ما الذي سيحدث لو قرر كيان الاحتلال الإسرائيلي اقتحام غزة برياً؟ (تحليل)
خاص – المساء برس|
حشدت قوات كيان الاحتلال الإسرائيلي مدرعاتها ودباباتها إلى المناطق المتاخمة للحدود الشرقية لقطاع غزة، وهددت باقتحام القطاع، وحتى اللحظة لا يوجد قرار رسمي بدخول القطاع بعملية برية وما يصدر من تصريحات بما في ذلك تصريح رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي من أنهم يستعدون لعملية عسكرية هدفها أكبر من القضاء على حركة حماس حسب زعمه، إنما هي لتهدئة الشارع الإسرائيلي الذي خرج بتظاهرات اليوم أمام مقر رئاسة الحكومة ومكتب نتنياهو للمطالبة برحيله من السلطة.
لكن وعلى فرض أنه سيتم تنفيذ عملية برية إسرائيلية في قطاع غزة، فإن المعطيات والمؤشرات التي يمكن تحليلها ومناقشتها تتمثل في التالي:
أولاً: أثبتت عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، حجم ضعف جيش الكيان الإسرائيلي، وكسرت شوكته وأهانت سمعته التي ظل الكيان يبنيها منذ عقود ومن ذلك أنه الجيش الذي لا يقهر، وبالتالي فإن إسرائيل وبعد هذه الصفعة القوية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية يفترض أنها ليست مستعدة أن تتلقى صفعة ثانية قد يكون وقعها أقوى من صفعة 7 أكتوبر الجاري، فمن استطاع أن يفعل كل ذلك الفعل في جيش الكيان في غضون ساعات ويجتاح كل تلك المناطق بمقاتلين محدودين وبوسائل قتال بدائية وعادية، مقارنة بما لدى الطرف الآخر من عتاد عسكري رهيب وهائل وقوي، ويقتل ويأسر كل ذلك العدد من جيش الكيان الإسرائيلي من جنود وضباط وقادة وجنرالات فبالتأكيد أن لديه مفاجئات ليست في حسبان العدو الإسرائيلي لمواجهة أي عملية برية وبالتالي كسر هيبة الجيش الذي لا يكسر للمرة الثانية ومن قبل فصيل واحد فقط من فصائل المقاومة الفلسطينية فكيف لو دخلت بقية الفصائل أو بقية محور المقاومة في المنطقة كيف سيكون حال هذا الجيش الذي يختبئ كلما دوّت صفارات الإنذار؟!.
ثانياً: يفترض بكيان إسرائيل المؤقت أن يكون قد وضع في اعتباره أن من استطاع أن يحقق كل هذا الانتصار ويسيطر على مدن بأكملها في ساعات ويسقط 55 موقع عسكري في ذلك اقتحام وسيطرة تامة على مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية الجنوبية ويأسر قائدها، يفترض بالكيان أنه قد وضع في اعتباره أيضاً أن من امتلك الجرأة على تنفيذ هذا العمل بالتأكيد يمتلك الجرأة أيضاً لضرب جيش الكيان في حال نفذ عملية برية على قطاع غزة.
ثالثاً: تمتلك إسرائيل 1650 دبابة ميركافا مصفحة، أما المدرعات فهي لا تفي بالغرض أمام صواريخ المقاومة الفلسطينية الموجهة، وعلى فرض أنه سيتم اجتياح غزة فستستخدم إسرائيل هذه الدبابات لعملية الاجتياح، لكنها في حقيقة لا تستطيع استخدام هذه الدبابات لأن ذلك يعني إفراغ المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلة من هذه الدبابات وسحبها إلى الجهة الجنوبية لاستخدامها في عملية الاجتياح، وذلك يعني أن الجبهة الشمالية ستكون فارغة ومفتوحة أمام عملية اجتياح بري تنفذها المقاومة الإسلامية في لبنان ممثلة بقوات حزب الله، وهذا ما لا تريده إسرائيل على الإطلاق وستتجنب حدوثه حتى آخر لحظة.
رابعاً: بدأت قوات حزب الله باستهداف النقاط العسكرية الإسرائيلية على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ما جعل العدو الإسرائيلي يضطر لإبقاء الجزء الأكبر من قواته ودباباته في هذه المنطقة لحمايتها من أي اجتياح يأتي من لبنان، ولو لم يكن للمقاومة اللبنانية دور في الوقت الحالي لكان الكيان قد سحب معظم قوته نحو المنطقة الجنوبية على اعتبار أن جبهته الشمالية آمنة وليست في وضع خطير يتطلب تركيز الجيش والمدرعات والدبابات في تلك المنطقة، وبالتالي فإن لحزب الله دور في تأخير أو عرقلة عملية اجتياح إسرائيل لقطاع غزة.
خامساً: هدد حزب الله رسمياً وبشكل واضح من أن أي عملية عسكرية برية لجيش الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة يعني دخول قوات حزب الله في عملية عسكرية برية شمال فلسطين المحتلة، هذا عوضاً عن احتمال دخول أطراف أخرى في محور المقاومة مثل سوريا التي أطلقت مساء السبت قذائف صاروخية، بحسب ما أعلنه جيش الكيان بنفسه، في رسالة تهديد واضحة من سوريا بأنها لن تقف ساكتة وستشترك في عملية الرد على الكيان في حال أي اجتياح، وبالتالي فإن الكيان الإسرائيلي يفترض أن يكون الآن على قناعة تامة أن أي عملية عسكرية برية له في قطاع غزة يعني عملية عسكرية برية من لبنان على الجليل وتحرير هذه المنطقة بأكملها ومن المعروف أن ذلك سيحدث لا محالة خاصة بعدما رأينا ما استطاعت فعله المقاومة الفلسطينية رغم قلة إمكاناتها والحصار المفروض عليها فكيف بحزب الله الذي يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ والطائرات المسيرة والمقاتلين المدربين على السيطرة التامة على المدن والاقتحامات.
سادساً: كشفت كتائب عز الدين القسام بالمقاومة الفلسطينية (حماس) مساء السبت، وبالتزامن مع التحشيد الإسرائيلي إلى تخوم القطاع، كشفت عن قذيفة خارقة للدروع أطلقت عليها اسم “الياسين” معلنة دخول هذه القذائف الخدمة لأول مرة خلال عملية طوفان الأقصى، وهذا الكشف يأتي بعد ساعات من بث كتائب القسام مشاهد مصورة لاستهداف المدرعات الإسرائيلية وتدميرها بعد أن حاولت بعضها اقتحام مناطق في أطراف مدينة خان يونس في القطاع، وهو ما يعني أن سلاح المدرعات الإسرائيلية بما في ذلك دبابات الميركافا ستكون لقمة سائغة لقذائف “الياسين” الخارقة للدروع، بمعنى عدم قدرة إسرائيل على استخدام هذا السلاح في اجتياح غزة وسيتعين عليه الدخول بريا بقوات مشاة أي بمجندين يسيرون على أقدامهم والإسرائيليين أجبن ألف مرة من أن يواجهوا خصومهم وجهاً لوجه بنفس السلاح.
سابعاً: على افتراض أن إسرائيل ستقتحم غزة بعد تسوية المناطق التي ستدخلها بالأرض أي استخدام الأرض المحروقة، فإنها بذلك ستكون قد حكمت بالإعدام على كل الأسرى التابعين لها من الجيش من جنود وضباط وجنرالات بالإضافة إلى الأسرى الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين الذين كانوا ضمن جيش الكيان وتم أسرهم من قبل المقاومة الفلسطينية خلال الأيام الأولى لعملية طوفان الأقصى، وذلك بسبب قيام المقاومة الإسلامية حماس بتوزيع هؤلاء الأسرى على مختلف مناطق قطاع غزة، وقد تسبب قصف طيران الاحتلال للقطاع حتى الآن بقتل العديد من أسراه الذين كانوا موجودين في البنايات والأماكن التي استهدفها طيران الاحتلال.