تكريم المدمرة الأمريكية كارني يكشف تفاصيل ما تعرضت له في 19 أكتوبر.. تفاصيل حصرية
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في الـ19 من مايو الجاري، عادت المدمرة الأمريكية يو إس إس كارني، إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد 7 أشهر متواصلة من العمل العسكري المجهد في البحر الأحمر لحماية كيان الاحتلال الإسرائيلي وسفنه الملاحية من الاستهداف من قبل القوات المسلحة اليمنية التي تمكنت بالفعل من قطع الملاحة عن كيان الاحتلال نهائياً من البحر الأحمر.
بعد أيام من عودة كارني أقامت البحرية الأمريكية حفل تكريم للمدمرة لقاء ما تراه البحرية بأنها أعمال بطولية في حماية المدمرة وطاقمها من الموت المحقق بسبب الهجمات اليمنية بالصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات بدون طيار.
خلال ذلك الحفل تم الكشف عن أن السفنة الحربية الأمريكية كان قد تكريمها سابقاً وبشكل غير معلن قبل عدة أشهر أثناء تواجدها في الخدمة في منطقة القيادة الوسطى الأمريكية التي تنتشر حول محيط الجزيرة العربية والمحيط الهندي، غير أن ما تم خلال الحفل الذي أقيم في الولايات المتحدة عند حوض السفن الحربية في مايبورت بولاية فلوريدا بحضور وزير البحرية الأمريكية كان إشهار اقتباسات التكريم الخطية التي وضحت أسباب حصول الضباط على متن كارني لذلك التكريم وتلك الجوائز وأسباب منح المدمرة كارني جائزة “شريط العمل القتالي” وهي ثاني أكبر وسام للقوات البحرية.
وبحسب تقرير نُشر على موقع ميليتري التابع للبنتاغون والمختص بتقديم خدمة الأخبار للمنتسبين للجيش الأمريكي، فإن التكريم لم يشمل فقط المدمرة كارني بل شمل أيضاً الـ7 القطع البحرية الأمريكية التي تم نشرها في البحر الأحمر وخليج عدن طوال السبعة الأشهر الماضية ولا يزال بعضها منتشراً حتى الآن.
وفقاً للتقرير الأمريكي العسكري فإن تكريم كارني وإبراز هذا التكريم والاعتراف به رسمياً دون الإشارة لتكريم بقية السفن جاء بسبب ما تعرضت له في الـ19 من أكتوبر العام الماضي، من هجوم من قبل القوات المسلحة اليمنية والذي كان أول هجوم يمني مباشر يستهدف كيان الاحتلال الإسرائيلي ويستهدف المدمرة كارني التي كانت قد عبرت للتو وقبل ساعات من وقوع الهجوم قناة السويس ودخلت البحر الأحمر.
وحسب اقتباسات التكريم التي سمحت البحرية الأمريكية بنشرها عبر موقع مليتري العسكري، يتضح أن المدمرة كارني تعرضت للهجوم من قبل القوات اليمنية، وأصيبت بشكل مباشر واشتعلت فيها النيران.
طاقم السفينة يقول إنها ظلت تشتبك بشكل مباشر مع الصواريخ اليمنية والطائرات المسيرة لمدة 3 ساعات متواصلة في 19 أكتوبر.
حسب اقتباس جوائز التكريم لبعض ضباط المدمرة كارني تبين أن من بين من تم تكريمهم ومنحهم جوائز لأدائهم في التعامل مع الهجوم اليمني في تلك الليلة، 6 من ضباط مكافحة الحرائق في المدمرة، إضافة إلى قائد المدمرة جيرمي روبرتسون الذي تم منحه وسام النجمة البرونزية.
يقول تقرير ميلتري إن من بين 32 طائرة مسيرة يمنية تم إطلاقها باتجاه المدمرة كارني تم إسقاط 15 طائرة فقط إضافة إلى إسقاط 4 صواريخ مجنحة باستخدام صواريخ إس إم 3 وهو أحدث نظام دفاع صاروخي بحري وتكلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد تبلغ ملايين الدولارات.
وبينما تحدث طاقم السفينة عن إسقاط 15 طائرة مسيرة فقط، لم يتم الكشف عن أي تفاصيل أخرى حول مصير الـ17 طائرة الأخرى، غير أن التدقيق في اختيار الضباط الذين تم تكريمهم يقود إلى أن السفينة تعرضت لهجوم مباشر وتم التكتم على الأمر في ذلك الحين وهذا ما سلط الضوء عليه الموقع العسكري الأمريكي.
حيث أورد تقرير الموقع أن نائب الأدميرال براد كوبر قائد البحرية الأمريكية أنكر أي معلومات عن استهداف مباشر تعرضت له المدمرة كارني شمال البحر الأحمر من قبل القوات اليمنية، لكن الاقتباس الخطي للجائزة والوسام الذي تم منحه لقائد السفينة كارني في ديسمبر والذي وقع عليه كوبر بنفسه يشير بشكل واضح جداً بأن السفينة تم استهدافها غير أن طاقمها بقيادة روبرتسون تمكنوا من إخماد النيران وإنقاذ المدمرة من تدمير أكبر.
اللافت أن تكريم المدمرة كارني تم في ديسمبر بعد توجيهها من البحر الأحمر إلى مقر القيادة الأمريكية الوسطى في البحرين، إلا أن الكشف عن هذا التكريم وأسبابه لم يتم إلا بعد عودة المدمرة كارني إلى الولايات المتحدة والتي وصلت إلى فلوريدا في 19 مايو الجاري.
يتضح من خلال ما تم نشره من شهادات اقتباسات التكريم أن كارثة ما كادت ستحل بالمدمرة المتطورة كارني وأن البنتاغون تعمد إخفاء أي تفاصيل وأنكر الاستهداف الذي تعرضت له المدمرة في أول هجوم يشنه اليمن من بعد 7 أكتوبر بعد إعلان صنعاء الحرب بشكل رسمي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، ليتلو ذلك الإنكار إخفاء كثير من المعلومات عن حقيقة ما يتعرض له بحارة القوات الأمريكية في البحر الأحمر من تهديدات إطلاق النار المباشر في عرض البحر ومعلومات أخرى تتعلق بتفاصيل المواجهة بين البحرية الأمريكية والبحرية اليمنية ومنظوماتها التسليحية من صواريخ باليستية ومجنحة مضادة للسفن وطائرات مسيرة.
كاتب التقرير في الموقع العسكري الأمريكي، كونستانتين توروبين، يؤكد أن التكتم على المعلومات الحقيقية لما تعرضت المدمرة كارني من هجوم من اليمن في 19 أكتوبر يعود إلى رغبة قادة البنتاغون في عدم إتاحة المجال أو السماح بنشر تلك المعلومات كي لا تظهر دعوات تطالب الإدارة الأمريكية بالانتقام بقوة ضد القوات اليمنية التي أسماها كاتب التقرير بـ(الحوثيين)، لهذا يبدو أن إدارة بايدن فضلت التكتم على ما حدث وابتلاع الضربة التي تلقتها في أول هجوم يمني مساند للمقاومة الفلسطينية، وهذا التعاطي الانهزامي مع ما حدث للبحرية الأمريكية ليس الأول للبنتاغون، إذ سبق أن حدث الشيء ذاته في العام 2016 وفي البحر الأحمر ومن قبل اليمن أيضاً وحينها كان الهدف ليس سفينة حربية أمريكية واحدة فقط بل 4 سفن حربية دفعة واحدة.
حيث يشير التقرير العسكري الأمريكي لـ”مليتري” أن البحرية الأمريكية وفي 2017 أي بعد عدة أشهر من وقوع الهجوم في 2016، أفصحت عن تفاصيل سطحية عن أن 4 مدمرات أمريكية في البحر الأحمر تعرضت لهجوم بصواريخ بحرية مضادة للسفن من اليمن انطلقت من السواحل الغربية، حينها لم تكشف البحرية الأمريكية أي تفاصيل عن ذلك الهجوم كما لم تكشفه أيضاً القوات المسلحة اليمنية حينها لكن البحرية الأمريكية بدأت بالإشارة إلى ذلك الهجوم من دون أن تكشف عن عدد الصواريخ التي تم إطلاقها على المدمرات ومن دون أن تكشف عن عدد هذه المدمرات أيضاً وكان كل ما قدمته من معلومات حينها هو أن البحرية الأمريكية تعاملت مع تهديدات بحرية جنوب البحر الأحمر وقضت على تلك التهديدات.
وحسب خبراء عسكريين فإن الاعتراف بتعرض البحرية الأمريكية لهجمات من قبل اليمن قد يكسر الصورة التي خلقتها الولايات المتحدة عن قوتها البحرية (الضاربة) بكونها القوة التي لا تُقهر كما أن التردد في الرد على تلك الهجمات المباشرة وتفضيل إنكار وقوعها بدلاً عن الإقرار بها ومباشرة اتخاذ إجراءات مضادة يزيح الستار عن مخاوف الإدارات الأمريكية عما قد يصدر من اليمن من رد فعل مضاد للرد على رد الفعل الأمريكي وهو ما يعزز من حقيقة انعدام المعلومات الاستخبارية لدى الجانب الأمريكي عن ما يملكه الخصم (اليمن في هذه الحالة) من إمكانات وقدرات عسكرية وإلى أي مدى يمكن أن تصل القرارات العسكرية اليمنية في استخدام الأوراق التي بيدها بما في ذلك أوراق الضغط الممنوحة بفضل الموقع الجغرافي الحيوي لليمن.
وبحسب الموقع العسكري الأمريكي تبين أن القوات البحرية الأمريكية لم تتمكن من التعامل إلا مع 20% فقط من إجمالي الهجمات اليمنية الممتدة منذ 19 أكتوبر حتى أبريل الماضي، حيث يقول التقرير إن جميع السفن الحربية الـ7 تعاملت بشكل مباشر مع 20 عملية هجومية من اليمن، وبحلول أبريل الماضي كان عدد العمليات اليمنية التي تم تنفيذها في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وأيضاً المحيط الهندي قد تجاوزت الـ100 هجوم، وهو ما يعني أن جميع السفن الأمريكية الحربية لم تتعامل إلا مع 20% فقط من الهجمات اليمنية بينما 80% من تلك الهجمات لا يتم التصدي لها من قبل البحرية الأمريكية.