مؤامرة بمشاركة مصرية.. توصيات معهد الأمن القومي الإسرائيلي لواشنطن بشأن اليوم التالي في غزة
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
الحديث الإسرائيلي عن أن عملياته في رفح ستكون محدودة، غير صحيح، فما يجري بدءاً من سيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح وإنزال العلم الفلسطيني ورفع العلم الإسرائيلي هو تدشين لوضع الاحتلال يده على هذه الأرض وإعلان احتلال دائم للمعبر ضمن مخطط إغلاق الحدود المصرية الفلسطينية.
ورغم ما تمثله هذه الخطوة من إلغاء لمعاهدة كامب ديفيد بين الاحتلال والنظام المصري، إلا أن خطوات كيان الاحتلال قوبلت بصمت مريب من قبل الرئاسة المصرية وعبدالفتاح السياسي، ليتبين حسبما سيتضح في هذا التقرير أن ما يحدث جرى العمل عليه والاتفاق بشأنه بين كيان الاحتلال ومصر والولايات المتحدة على مدى الأسابيع الأربعة الماضية.
ففي 12 أبريل الماضي نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تقريراً شديد التركيز تضمن توصيات مهمة للغاية على كل من إسرائيل والولايات المتحدة ومن معهما من الحكام العرب الموالين العمل عليها وتنفيذها، وقد جاءت هذه التوصيات في تقرير تحت عنوان “اليوم التالي .. تطور الحرب يتطلب قرارات شجاعة“، وهي عبارة عن نقاط للوضع الذي سيكون عليه قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، بالإضافة إلى التطبيع ودور السعودية وتوقيع معاهدات جديدة بالوضع الجديد.
وجاء من هذه التوصيات والتي يفترض على كل من (واشنطن وتل أبيب والمجتمع الدولي) تنفيذها والتي تستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله، أن تعمل واشنطن على تحقيق استقرار العلاقات الأمريكية، وفي الوقت نفسه تعمل على “تعزيز إعادة انخراط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط كفرصة جيواستراتيجية ذات أهمية قصوى لأمن دولة إسرائيل”.
وفيما يتعلق بقطاع غزة، قال معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إن على إسرائيل والولايات المتحدة وأصدقائهما من العرب “إنشاء كيانات حركة فتح المحلية المرتبطة بالسلطة الفلسطينية وإخضاعها لعمليات إصلاح لتكون البديل المدني لحماس، وتسهيل تنظيمها بمساعدة تحالف دولي عربي في إطار نظام إقليمي جديد، والذي سيشمل التطبيع بين إسرائيل والسعودية وتحالفات دفاعية إقليمية مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
كما تضمنت توصيات معهد الأمن القومي لكيان الاحتلال، التعجيل بالتوصل لاتفاق بشأن الأسرى، رغم أن المعهد أقر بأن ذلك سيكلف إسرائيل ثمناً باهضاً، حيث قال “على الرغم من الثمن الباهظ الذي ينطوي عليه إطلاق سراح الأسرى مقابل وقف القتال وتجديد جهوزية الجيش الإسرائيلي في محيط قطاع غزة”.
وأقر معهد الأمن القومي للكيان بوجود فجوات لم تتمكن إسرائيل من سدها في فيما يتعلق بجيشها بشكل عام خاصة جبهة الاحتلال الشمالية، وبهذا الصدد وجه المعهد في توصياته أنه يتعين على إسرائيل خلال فترة وقف إطلاق النار ضمن الصفقة، حل ما أسماها “تحديات الحرب الأخرى ومنها: تركيز الجهود في الساحة الشمالية للقضاء على التهديدات، وترسيخ الوضع الجديد بمذكرة تفاهم، ونقل المسؤولية عن المسائل المدنية إلى السلطة الفلسطينية – فتح، وتمهيد الطريق لعملية عسكرية في رفح من خلال إعادة النازحين إلى شمال قطاع غزة، وتسريع الجهود الدبلوماسية لتعزيز التطبيع مع السعودية”، وأضاف المعهد في هذا السياق أيضاً أنه من المشكوك فيه أن يكون مثل هذا الاتفاق ممكناً دون رغبة إسرائيل في إعلان نهاية القتال في أي مرحلة، ولهذا يجب الاستعداد لإصدار مثل هذا الإعلان كجزء من صفقة شاملة. ولعل هذا الطرح بالضبط والذي نُشر في 12 أبريل الماضي، هو ما تحدث به مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان حين سئل قبل 3 أيام عن الاتفاق الدفاعي الأمريكي السعودي والذي قال عنه سوليفان أنه غير صحيح وأن أمريكا لن تمضي باتفاق دفاعي مع السعودية إلا بعد التطبيع مع إسرائيل وأن شرط السعودية لوضع حل للفلسطينيين والذي ترفضه إسرائيل، سيخضع لمقاربة تحاول إيجادها أمريكا تكون منطقية، وأنها ستعمل على إقناع أكبر عدد من الدول بها وبعد ذلك ستطرحها على إسرائيل التي في الأخير سيكون القرار لها.
كما تضمنت توصيات معهد الأمن القومي الإسرائيلي، استخدام أمريكا وإسرائيل المساعدات الإنسانية المقدمة لغزة “لإنشاء سلطة مدنية بديلة لحكومة حماس، قادرة على إرساء النظام العام”، وفي هذا النقطة تحديداً يقترح المعهد الإسرائيلي أن “البديل المتاح حالياً هو حركة فتح المحلية (التابعة للسلطة الفلسطينية) التي ستتلقى مساعدة من التحالف العربي والدولي وستكون بمثابة مصدر مشرعن للعمل الإسرائيلي”، وهذا اعتراف واضح بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان سلطة في غزة تكون عميلة كلياً لكيان الاحتلال الإسرائيلي وتشرعن للكيان أي تحركات يقوم بها في قطاع غزة مستقبلاً أو أي قرارات أو سياسات تجاه القطاع.
ويبدو من الواضح أن ما جاء في هذه التوصيات، هو ما يتم حالياً تنفيذه على أرض الواقع، فمع قيام الاحتلال بالسيطرة كلياً على معبر رفح من دون أن تحرك مصر ساكناً، كان معهد الأمن القومي الإسرائيلي قد أوصى بالتالي: “استكمال الجهد العملياتي لإغلاق الحدود مع مصر وتفكيك كتائب حماس هناك. والتأكيد على أن الهدف الأساسي لهذه العملية هو إغلاق الحدود بين مصر وقطاع غزة لمنع تهريب الأسلحة. على أن يتم ذلك بأسلوب عملياتي مختلف، ويمكن تأجيل التوقيت حتى تكتمل التحركات الدبلوماسية مع مصر والولايات المتحدة، مما سيخلق الظروف المثلى لإسرائيل لتنفيذ العملية”. وهذا يعني أن ما يجري حالياً في معبر رفح من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي سبق أن تم الاتفاق عليه سرياً مع النظام المصري.