هل أحرقت صنعاء آخر أوراق التحالف؟
حلمي الكمالي – وما يسطرون|
في ظل الفشل المتراكم لقوى التحالف الممتد على نحو 9 سنوات من الحرب العسكرية العدوانية على اليمن، لم تتوارى دول التحالف السعودي الإماراتي في استخدام مئات المخططات ضد صنعاء، في محاولة لاستهداف جبهتها الداخلية وتفكيك صفوفها، إلا أنها منيت جميعهاً بالفشل الذريع، فيما ازدادت صنعاء صلابةً وجبهتها تماسكاً.
آخر هذه المخططات، كانت تحت مظلة “حادثة العلم” في الذكرى الـ61 لثورة 26 سبتمبر، والذي كان الهدف منها إثارة الغضب في الشارع اليمني ثم الدفع بحماسة البعض للخروج في احتجاجات وتأجيج الوضع الداخلي لصنعاء، لكنه سرعان ما اتضح أن الحادثة تم هندستها في عواصم التحالف، بدليل التغطية الإعلامية في القنوات والوسائل الرسمية لدول التحالف وفصائلها التي واكبت الحادثة وأضافت لها الكثير من البهارات والإشاعات.
هذا ما بدى واضحاً أيضاً من خلال التعاطي الفج للذباب الإلكتروني للتحالف وحكومة معين ومجلسها الرئاسي ومسؤوليهما مع الحادثة، بمحاولة شيطنة صنعاء تجاه الثورة والعلم الجمهوري، في وقت كانت قيادة صنعاء ترفع العلم اليمني وتوقد شعلة الثورة في ميدان التحرير بالعاصمة اليمنية وكل مناطق سيطرتها، وتتبادل التهاني والتبريكات بمناسبة الثورة.
كما أن الحديث عن استهداف صنعاء للعلم، هو ضرب من التسويف والتزوير الذي ينافي الواقع، حيث يمكن مشاهدة العلم اليمني مرفوعاً في كل مؤسسات الدولة وفي كل مناسبة عسكرية أو سياسية لسلطة صنعاء، ولعل آخرها العرض العسكري في ميدان السبعين الذي اكتسى بأعلام الجمهورية، ناهيك عن مشاهدتنا جميعاً لمقاتلي صنعاء وهم يرفعون العلم اليمني في كل شبر وطأته أقدامهم في ميدان المواجهة داخل اليمن أو حتى في العمق السعودي.
المفارقة العجيبة بين الصورتين، كشفت حقيقة أن الحادثة مفتعلة، وأن بطلها يقف خلف الشاشات في دهاليز عواصم التحالف، كما كل مرة في الكثير من الحوادث والإشاعات التي تفبركها ماكينات الزيف الإعلامية التابعة لقوى التحالف والسلطة الموالية لها، بهدف إحداث خرق في حائط صنعاء الصلب الذي تهشمت فوقه منجزرات التحالف وطائراته طوال التسع السنوات الماضية.
وكعادتها تعاملت سلطة صنعاء بحنكة بالغة تجاه حادثة العلم ومحاولات تأجيج الشارع، حيث أعلنت القبض على المتسببين بالحادثة بعد دقائق من وقوعها، كما أبدت مرونة كبيرة بالتعامل مع محاولات الاستفزاز التي كانت تستهدف الأمنيين في شوارع العاصمة اليمنية خلال الخروج الذي عقب الحادثة تحت مزاعم الانتصار للعلم، كما أظهرت الفيديوهات المتداولة.
كما أن الحشود المليونية التي اكتظت ساحات صنعاء وعموم المحافظات الواقعة ضمن سيطرتها في ذكرى المولد النبوي الشريف، وذلك بعد يوم فقط من الحادثة المتفعلة، عكست فشل الغاية التي كان يراد منها، حيث التف الناس والجماهير حول سلطة صنعاء، وعبروا عن استيائهم ومواجهتهم لما وصفوه بمخططات التحالف السعودي الإماراتي لخلخة الوضع الأمني في مناطق سيطرتها.
على أية حال، فإن حادثة العلم قد لا تكون المحاولة الأخيرة لقوى التحالف لزعزعة الأمن والاستقرار في صنعاء، إلا أن ذلك لا يعني أن التحالف قد يحقق أي اختراق في الجبهة الداخلية لصنعاء، أو المراهنة على ضرب الأوضاع الأمنية التي تمتاز به سلطة صنعاء، حيث وأن الأخيرة قد أحرقت كل أوراق التحالف بما فيها الورقة الأمنية، وأثبتت قدرتها على وأد مختلف مخططات التحالف بحنكة عالية وهدوء تام، طوال الفترة الماضية، كما حدث في فتنة 2 ديسمبر 2017، وكذلك 6 أكتوبر 2018، وغيرها.
لذلك، يمكن التأكيد فقط على نقطة واحده، وهي أن استمرار قوى التحالف السعودي الإماراتي في شن حرب غير مباشرة ضد صنعاء، والمراهنة على الفوضى لتعويض ما عجزت عنه آلة الحرب؛ لن يكون في صالح هذه القوى، وقد يدفع لتقويض المفاوضات القائمة بين صنعاء والرياض، ما يعني عودة الحرب المباشرة، ولا نعتقد أن دول التحالف تستطيع أن تخوض جولة جديدة من الحرب العسكرية المباشرة بعد ما بدى منها من عجز وانكسار وهزائم متراكمة خلال التسعة أعوام الماضية.