روّاد السوشيال ميديا.. كيف نقلوا “طوفان الأقصى” للعالم وتبنوا جبهة مهمة بوجه الاحتلال؟
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً فاعلاً في عملية طوفان الأقصى، ونقلت للعالم حقائق ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم إبادة ومجازر يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، كما عرّفت شعوب العالم أن هناك شعباً بأكمله تعرضت أرضه للاحتلال والاغتصاب فيما تعرض هو للتهجير القسري والحرب والقتل من قبل المحتلين.
وعلى الرغم من القيود الكبيرة جداً التي تفرضها إدارات مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة التي يتحكم بها اللوبي الصهيوني الأمريكي في تقييد المحتوى المتفاعل مع القضية الفلسطينية، إلا أن نشطاء الوطن العربي ومؤثريه ورواده المشاهير وأيضاً النشطاء من مختلف دول العالم من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية والمناهضين للهيمنة الغربية الوحشية على الشعوب المستضعفة، استطاعوا إيصال قضية ومظلومية الشعب الفلسطيني.
ومن خلال الاطلاع على معظم المحتوى الذي تناوله ونشره نشطاء العالم العربي وأحرار العالم، بمواقع التواصل الاجتماعي عن “طوفان الأقصى” وعن القضية الفلسطينية، يمكن سرد مجموعة من النقاط التي لوحظ التزام رواد السوشيال ميديا بها أثناء تغطيتهم وتعاطيهم مع القضية الفلسطينية وما يحدث في قطاع غزة ومعركة طوفان الأقصى، حيث استطاعوا بهذه الطريقة أن يواجهوا وبجدارة الآلة الإعلامية العالمية الغربية التي عملت منذ عقود ولا زالت على تحريف وعي الشعوب العربية وشعوب العالم عن ما تعرض له الشعب الفلسطيني، وعن أحقيته في الدفاع عن أرضه المغتصبة من الاحتلال الإسرائيلي الذي غرسته بريطانيا ثم تبنته أمريكا من العقود الأولى للقرن الماضي.
وتميز محتوى السوشيال ميديا لدى رواد هذا العالم الرقمي التفاعلي، بالتركيز على الحصار الإسرائيلي المستمر والقصف الوحشي على قطاع غزة وتحديداً على المباني المدنية والمستشفيات والمدارس، والكارثة الإنسانية في غزة.
كما أعاد رواد التواصل الاجتماعي في العالم العربي إلى أذهان الشعوب العربية وشعوب العالم وتذكيرهم بممارسات الاحتلال التدريجية التي نفذها جيش الكيان الإسرائيلي من خلال تسليط الضوء على عمليات الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية والقمع الإسرائيلي للاحتجاجات وحالة الاعتقالات والقتل المتعمد فيها، رغم أنه لا يوجد فيه هذه المناطق حركة حماس التي يبيد الاحتلال أبناء غزة بذريعة محاربة حماس.
تعريف شعوب العالم، بأن حركات المقاومة الفلسطينية وتحديداً حركتي حماس والجهاد الإسلامي ليست “إرهابية” كما يحاول العدو الإسرائيلي تصويرها وتقديمها للعالم.
تقديم عملية “طوفان الأقصى” بمعناها الحقيقي وتوصيفها الدقيق الذي لا يريد الإسرائيلي والأمريكي الاعتراف به، وهي أنها عملية مشروعة في التشريعات السماوية والقوانين الدولية، وأنها عملية رد فعل مبرر ومشروع على ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، ولعل هذا النشاط الذي قام به رواد التواصل الاجتماعي هو ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة يعلق على ما قام به الفلسطينيون في 7 أكتوبر الماضي بأنه رد فعل طبيعي على ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين طوال العقود الماضية في ظل صمت دول العالم.
كما سلط رواد التواصل الاجتماعي على الإبادة الجماعية لأهالي غزة من قبل العدو الإسرائيلي.
توضيح تأثير الغارات العنيفة والقصف المدفعي الهمجي على قطاع غزة وخصوصاً تلك التي كان الكيان المحتل يستخدم فيها قنابل الفسفور المحرمة دولياً والمواد الكيماوية القاتلة.
التركيز على تجاهل الإسرائيليين لمعاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لتعرية الكيان المحتل وفضحه أمام شعوب العالم الذين لديهم مفاهيم مغلوطة عن القضية الفلسطينية وظلوا بفعل التأثير الإعلامي يعتقدون أن الإسرائيليين هم من يستحقون الاستعطاف فيما انقلبت هذه المفاهيم واتضحت الحقائق لدى شعوب العالم أن العكس هو الصحيح وأن من يتعرض للظلم والإبادة هم الفلسطينيون وأن من يمارس الإرهاب بالمعنى الحرفي هو ما تسمى (دولة إسرائيل).
كما لوحظ خلال ما نُشر بالسوشيال ميديا بخصوص القضية الفلسطينية، اتجاه النشطاء ورواد العالم الافتراضي إلى الاستخفاف والاستهتار بالسردية الإسرائيلية الرسمية التي تحمل الأكاذيب والتزييف وأيضاً بالسردية الشعبية الإسرائيلية في حق اليهود في احتلال فلسطين وقتل شعبها بما في ذلك النساء والأطفال.
كما تنبه رواد التواصل الاجتماعي للمصطلحات التي كان يريد الكيان الإسرائيلي تعميمها على الإعلام المجتمعي عند الحديث عن المقاومة الفلسطينية والتي استخدمها أيضاً كتقييد لمحتوى مرتادي السوشيال ميديا لمنعهم من التعليق أو النشر لكشف حقيقة الكيان المحتل، حيث اعتمد رواد الإعلام المجتمعي مصطلحات تقدم المقاومة الفلسطينية والقضية والشعب الفلسطينية في الإطار الدفاعي والحق المشروع عن استعادة أرضهم المحتلة والرد على جرائم الكيان الإسرائيلي، ومن ذلك مثلاً عبارات “الدفاع عن النفس، الانتقام، المقاومة” وفي المقابل أيضاً انتقاد السلوك الإسرائيلي وتقديمه باستخدام مصطلحات تليق بجرائمه مثل “الهجوم، الوحشية، الجرائم، الاحتلال، الغزو، الكاذبة، الإرهابية”.
وأيضاً كان السوشيال ميديا منصة عالمية لرواده من العرب وحتى الغرب، للسخرية والاستهتار بحكومة الكيان الإسرائيلي ومسؤوليه العسكريين والسياسيين الذين فشلوا فشلاً ذريعاً في إدارة المعركة، وبقرارات هذه الحكومة الغبية وتصرفاتها وتصريحات مسؤوليها قدموا خدمة للقضية الفلسطينية حيث استغل رواد التواصل الاجتماعي هذه التصريحات والقرارات للحديث عنها بسخرية وانتقادها بشكل ساخر وتقديمها على أنها اعترافات لا متناهية من الكيان بحقيقته الإجرامية.
حتى الإدارة الأمريكية ورئيسها جو بايدن، لم يسلموا من جبهة السوشيال ميديا التي فضحتهم وعرّتهم وأدت إلى حدوث شرخ كبير في الداخل الأمريكي على مستوى الإدارة، ومن ذلك ما نشر من مهاجمة لبايدن بالشتائم وفضحه كشريك رئيسي في الإبادة الجماعية لأهالي غزة.
الهيمنة الإعلامية الغربية التي كانت تنشر ما تريد وما يصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي وأمريكا فقط وتتجاهل بقية المعلومات والصور والفيديوهات والأحداث والتصريحات، ومن تلك التصريحات مثلاً بيانات وتصريحات المنظمات الأممية ومسؤوليها وقياداتها التي كانت تفضح كيان الاحتلال وكانت هذه التصريحات لا تجد طريقها للقنوات العالمية الكبيرة الممولة من أمريكا وإسرائيل فكانت منصات التواصل الاجتماعي وروادها القناة الرئيسية لهذه المنظمات لنقل ما تعلنه وتصرح به.
كما تضمن نشاط رواد التواصل الاجتماعي تفنيد مصطلح “معاداة السامية” الذي ترفعه أمريكا وإسرائيل منذ عقود لتبرير كل جرائم الكيان المحتل ولقمع أفواه المتعاطفين مع القضية الفلسطينية حول العالم، وأيضاً كشف حقيقة هذا المصطلح (السامية) الذي حصره الغرب فقط بـ”اليهودية” مع أنه مصطلح يعني العرب.
فضح كيفية تأثير المقاطعة الاقتصادية لبضائع كل الشركات التي تدعم الكيان الإسرائيلي وتشجيع شعوب الدول العربية والعالم على مواصلة المقاطعة بسبب ما أثمرته من نتائج إيجابية كبيرة جداً باعتراف الإعلام الغربي ذاته.