إطلاق النار الذي تشهده اليمن !، بمعنى أن تكلفة الموقف إعادة الحرب بأشكالها المتعددة !.
المعطيات تؤكد التوجه الأمريكي وما نقلته وكالة “بلومبرغ” من معلومات عن مسؤولين مطلعين ومصادر في خارجية أمريكا، تضع قرار البنك المركزي في عدن نقل مقرات البنوك التجارية في صنعاء بكونه جزاء من الضغوط الامريكية على صنعاء بسبب عملياتها المساندة لـغزة !.
بالنسبة لما يسمى بالمجلس الرئاسي الذي شكلته السعودية كسلطة بديلة لهادي بغرض توقيع اتفاقية سلام مع الحـــ وثيين، فإن انخراط صنعاء في معركة غـــ زة، فرصة لتيار الإمارات فيه للمجاهرة والتلميح بالتطبيع مع الكيان، وموسم أخر للخيانة لتيار السعودية!.
في هامش التصعيد الاقتصادي، يمكن إثارة الجدل حول تفاصيل القرارات الصادرة من بنكي عدن وصنعاء والتي لم تخلوا من الحماس والإثارة، لكن في المتن لا يوجد سوى شيء واحد يمكن قراءته، وهو بكون التصعيد الأخير عقاب أمريكي على عمليات اليمن المساندة لغزة.