فرنسا تشاغب في البحر الأحمر.. يُستحسن ألا يُعيد اليمن تذكيرها بما حدث في 2019 أو استخدام ورقة الغاز وتوتال
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
أعاد خبراء نفط يمنيون التذكير بإلغاء اتفاقية اليمن مع فرنسا لبيع الغاز الطبيعي المسال، وتشغيل “توتال” الفرنسية لمنشأة تصدير الغاز الطبيعي المسال في بلحاف بمحافظة شبوة جنوب اليمن.
ويؤكد الخبراء إن اتفاقية بيع الغاز لفرنسا تعتبر لاغية بموجب بنود الاتفاق الموقع بين الطرف اليمني والطرف الفرنسي في 2005.
وتأتي إعادة فتح ملف اتفاقية الغاز مع فرنسا في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن وتل أبيب إلى الدفع بفرنسا عسكرياً للمشاركة في تحالف بحري عسكري لمواجهة الخطوات اليمنية المعلنة رسمياً من صنعاء والتي أعلن فيها شن الحرب على كيان الاحتلال الإسرائيلي وفرض حصار بحري على الكيان من جهة البحر الأحمر والبحر العربي الذي تهيمن اليمن على أهم منطقة فيهما، وهو القرار الذي اتخذته صنعاء دعماً ومساندة منها للشعب الفلسطيني والمحاصرين بقطاع غزة الذي يتعرض لعدوان همجي من قبل كيان الاحتلال بدعم مباشر غربي ومفتوح السقف.
في منتصف ليل البارحة، وبعد ساعات قليلة من إعلان القوات المسلحة اليمنية حظر عبور السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي أياً كانت جنسيتها من البحرين الأحمر والعربي وعدم الرجوع عن هذا القرار إلا بعد إدخال كل ما تحتاجه غزة من غذاء ودواء، نشرت وسائل إعلام فرنسية أن الفرقاطة الفرنسية LANGUEDOC (D653) وهي فرقاطة تتبع القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي، أسقطت طائرتين مسيرتين يمنيتي الصنع في البحر الأحمر، في حين لم تعلن صنعاء أي عملية عسكرية لها في البحر الأحمر خلال الساعات الماضية حتى اللحظة كما لم تعلن فرنسا رسمياً هذا الأمر.
دخول فرنسا على الخط في المواجهة بين اليمن وإسرائيل لا يزال مجرد اختبار وجس نبض من فرنسا لقياس مدى ردة الفعل اليمنية، والتي لن تكون أقل من ردة الفعل اليمنية تجاه محاولات الحماية الأمريكية للسفن الإسرائيلية أثناء مرورها في البحر الأحمر والتي فشلت في نهاية المطاف واضطرت بعدها سفن كيان الاحتلال الإسرائيلي والمرتبطة به بإعلان تغيير مسارها وتحويله إلى سلوك طريق رأس الرجاء الصالح عبر الطواف بأفريقيا رغم ما يتتبعه ذلك من طول للمسافة وزيادة كبيرة في تكاليف الشحن وتأخير وصول الشحنات بإضافة 14 يوماً إضافياً للرحلة الواحدة.
كما أن لفرنسا تجربة قاسية مع اليمن عسكرياً خلال عامي 2018 و2019، إذ يكشف مصدر عسكري مسؤول في صنعاء أن فرنسا سخرت جزءاً من قواتها في جيبوتي للمشاركة في بعض العمليات العسكرية المعادية ضد اليمن خلال هذه الفترة، لكن فرنسا أخفقت عند أول تحرك، يضيف المصدر المسؤول العسكري اليمني بالقول “من المستحسن للفرنسيين ألا نكشف ما حدث حينها ولا أريد أن أكشف المزيد من المعلومات لكن أريد هنا التأكيد على أن باريس اضطرت وبشكل مستعجل إلى إرسال وساطات إلى صنعاء من أجل فقط التكتم على ما جرى وعدم كشفه للإعلام للحفاظ على هيبة القوات الفرنسية”، مشيراً إلى أن العالم بأكمله يعرف ويتابع أهم حدث اليوم وهو الحرب في فلسطين المحتلة وبالتالي فإن أي فضيحة عسكرية لفرنسا سيعرف بها العالم بأكمله وسيكون من الصعب عليها إعادة ترميم هيبة قواتها.
وبعيداً عن الورقة العسكرية التي يشهرها اليمن بوجه كيان الاحتلال الإسرائيلي وداعميه ومن بينهم فرنسا فإن هناك أوراق أخرى لدى اليمن يمكن استخدامها في حال واصلت فرنسا في مجازفتها وأصرت على انخراطها ضمن الصراع الذي لن تتحمله باريس طويلاً فإلى جانب الخطر الذي يتهدد قطعها البحرية فإن هناك خطراً يتهدد جنودها وعتادها العسكري في القاعدة العسكرية التابعة لها في جيبوتي، أما الأوراق غير العسكرية التي يملكها اليمن بخصوص فرنسا فإن صفقة شراء الغاز اليمني عبر شركة توتال الفرنسية ستكون حاضرة في الملعب، خاصة وأن اليمن لم يوافق حتى اللحظة على استئناف سريان الصفقة المتوقفة منذ 2015 بفعل الحرب التي شُنت على اليمن.
في هذا الصدد يقول خبراء النفط اليمنيون إن اتفاقية بيع الغاز مع فرنسا (توتال) يفترض أنها لاغية بموجب أحد بنود الاتفاق الذي يتيح للبائع إنهاء العقد.
يقول الدكتور عبدالغني جغمان المتخصص بشؤون الطاقة والجيولوجيا اليمنية والمقيم في أوروبا، إن المادة رقم (50) في القسم (14) من الاتفاقية الموقعة في يوليو 2005 بين الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال كطرف بائع وشركة توتال للغاز والطاقة المحدودة كطرف مشتري، تنص على أن إلغاء الاتفاقية يخضع للقوة القاهرة للطرف البائع والمتمثلة في حدوث ظروف خارج إرادة البائع ومن هذه الظروف الحرب أو الحرب الأهلية أو فرض الحصار على اليمن أو أي ظروف أخرى تكون فيها اليمن غير قادرة على مواجهتها ومواصلة التزاماتها تجاه الطرف المشتري.
ويؤكد جغمان إن ما حدث في اليمن منذ مارس 2015 ينطبق تماماً على ما جاء في نصوص بنود الاتفاق التي تتيح للبائع إلغاء الاتفاقية نهائياً من دون أن يكون البائع ملزماً بأي التزامات قانونية لصالح فرنسا وشركة توتال.
بناءً على ذلك فإن محاولة فرنسا استعراض حضورها في البحر الأحمر ضد اليمن دعماً لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ستكون عبارة عن مجازفة جنونية قد لا يتمكن الفرنسي لاحقاً من الخروج منها بسهولة.