تقرير: ما الخطورة في زيادة زمن ومسافة الشحن البحري بعد الحصار اليمني على “إسرائيل”؟
خاص – المساء برس|تقرير: يحيى محمد الشرفي|
تواجه حركة النقل البحري العالمية تحديات غير مسبوقة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والهجمات المتزايدة في البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط التي تستهدف خلالها القوات المسلحة اليمنية الملاحة الإسرائيلية والغربية المتعاملة والمرتبطة بكيان الاحتلال، مما دفع بالسفن إلى اتخاذ مسارات أطول وتسبب في اضطرابات واسعة النطاق.
وفقًا لتقرير نشرته بلومبرج، يُتوقع أن يشهد النقل البحري العالمي أكبر زيادة سنوية له منذ عام 2010، مدفوعًا بالتحولات التي فرضتها الأوضاع الراهنة.
زيادة نشاط الشحن وتأثيره
تشير شركة كلاركسون للأبحاث إلى أن نشاط الشحن، المقاس بالأطنان، سيشهد ثاني أكبر ارتفاع سنوي له، بنسبة 5.1% مقارنة بعام 2023، ليصل إلى 3.2 تريليون طن. يعود هذا الارتفاع بشكل كبير إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا، مما أجبر السفن على تغيير مساراتها آلاف الأميال حول منطقة القرن الأفريقي لتجنب البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تصاعدت هجمات البحرية اليمنية ضد الملاحة المرتبطة بكيان الاحتلال.
تأثير الجبهة اليمنية على مسارات السفن
تتخذ السفن الآن التي ترى أنها في قائمة الاستهداف، مسارات أطول حول رأس الرجاء الصالح لتجنب المناطق المضطربة في البحر الأحمر، مما يزيد من زمن النقل البحري والمسافات المقطوعة.
هذا التغيير في المسارات يؤثر سلبًا على الجهود العالمية الرامية إلى الحد من انبعاثات الكربون، حيث تؤدي الطرق الأطول إلى زيادة استهلاك الوقود وبالتالي زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
انخفاض حركة الملاحة عبر قناة السويس
ويسلط تقرير للبنك الدولي الضوء على أن الصراعات الأخيرة في الشرق الأوسط أثرت بشكل كبير على حركة الملاحة البحرية، حيث انخفضت حركة الملاحة عبر قناة السويس ومضيق باب المندب بنسبة 50% بحلول نهاية مارس 2024.
في المقابل، تضاعفت حركة الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى زيادة مسافات وأوقات السفر للسفن في البحر الأحمر بنسبة تصل إلى 60%.
تأثير اقتصادي وبيئي واسع النطاق
أدى تحويل مسارات السفن إلى زيادة تكاليف الشحن وأوقات التسليم، مما ساهم في ارتفاع أسعار الشحن الفوري عبر المحيطات.
وحسب تقرير صادر عن جي بي مورجان يشير إلى أن أسعار الشحن الفوري من الصين إلى الساحل الغربي والشرقي للولايات المتحدة ارتفعت بنسبة 140% و120% على التوالي مقارنة بشهر نوفمبر 2023. كما ارتفع مؤشر درويري العالمي للحاويات بنسبة 2% ليصل إلى 4801 دولار للحاوية بطول 40 قدمًا في مايو، بزيادة 202% عن العام السابق.
تأثيرات على موانئ البحر الأحمر
تأثرت موانئ البحر الأحمر بشكل كبير، حيث شهدت موانئ مثل رابغ وجدة في السعودية انخفاضًا كبيرًا في أحجام الواردات، مما يمثل انخفاضًا بنحو 50% في إجمالي أحجام التجارة. هذه الاضطرابات أدت إلى ارتفاع تكلفة نقل البضائع وتكاليف التأمين، مما يؤثر سلبًا على الاقتصادات الإقليمية والدولية.
استجابة شركات الشحن
استجابت شركات الشحن للأزمة بزيادة سرعات الإبحار واستئجار المزيد من الحاويات، شركة ميرسك، على سبيل المثال، استأجرت 125 ألف حاوية إضافية لتلبية احتياجات الطاقة وسط الأزمة. ومع زيادة سرعات الإبحار، حُرق 13.6 مليون طن إضافية من الوقود، ما يعادل انبعاثات تسعة ملايين سيارة.
خلفية الهجمات
منذ نوفمبر 2023، هاجمت القوات المسلحة اليمنية سفن الشحن الإسرائيلية في البحر الأحمر بشكل متكرر لتمنع عبورها نهائياً من المنطقة، ثم تطور الأمر مع تطور واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أن يشمل الحظر اليمني منع عبور السفن غير الإسرائيلية المتجهة لإسرائيل، ثم توسع الحظر ليشمل من اي سفن لأي شركة شحن بحري لا تزال تتعامل مع موانئ فلسطين المحتلة من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي ولتشمل العمليات اليمنية منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، نتيجة لذلك أصبح الطريق البحري الحيوي الذي يربط آسيا بأوروبا عبر باب المندب وقناة السويس غير آمن للسفن او شرمات الشحن التي تخرق قرار الحظر اليمني. ونتيجة لذلك، تتخذ السفن الآن الطريق الأطول حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، مما يزيد من تكاليف الشحن وأوقات التسليم، ويزيد من الضغط على التجارة العالمية المتأثرة بالفعل بالجائحة ومن ثم بالحرب بين روسيا والغرب في أوكرانيا والتباطؤ الاقتصادي العالمي.
الخلاصة
أصبح تأثير الجبهة اليمنية التي فتحتها صنعاء بوجه كيان الاحتلال الإسرائيلي على امتداد البحر الأحمر فالمحيط الهندي وصولاً لشرق الأبيض المتوسط، تأثيراً واسع النطاق على حركة النقل البحري العالمية، مما يزيد من مسافات وزمن النقل ويؤثر سلبًا على البيئة والاقتصاد العالمي والذي معظمه يخص الدول والقوى الدولية الداعمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي باستثناء الصين وروسيا إلى حد كبير، وتتطلب هذه التحديات استجابة دولية منسقة للحد من تأثيراتها السلبية وضمان استقرار حركة النقل البحري في المستقبل، وذلك لن يحدث على الإطلاق إلا في حالة واحدة وهو توجه الإرادة الدولية للضغط على: أولاً الولايات المتحدة الأمريكية، وثانياً على كيان الاحتلال الإسرائيلي لوقف العدوان على قطاع غزة والانسحاب من القطاع ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في القطاع، ليتوقف كابوس اضطرابات الشحن العالمي الذي يؤرق الدول الكبرى المصنعة وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا الأكثر تضرراً من هذا الموقف اليمني العسكري المساند للمقاومة الفلسطينية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي.