عن تعاطي أمريكا مع الموقف اليمني.. من العدوان إلى التصنيف
وما يسطرون – أحمد الكمالي – المساء برس|
“إذا أوقف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر، فستدرس واشنطن رفع هذا التصنيف” يوضح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، لوكالة “رويترز” دوافع حكومته من إعادة تصنيف حركة “أنصار الله” اليمنية كمنظمة إرهابية، فلماذا لجأت إدارة بايدن إلى استخدام ورقة التصنيف ضد الأنصار بعد وليس قبل تنفيذها عدوان مشترك ومتواصل على عدة محافظات يمنية لنفس الهدف؟ .
باختصار إنه الإحباط والإجرام، الإحباط الذي سببه ثبات موقف صنعاء على استمرار عملياتها في البحر الأحمر ضد السفن المرتبطة بكيان الاحتلال الصهيوني حتى يتم السماح بإدخال المساعدات الغذائية والأدوية لأهالي غزة، ولم يتأثر ذلك بمواصلة الأمريكي والبريطاني شنهما عمليات عدائية ضد اليمن، بل زاد صلابة.
في غزة التي تضع صنعاء ادخال المساعدات الغذائية والأدوية إليها كشرط أساسي لوقف عملياتها في البحر الأحمر، أكثر من 2 مليون إنسان فلسطيني، يرى “نتنياهو “ضرورة فنائهم من الخريطة سواء بالقصف أو الحصار أو تهجيرهم إلى خارج القطاع كرد اعتبار لفشله وهزيمته في السابع من أكتوبر المجيد أمام فصائل المقاومة الفلسطينية.
بايدن يوافق نتنياهو في ذلك ويشاركه في اجرامه، وينصحه بأن يأخذ وقته الكافي دون استعجال، ولتهيئة الجو المناسب لنتنياهو الفاشل والمنتقم، تحبط أمريكا كل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة الرامية لوقف الحرب، وتظهر للعالم وجهها القبيح دون أي اعتبارات وترمي للمناشدات والتقارير الإنسانية.
للمهمة نفسها، تأخذ أمريكا على عاتقها مسؤولية التكفل بتحييد الموقف اليمني المستهدف لسفن ومصالح الكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر، لما سببه ذلك الموقف وتلك العمليات من وجع وتعكير لصفو آلة الموت الصهيونية المنهمكة في قتل الأطفال والنساء في غزة.
بالبداية، قالت واشنطن للعالم هذا تهديد على سفن الملاحة الدولية، تحركوا لنفتح حربا جديدة وتحالفا أخر كغرار ذلك الذي استخدمناه كمظلة لتدمير واحتلال العراق بذريعة امتلاكه سلاح دمار شامل.
ولإثبات أن الملاحة الدولية تواجه تحديا شامل، حشدت أمريكا اساطيلها لعسكرة البحر الأحمر وبدأت بارتكاب الحماقات التي كانت محصلتها تحول التهديد الذي أدعت أنها جاءت لتنهيه إلى واقع بالفعل.
وعلى أية حال فقد منيت أمريكا بفشل سياسي ذريع، إذ لم تستطع حشد سوى 12 دولة، ما عدا سيشيل والبحرين من تلك الدول، فإن بريطانيا تابع ملحق للأمريكي لم تكلف وستن أي جهد أو جدل لإقناعها بالمشاركة، فيما اسبانيا لم تكن تعلم وفرنسا فهمت الدرس مسبقا وألمانيا لم تصل حتى الان، وهذا ما جعله بالمحصلة عدوانا أمريكا بريطانيا فحسب!
ومع أن الحكومة الأمريكية تمكنت من الدفع بقرار في مجلس الأمن يلبي ادعاءاتها الكاذبة، إلا أنها لم تستطع حجب الصورة عن العالم ولا حتى عن شعبها هذه المرة، فالجميع يرى التصعيد الحاصل في المنطقة من زاوية ما يجري في غزة، وهو كذلك بالفعل.
لذا فإن المعادلة التي فرضتها صنعاء والمتمثلة بـ “أوقفوا عدوانكم على غزة يتوقف التصعيد في البحر الأحمر” منطقية وعادلة عند كل سكان كوكب الأرض عدا أولئك المشتركين في الجريمة مع نتنياهو.
بالنسبة لواشنطن وتل أبيب ومن منظور وحسابات أعمق، فإن العدوان على غزة ما هو إلى مقدمة لتجميع ما تم نسفه بفعل عملية طوفان الأقصى من مشروع تحويل الدول الوطنية في المنطقة إلى كتيونات اقتصادية منزوعة الهوية، بقالات استهلاكية بمساحات كبيرة، وذلك ما كان يجري تطبيقه عبر التطبيع بين أنظمة وحكومات عربية مع الكيان الصهيوني، ليس أخرها السعودية!.
ولأجل ذلك يجب أن تكون غزة حفلة شواء كبيرة ومأساة مفتوحة، يراد منها ترهيب كل الشعوب في المنطقة والعالم، من مصير مشابه إذا ماقالوا لا، وعليه يجب كسر حالة التحدي التي اثبتتها اليمن في مناصرتها لفلسطين.
لكن ذلك لم ولن يتم، فالموقف اليمني موقف” مسؤول من منطلق إيماني وإنساني وقيمي، عليه نحيا وعليه نموت” يشدد قائد أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي على ضرورة أن يفهم الأمريكي ذلك، الأمريكي لا يفهم ولا يريد لكنه يتألم في كلمة مرة يسمع فيها العالم عبارة “صادرُ عن القوات المسلحة اليمنية”، يلجأ لمحاولة ترهيب الشعب اليمني بأكمله من تداعيات موقفه القومي والإنساني والأخلاقي مع أبناء أمته المستضعفين في غزة، ترد عليه الملاين: ما نبالي”، يصاب بالرهاب ويصنفهم بالإرهاب.