في ظل إقرار أمريكي بريطاني بالفشل.. هل كسب اليمن المعركة البحرية؟
وما يسطرون – حلمي الكمالي – المساء برس|
بالرغم من العدوان الأمريكي البريطاني، إلا أن اليمن يواصل فرض معادلته البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية، ناهيك عن استهدافه للسفن والبوارج الأمريكية البريطانية المعادية على إمتداد البحرين الأحمر والعربي وباب المندب، وسط ذهول عالمي من صمود وإصرار هذه القوة العربية الإسلامية الجديدة التي استحوذت على المشهد الإقليمي والدولي في غمضة عين.
فخلال الساعات القليلة الماضية، شهد البحرين الأحمر والعربي عمليات نوعية واسعة للقوات اليمنية وذلك بحسب صراخ الأمريكيين والبريطانيين، تزامناً مع إعلان قوات صنعاء رسمياً استهداف سفينة أمريكية وأخرى بريطانية في البحر الأحمر، انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني وضمن الرد على العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن، وذلك في إطار سلسلة من العمليات التي نفذتها قوات صنعاء في خضم هذا العدوان.
لا شك، أن استمرار العمليات اليمنية ضد الملاحة الإسرائيلية وبوتيرة عالية في خضم الهجمات الأمريكية البريطانية على اليمن، يشكل صفعة مدوية لأكبر قوة عسكرية في العالم، وهي صفعة تكشف في مضمونها الإستراتيجي أولاً، عن هشاشة التحالف الأمريكي لحماية “إسرائيل” في البحر الأحمر، وعن فشل أهداف هذه الهجمات العسكرية ضد اليمن.
ما يحدث في البحر الأحمر، لا يمكن حصر نتائجه في إطار إحراج “الإمبراطورية العجوز”، بل يمكن تصنيفه بأنه ضمن نطاق الوجع الشديد الذي يعيشه الأمريكي، في ظل عجز وخيبة لم يعد للتسويف الأمريكي كما الأسلحة الأمريكية، أي نفعاً لاستمالة الواقع الجديد الذي تفرضه السواعد والصواريخ والطائرات اليمنية في هذه المنطقة البحرية الحيوية، رغماً عن أنف القوى الأجنبية.
هذا الواقع الجديد جسدته معادلات يمنية إستراتيجية حية نشاهدها تباعاً على الميدان، لا بيانات الغرف المغلقة كتلك “الصكوك” الخجولة التي يصدرها البنتاغون على وقع الهجمات الأمريكية البريطانية على اليمن، والتي يزعم في كل مرة بأنها أسفرت عن تقليص قدرات من يسميهم بالحوثيين، قبل أن تفندها العمليات اليمنية ميدانياً ويسمع صداها وتأثيراتها كل أرجاء الدنيا.
ولعل ذلك ما دفع الأمريكي بعد قرابة 26 يوماً من الضربات المتواصلة على اليمن، للإقرار المباشر بفشل هذه الضربات كما جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” والذي أكد أن” “الحوثيون” لديهم قدرات لانهائية والسؤال هنا كم عدد القدرات التي سيضحون بها من أجل قضية ما”، بعد إعتراف مماثل لوزارة الدفاع البريطانية والتي أكدت أن “الضربات على اليمن لم تستطع منع هجمات الحوثيين على السفن بشكل كامل”.
وفي هذا الإعتراف الأمريكي، نقطتان مهمتان، الأولى إقرار صريح بفشل الهجمات العسكرية على اليمن، وبنجاح القوات المسلحة اليمنية في إدارة هذه المعركة من موقع الهجوم وكذلك الدفاع، والنقطة الثانية هي التسليم بإصرار اليمن على مواصلة دعم غزة مهما كانت الكلفة والتحديات، وأن العدوان الأمريكي البريطاني لن يثني الشعب اليمني عن الاستمرار في الانتصار للقضية المركزية للأمة العربية والإسلامية.
بالطبع، أن الأمريكي يدرك فشل عدوانه الجديد على اليمن، وهو ما يعكسه الحديث والتحركات الأخيرة في الأوساط الأمريكية، لإحياء لافتة العدوان القديم، ومحاولات الدفع بأدوات التحالف السعودي الإماراتي لتحريك الجبهات الداخلية كنوع من الضغط الأمريكي على قوات صنعاء واشغالها عن تأدية واجبها الديني والأخلاقي والإنساني المساند للشعب الفلسطيني في غزة.
لكن هذه المحاولات سيكون مصيرها الفشل أيضاً، استناداً للوقائع والمعطيات المنظورة على المشهد العسكري والإستراتيجي اليمني، فالقوة الوطنية في صنعاء التي تمكنت من فرض معادلة صعبة في البحر الأحمر أمام قوى عسكرية عالمية، سيكون من السهل عليها حسم أي مواجهة داخلية، ناهيك عن انقسام معسكر التحالف، وبدء الكثير من التيارات والفصائل، تميل تجاه صنعاء، خاصة بعدما سجلته من موقف تاريخي باسم كل اليمن خلال دعمها لغزة، إلى جلنب انتصاراتها طوال الفترة الماضية.
الحقيقة أن اليمن لم يكسب المعركة البحرية ضد أساطيل كبرى القوى الغربية وحسب، بل كسب معادلة الردع الإقليمية ككل لصالحه ولصالح المقاومة الفلسطينية في غزة وكل دول وشعوب المقاومة العربية والإسلامية، وباتت السواعد اليمانية تجدف وحيدةً في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب، فيما أصبحت البوارج الحربية الأمريكية والبريطانية وكل سفن الاحتلال، مجرد صيد رخيص في متناول اليد الطولى، في حين تواصل صنعاء تصديها بنجاح للعدوان الأمريكي البريطاني، وتتوعد الاحتلال بمزيد من التصعيد في حال استمر العدوان والحصار على غزة وهو ما أشار إليه قائد الأنصار السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير