لماذا هاجمت بريطانيا عبر تحقيق الـ بي بي سي الإمارات فقط ولم تتطرق للسعودية؟
خاص – المساء برس|
أثار التحقيق الذي بثته بي بي سي البريطانية، بشأن دور الإمارات وتورطها مع أمريكا في الاغتيالات التي حدثت جنوب اليمن خلال مشاركة الإمارات في عمليات التحالف السعودي العسكرية ضد اليمن، أثارت جدلاً كبيراً في الشارع اليمني والعربي، كان السبب لهذا الجدل هو البحث عن إجابة لسؤال مفاده: “لماذا تبث بريطانيا تحقيقاً كهذا وفيه هجوم عنيف وقوي من بريطانيا ضد الإمارات التي تعتبر ربيبة المملكة المتحدة وصنيعتها، ولماذا هذا التحقيق الهجومي ضد الإمارات في هذا التوقيت تحديداً والذي يفترض فيه أن تكون الإمارات والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في خندق واحد، خاصة بعد طوفان الأقصى والمعركة الحامية الآن بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية وداعميها؟”.
الإجابة على هذا السؤال وردت على لسان العديد من المحللين السياسيين العرب وأيضاً اليمنيين العارفين بتفاصيل الصراع في اليمن وأدوار الأدوات الإقليمية التابعة للغرب وأدوات الأدوات في الداخل اليمني أيضاً، حيث يؤكد المحللون أن التحقيق الذي اختارت بريطانيا بثه في هذا التوقيت له علاقة بالحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة والتي انخرطت فيها اليمن عبر حكومة صنعاء انخراطاً قوياً وفاعلاً جداً قلب موازين القوة في المنطقة الإقليمية وكاد هذا الدخول يؤثر حتى على موازين القوى العالمية بسبب ما أقدمت عليه اليمن من اتخاذ قرارات شجاعة أعادت للشعوب العربية العزة والكرامة والشعور بالقوة والهيمنة على منطقتهم ومياههم، ومن ذلك فرض السيطرة العربية على مياه البحر الأحمر ورفض مرور السفن الإسرائيلية أو الذاهبة أو القادمة من وإلى إسرائيل من البحرين الأحمر والعربي.
وجدت الولايات المتحدة أنها تفقد هيمنتها على البحر الأحمر كجزء من الهيمنة الأمريكية على الممرات الملاحية العالمية، فأرادت قمع اليمن وردعه عن مواصلة تنفيذ قراراته فقررت تشكيل تحالف لحماية السفن الإسرائيلية وإعادة فرض عبورها من الممر الملاحي إلا أن هذا التحالف فشل وفوق ذلك لم تشارك في هذا التحالف أي دولة عربية مشاطئة للبحر الأحمر وهو ما مثل نكسة للولايات المتحدة، واعتًبر هذا الرفض العربي في المشاركة والانقياد خلف أمريكا صفعة في وجه الهيمنة الأمريكية وتمرداً عليها ومؤشراً على أفول نجمها وبدء ضعفها، فأرادت واشنطن تلافي صورتها عبر شن عدوان على اليمن لكن لم تشارك في هذا العدوان سوى بريطانيا فقط بينما رفضت دول عربية المشاركة فيه من بين هذه الدول، الإمارات التي لم يكن يتوقع الغرب أنها سترفض المشاركة، فكان العقاب البريطاني ضد الإمارات على هذا التمرد هو ببث التحقيق المتعلق بدورها في عمليات الاغتيال التي جرت في جنوب اليمن منذ 2015 حتى 2018.
لكن لا يزال هناك تساؤل حيّر المراقبين، وهو لماذا الإمارات فقط هي من تتعرض اليوم لهجوم غربي على عدم مشاركتها في التحالف الحربي الأمريكي ضد اليمن بينما لم يتطرق أحد للسعودية.
والإجابة على هذا التساؤل تتمثل في أن واشنطن ذاتها لم ترغب في أن تشارك السعودية في هذا الصراع لأن ذلك سيفشل خطط الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن والذي يسعى لهندسة اتفاق بين اليمن عبر حكومة صنعاء والسعودية لإنهاء الحرب في اليمن التي قادتها السعودية وأعلنتها من واشنطن في 25 مارس 2015 وانتهت بفشل التحالف السعودي رغم ما حصل عليه من دعم أمريكي وغطاء استخباري ولوجستي وسياسي عالمي، ولكون الهدنة المعلنة بين صنعاء والرياض والتي بدأ تنفيذها منذ 2 أبريل 2022 ولا تزال سارية حتى اليوم يعتبرها الجانب الأمريكي بأنها واحدة من إنجازات الرئيس بايدن، فإن انخراط السعودية مع هذا التحالف الأمريكي سيفشل هذه الهدنة وسيعيد الحرب في اليمن من جديد بما يدفع صنعاء لإعادة استهداف المنشئات النفطية الأمريكية داخل السعودية وهذا ما لا تريده واشنطن وإدارة بايدن، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في أمريكا.
بالتالي فقد تفهمت واشنطن احتجاب السعودية والنأي بنفسها عن المعركة الحالية، لكن واشنطن ولندن لم تلتمسا العذر للإمارات بشأن عدم مشاركتها معهم في الحرب على اليمن، ويبدو أن واشنطن ولندن كانتا تعولان على المرتزقة التابعين للإمارات الموجودين في بعض المناطق الاستراتيجية والحساسة التي لو تم تفعيلها فإنها قد تؤثر على عمليات البحرية اليمنية ضد السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل بحيث يتم دعم هؤلاء المرتزقة من أمثال مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي ومقاتلي طارق عفاش المتواجدين على الزاوية الجنوبية الغربية لليمن أي على المنطقة المحاذية والمطلة على مضيق باب المندب أكثر منطقة متوترة وخطيرة يتم من خلالها قطع الملاحة الإسرائيلية من المرور من البحرين الأحمر والعربي ومع رفض الإمارات الانخراط في هذا الصراع فإن التعويل الأمريكي والبريطاني قد فشل وتسبب بحالة ارتباك وتخبط دفع لندن وواشنطن للتهور والعجلة في شن هجوم عسكري جوي وبحري على اليمن انتهى حتى اليوم بالفشل في ردع اليمن وتحييده عن مواصلة مهمته الإنسانية والأخوية والعروبية تجاه الأشقاء المحاصرين في قطاع غزة بفلسطين المحتلة.
أما عن سبب عدم انخراط الإمارات في المعركة ضد اليمن تحت لواء الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي فسببه ليس نابعاً من كونه اصطفاف مع الباطل في وجه الحق الواضح بل لخوف الإمارات من تكرار الصفعات التي تلقتها سابقاً من القوات اليمنية العسكرية عبر الهجمات الصاروخية الباليستية والطيران المسير الذي استهدف عدة مناطق في الإمارات تسببت في هروب الكثير من المستثمرين من دبي وأبوظبي الأمر الذي دفع أبوظبي إلى تلافي الأمر والهروب من اليمن وإعلان الانسحاب تجنباً لتعرضها للمزيد من الضربات من اليمن رغم أن ذلك الانسحاب كان شكلياً حيث لا يزال للإمارات دور فاعل جنوب اليمن عبر أذرعها الرئيسية المتمثلة بطارق عفاش والمجلس الانتقالي.