هل استنفدت أمريكا أوراق الضغط التي استخدمتها لوقف هجمات صنعاء على إسرائيل؟
عبدالله محيي الدين – وما يسطرون|
مع تأكيدات صنعاء أنه لا تراجع عن قرار حظر الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وأن الهجمات التي تنفذها ضد السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل لن تتوقف إلا بتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، والسماح بدخول الغذاء والدواء والسلع الأساسية إلى سكان قطاع غزة المحاصر، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية محاولات الضغط على صنعاء لوقف عملياتها من خلال رسائل الترغيب والترهيب التي استخدمت فيها الولايات المتحدة عدة أوراق كان أهمها التهديد بإفشال اتفاق السلام المرتقب بين صنعاء والرياض.
والضغط لوقف المساعدات الاممية في مناطق حكومة صنعاء، ثم التهديد بشن هجمات مباشرة على اليمن، وحشد القوات العسكرية في البحر الأحمر، والإعلان تشكيل تحالف عسكري دولي في البحر الأحمر، تحت لافتة تأمين الملاحة الدولية.
وبعد فشلها في حشد تأييد دولي للهجوم الذي كانت تعتزم شنه على اليمن، كرد على استهداف قوات صنعاء للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، عادت الولايات المتحدة مجددا لاستخدام ورقة عملية السلام في اليمن، في محاولة جديدة للضغط على صنعاء لتعديل موقفها من العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث نقلت صحيفة الشرق الأوسط السعودية، عن مسؤول أميركي وصفته بال “بارز” تحذيره من أن “مهاجمة سفن الشحن الدولية تهدد مكاسب السلام اليمني، وأنها لا تساعد أهالي غزة”، مضيفة أن تحذير المسؤول الأمريكي الذي قالت إنه فضل حجب هويته، جاء في سياق رد المسؤول، الذي فضّل حجب هويته، على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول تأثر السلام اليمني الداخلي بالعمليات البحرية”.
وذكرت الصحيفة أن المسؤول الأمريكي “حضّ بشدة الأطراف اليمنية على وضع احتياجات الشعب اليمني في المقام الأول، وعدم دفع اليمن إلى صراع إقليمي أوسع من خلال هذا السلوك التصعيدي”، مضيفاً أن “مهاجمة سفن الشحن الدولي أمر غير قانوني وخطير، ويتعارض مع القانون الدولي، ويهدد الاستقرار في اليمن، وكذلك المكاسب التي تحققت في العامين الماضيين لدعم جهود السلام وإنهاء الحرب”.
وبدأت محاولات الإدارة الأمريكية الضغط على حكومة صنعاء بهدف دفعها إلى عدم المشاركة في ردع العدوان الإسرائيلي على غزة منذ إعلان سلطات صنعاء استعدادها للمشاركة في مواجهة هذا العدوان ، بعد أيام من شن إسرائيل هجومها على غزة، مرورا بالهجمات التي نفذتها قوات صنعاء في العمق الإسرائيلي بمناطق جنوب فلسطين المحتلة، أواخر أكتوبر الماضي، ثم إطلاق العمليات العسكرية في البحر الأحمر والتي بدأت في ١٩ نوفمبر الماضي، بالاستيلاء على السفينة الإسرائيلية جلاكسي ليدر، واقتيادها إلى الساحل اليمني الذي تربض فيه حاليا.
وتضمنت تلك الرسائل التي تهدف الإدارة الأمريكية من خلالها إلى الضغط على صنعاء ترغيبا وترهيبا، استخدام عملية السلام في اليمن كأهم ورقة، حيث لوحت الولايات المتحدة بتقويض الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق سلام بين صنعاء والرياض، كما حرصت على الربط بين مشاركة صنعاء في الرد على العدوان الإسرائلي على غزة، وبين عملية السلام بين صنعاء والرياض، وجاء ذلك على لسان المسئولين الأمريكيين كوزير الخارجية والمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ.
وفي منتصف نوفمبر الماضي ذكرت معلومات أن لولايات المتحدة الأمريكية تربط أي اتفاق سلام في اليمن بمطالب معينة أبرزها توقف هجمات قوات حكومة صنعاء على إسرائيل وتدفع بدول التحالف وفي مقدمتها السعودية للتعاطي على هذا الأساس.
وكانت وسائل إعلام أمريكية أكدت أواخر ديسمبر الماضي أن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً على السعودية لتأخير توقيع اتفاقية السلام مع اليمن والانضمام بدلاً من ذلك إلى التحالف العسكري الذي أعلنته في ١٩ ديسمبر، تحت عنوان “حارس الازدهار”، في حين كان قائد حركة “أنصار الله” عبد الملك الحوثي كشف في خطاب له منتصف نوفمبر الماضي أنه كان هناك “اتفاق وشيك مع التحالف” عرقلته الولايات المتحدة الأمريكية في إطار ممارسة ضغوط على حكومة صنعاء لوقف عملياتها ضد إسرائيل، وهذا ما أكده تقرير قناة الإخبارية السعودية الذي كشف أن التوقيع كان قريبا على الاتفاق مع حكومة صنعاء.
هذا أيضا ما أكده المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ في وقت لاحق من شهر ديسمبر الماضي، خلال ندوة بمركز واشنطن للدراسات اليمنية، حيث قال إن “أحداث غزة وتصعيد الحوثي أعاق التوقيع على اتفاق السلام بين السعودية والحوثيين” في إشارة واضحة إلى أن الولايات هي المسؤولة عن إعاقة التوقيع لأنها هي من ربطت الأمرين ببعضهما، على عكس السعودية التي حرصت خلال الفترة الماضية على أن تحافظ على الهدنة وما تم إنجازه في المفاوضات.
وكان رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبدالسلام قد أكد من جهته، في تصريحات إعلامية قبل أيام أن “العمليات في البحر الأحمر والبحر العربي لا علاقة لها بالملف اليمني أو مسار السلام والنقاش مع الأشقاء في المملكة برعاية عمانية، كون تلك العمليات مرتبطة بشكل محدد واضح؛ وهي تستهدف السفن الإسرائيلية أو التي لها علاقة بها أو متجهة إلى موانئ الكيان الإسرائيلي كموقف داعم للشعب الفلسطيني، ولتخفيف الحصار الخانق عليه، ولا تستهدف العمليات في البحر الأحمر والبحر العربي أي دولة أخرى في العالم غير إسرائيل، وهذه قواعد اشتباك فرضها الإسرائيلي من خلال فرضه حصاراً خانقاً يستهدف الغذاء والدواء، فضلاً عن القتل الوحشي اليومي للأطفال والنساء”.