من الأساطيل البحرية إلى الأدوات المحروقة.. اليمن يقوض خيارات أمريكا
وما يسطرون – حلمي الكمالي – المساء برس|
بعد الفشل الذي ظهر عليه التحالف الأمريكي البريطاني في فك الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية، عقب استخدامه معظم أوراق الضغط العسكري الغربي وعلى رأسها العدوان المباشر على اليمن، فإن أي محاولات لطرق خيارات أخرى قد تقدم عليها أمريكا وبريطانيا ستبوء بالفشل الذريع كسابقاتها، وقد تعود بتداعيات خطيرة للغاية على الوجود الأمريكي البريطاني ووكلائه في المنطقة.
وفي هذا السياق، فإنه من الواضح أن الأمريكي يدفع لإعادة تفعيل أدوات التحالف السعودي الإماراتي ضد صنعاء، بعد فشل هجماته العسكرية في فك الحصار اليمني على الملاحة الإسرائيلية، لكننا نعتقد أن أمريكا لن تغامر منفردة بتفجير الأوضاع داخلياً في اليمن، دون إشراك السعودية والإمارات بشكل مباشر في هذه المغامرة، فهي ترى أن الدعم غير المباشر الذي ربما قد وعدت بتقديمه الدولتين، لأي عملية برية عبر أدواتها، لا يكفي.. فهل ستجرؤ هاتين الدولتين، أن تخوض مغامرة جديدة ضد اليمن بعد تجربتهما المريرة السابقة.
ويجب الإشارة هنا، إلى أن طرق الولايات المتحدة هذا الخيار الخطير، لا يعني بالضرورة أنه مسلكاً سهلاً أو أنها تظن بأنه قد يحقق الغاية التي فشلت في تحقيقها أكبر الأساطيل البحرية في العالم، خاصةً وأنها تدفع لتجريب أدوات مجربة وأوراق محروقة اختبرت هشاشتها على مدى 8 سنوات من الحرب، لكن الهدف من إشراك السعودية والإمارات بشكل مباشر هو إفشال السلام واستمرار توريطها في العدوان، إن لم يكن لضمان فك الحصار على الملاحة الإسرائيلية، فلتحمّل تداعيات الهزيمة المتوقعة.
وعلى العكس من ذلك، فإن مواصلة أمريكا وبريطانيا عدوانهما على اليمن، بأي شكل من الأشكال سواء من خلال القصف أو من خلال إعادة تفعيل أدوات التحالف السعودي الإماراتي، في وقت تدفع القوى الغربية لتصعيد العدوان الصهيوني على غزة، سيكون بمثابة “انتحار إستراتيجي” يجهز على ما تبقى لهذه القوى الإستعمارية من حضور إقليمي، ويبدأ بنسف نفوذها العالمي، وهذا لا شك سينطبق أيضاً على كل الدول والقوى التي قد تتورط في أي مشاركة بالحماقة الأمريكية ضد اليمن.
إذ لا يمكن للأمريكي اليوم، الهروب من حقيقة أن اليمن بات قوة إقليمية وازنة لها حضورها وتأثيرها، وأن معادلات الردع الإستراتيجية الإقليمية التي فرضها على طريق القدس ونصرة غزة، وأثبتت جدارتها أمام قوى عالمية، ستنعكس تلقائياً على موازين القوى داخلياً، ما يعني أن أي معركة جديدة قد يدفع الأمريكي لاشعالها في الداخل اليمني سواء تحت غطاء التحالف السعودي الإماراتي أو التحالف البحري الجديد، فإن نتائجها ستؤول لصالح صنعاء ببساطة متناهية.
إلى ذلك، ومن خلال تطلعنا لتسلسل أحداث التدخل اليمني لمساندة غزة، يمكن التأكيد أن اليمن الذي يفاجئنا بخياراته العسكرية في كل مرحلة من التصعيد، ما يزال يمتلك في جبعته الكثير من الأوراق العسكرية لحسم المعركة المفتوحة مع التحالف الصهيوني، على عكس الأمريكي الذي اختبر معظم أوراقه الإستراتيجية ، فماذا يملك بعد أن استخدم سقف قوته من حاملات الطائرات والمدمرات والبوارج ووجها ضد اليمن، وفشلت في ردعه أو وقف عملياته !، ما يعني أن استمرار تصعيد أمريكا ضد اليمن سيفتح عليها وعلى وكلائها وأدواتها، أبواب جهنم.