لماذا إيران ؟!
وما يسطرون – جلال زيد – المساء برس|
لا تستغربوا ردود الأفعال المسيئة الدولية والشعبوية والدينية والسياسية لإيران والتصورات المغلوطة حولها رغم سياستها الداخلية والخارجية الواضحة المبنية على أسس إسلامية وثوابت أخلاقية والتزامات دينية وإنسانية ؛؛ ورغم ما بذلته لأجل تثبيت النظام الإسلامي في جغرافيتها وخدمة المستضعفين خارج حدودها ..
ولكن قبل أن أجيب على هذا السؤال علينا أن نمرّ على محطات التاريخ الايراني بشكل سريع وموجز ! كانت ايران قبل الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني الرحل رضوان الله عليه تحت السلطة البهلوية أشبه بمعسكر كبير ومهيمن على منطقتنا وخادم يمرر وينفذ مخططات قوى الإستكبار آن ذاك كبريطانيا وغيرها.. وكانت المنطقة بطبيعة الحال رازحة تحت نير العبودية لقوى الهيمنة الكبرى آن ذاك وفاقدة للرؤية السياسية السليمة وللمشروع النهضوي والتقدمي والديني…الخ وبعد اسقاط حكومة الشاة وانتصار الثورة الإسلامية ليس على “نظام السلطة الحاكمة في ايران آن ذاك” بل انتصرت هذه الثورة على التوجه التبعي للإستكبار وسياسة الخنوع لقوى الهيمنة والخروج عن فلك” وإرادة” الامريكي والبريطاني ،، وبذلك تحولت إيران من معسكر تابع للقوى المهيمنة إلى معسكر مناهض لها ولسياسات هذه القوى الاستبدادية ! واعتبرها الأمريكيون بؤورة الخطر الأولى على وجودهم ولذلك كان يجب أن يعملوا المستحيل لإسقاطها فتشكل تحالف “عربي” اسلامي وذلك لمواجهة إيران الإسلامية عسكرياً وبدأ غزوها وكان في طليعة هذا الحلف الملعون صدام حسين !! وتمت محاربتها لمدة ثمان سنوات من قبل العالم كله وفي ظروف حصار خانقة واستثنائية جدا !.
وانتصرت ايران في صد هجوم الإعداء على جغرافيتها وانتصرت الثورة الإسلامية على العالم الخانع آن ذاك والتابع لنظام القطبية . وحين فشل الاعداء ونظام الهيمنة من اسقاط ايران الاسلامية واحتلالها كان لا بد عليه من القفز إلى الأمام والعمل على تحصين شعوب المنطقة مما اطلقوا عليه “التمدد الفارسي” أو “المشروع الايراني” وغيرها من المسميات . فبدأت ماكينة الإعلام الضخمة للأعداء بتشويه صورة إيران في عيون الشعوب وبث مشاعر العداء والكراهية تجاهها وزرع بذور العصبيات القومية والمذهبية في شعوب المنطقة تجاه ايران.
وخدم العلماء والساسة والنخب في المنطقة والعالم نظام الهيمنة بتحقيق هذا الهدف الكبير والذي سيحافظ على عدم تكرار “قيام ايران إسلامية” ثانية في المنطقة وعدم الاحتذاء والاقتداء بالجمهورية الإسلامية وثورتها المباركة . وحققوا نجاحا في هذا المجال مستغلين جهل الشعوب وفقرها . وبرغم كل ذلك لم تتوقف الجمهورية الإسلامية الايرانية عن المسير ولم تقف مكتوفة الأيدي بل سعت جاهدة من خلال أعمالها ومواقفها المشرفة أن تظهر جوهرها الإسلامي والإنساني الحقيقي ! ولم تدخر جهدا لدعم كل مناهضي الهيمنة العالمية والمظلومين والمستضعفين في العالم ومن رحم هذه الثورة خرج حزب الله ؛؛ وحركات المقاومة .. في العراق وغيرها. ومنها وبها استمرت المقاومة الفلسطينة وبها سقط مشروع الهيمنة على الاسلام والمنطقة.
ومع اندلاع العدوان على اليمن لم تتفرج الجمهورية الإسلامية وحزب الله والمقاومين الشرفاء ووقفوا على الحياد بل كان لها ولهم السبق في الدعم العسكري واللوجستي والسياسي والاقتصادي .. الخ لبلدنا وهذا ما لم ولن نخفيه اليوم أبدا !. عمد الإعداء لاتهام كل مناهض لهم “محليا واقليميا” بأنه ايراني وذراع ايران وذيل ايران وحزب ايران وجماعة ايران ويد ايران” وتحت شعارات ايقاف التمدد الفارسي وووو.. شنت الحروب بالوكالة على جميع الشرفاء في المنطقة وآخرها اتهام حركة حماس الإخوانية “الفلسطينية” بتبعيتها لإيران وانها ذراع لمشروعها ايضا ! ولهذا الضغط الاعلامي والنفسي والسياسي للعدو هدف خطير الغاية منه تنفير شعوب المنطقة من الجمهورية الإسلامية ومحاولة جعلها “سببا” للمعاناة والدمار ! وتثبيت فكرة الإنسلاخ عن ايران للإبتعاد عن المشاكل! أو عدم التقرب والاقتراب من ايران لتحييدها واسقاط “نموذجية نظامها الإسلامي” لماذا إيران .. لأن إيران في قلب الصراع العالمي والاقليمي والمحلي ولأنها نموذج منتصر بكل المستويات والساحات السياسية والاخلاقية والإنسانية والعسكرية والثقافية ..الخ على العدو وسياساته ونموذجه القبيح . لماذا ايران .. لكي لا يتم تكرار نسختها الاسلامية والمقاومة والشريفة في جغرافيا المنطقة. وهنا اوجه رسالتي بكل حبّ لأخوتي المجاهدين اليمنيين والعراقيين وغيرهم ، اقول لهم إن سياسة إيران وما يخرج منها قائمة على النظرة الإسلامية وأن سياسة العدو وما يخرج منه قائم على النظرة الشيطانية ! فاتقوا الله في الجمهورية الإسلامية الايرانية واحفظوها لأنها للجميع وليس للإيرانيين وحدهم ! واستفيدوا منها كي تفلحوا واحذروا من خطوات ومكائد الشياطين التي تحاول ابعادكم عن ايران واخراجكم عنها !! يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٢١﴾ سورة النور.