لماذا تقلق فصائل التحالف من الحديث عن السلام في اليمن؟
حلمي الكمالي – وما يسطرون|
تتصاعد حدة المخاوف داخل أروقة المجلس الرئاسي المشكل من قبل السعودية، وجميع الفصائل الموالية للتحالف في اليمن، خلال الآونة الأخيرة، مع الأنباء التي تتحدث عن تقدم في المفاوضات القائمة بين صنعاء والرياض بوساطة عمانية.
وكان مسؤولون في حكومة صنعاء، قد أكدوا أن المحادثات مع الجانب السعودي تسير بإيجابية، وذلك عقب زيارة وفد صنعاء التفاوضي إلى الرياض، عقب دعوة سعودية رسمية، والتي تأتي بعد زيارات عديدة للوفد السعودي إلى العاصمة اليمنية، وبعد يومين من لقاء ولي العهد السعودي بمحمد عبدالسلام في سلطنة عمان.
ويبدو أن الحديث عن السلام في اليمن، يصيب فصائل التحالف السعودي الإماراتي بالجنون، حيث ترى أن إنهاء الحرب على اليمن، يعني توقف عداد الإستثمار في معاناة اليمنيين ونهب ثرواتهم، والأهم من ذلك إزاحتها من المشهد السياسي والعسكري خصوصاً بعد فشلها في تحقيق أي نصر يذكر على كافة الأصعدة.
بعد 9 أعوام من الفشل المتراكم، يمكن التأكيد على أن التحالف بقيادة السعودية، يسعى اليوم بشكل جاد للتخلص من أدواته، أو بالأصح للتخلص من أسباب الهزيمة، في محاولة للخلاص من لعنة الهزيمة والإنكسار التي باتت تتهدد وجوده الإستراتيجي، وهو ما يفسر استبعاد السعودية، المجلس الرئاسي وحكومة معين، من المفاوضات القائمة مع صنعاء.
هذا الجنون الذي يتشبث بفصائل التحالف تجاه السلام، هو ما دفعها اليوم لإثارة البلبلة هنا وهناك، بهدف عرقلة سير المفاوضات القائمة بين صنعاء والرياض، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال تصرفاتها الأخيرة على سطح المشهد، وعلى رأسها المجلس الإنتقالي، الذي سرعان ما ذهب للتصعيد ضد الفصائل الموالية للسعودية في المناطق الشرقية لليمن.
وقد عاود المجلس الإنتقالي، مؤخراً، تحشيداته العسكرية في تخوم معقل الفصائل الموالية للسعودية، في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، وجاءت الخطوة بإيعاز إماراتي أمريكي، ضمن مساعي لعرقلة المفاوضات أو على الأقل تثبيت واقع جديد في الهضبة النفطية، قبيل إعلان أي نتائج قد تفضي إليها هذه المفاوضات.
وهذا ما ينطبق تماماً على تحركات قوات الإصلاح في مدينة مأرب، والمتهمة باشعال الحرائق في آبار النفط والغاز، الخاضعة لسيطرتها؛ بهدف استمرار الحرب على اليمن، وقطع الطريق أمام محاولات صرف المرتبات من عائدات النفط والغاز اليمني، حيث تعد مصدر الدخل الأول لفصائله ومسؤوليه.
ناهيك عن حركة الاضطرابات التي تشهدها مناطق سيطرة فصائل التحالف السعودي الإماراتي، والاقتتال القائم بين الأخيرة، ضمن سباق السيطرة على المناطق الإستراتيجية والحيوية، لضمان الحصول على أوراق ضغط تؤهلها للبقاء في مستقبل المشهد السياسي اليمني، ناهيك عن حركة الفرار المالي لقيادات التحالف إلى الخارج، والتي تعكس حقيقة مخاوفها من الخروج من المشهد.
علاوة على ذلك، فإن تصعيد فصائل التحالف، يأتي انعكاس أيضاً للموقف الأمريكي الصريح الذي يدفع لتحريك أدوات التحالف في اليمن، لإطالة أمد الحرب على اليمن، بأي شكل من الأشكال، إذ تقود الولايات المتحدة ضغوطاً وحراكاً سياسياً وعسكرياً للحفاظ على أطماعها ومصالحها في اليمن.
على أية حال، فإن كل هذه المتغيرات الطارئة في المشهد اليمني، هي نتاج للصمود الأسطوري الذي جسدته صنعاء وقواتها وجموع أنصارها من الشعب اليمني، وهو الصمود الذي أرغم قوى التحالف على الجلوس على طاولة المفاوضات اليوم، وسيرغمها غداً على الإعتراف بحكومة صنعاء كسلطة شرعية وحيدة لليمن.