مائة وواحد شهر منذ أن أخرجت أحزاب التحالف أبناء تعز لتأييد التدخل العسكري.. كيف مر أغسطس الماضي عليهم؟
تعز – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
عام 2015، وبعد نحو 12 ساعة من إعلان السعودية من داخل أمريكا شنها حرباً على اليمن تحت مسمى (استعادة الشرعية)، أخرج حزب الإصلاح الذي كان السباق إلى إصدار بيان رسمي يؤيد فيه قصف اليمن من قبل تحالف عسكري من عشر دول قادته السعودية، أخرج أبناء محافظة تعز في مظاهرة في المدينة تأييداً للحرب التي كانت السعودية قد بدأت للتو شنها على اليمن.
حينها سارع الإصلاح لطباعة لافتات تمتدح السعودية وملكها وصوراً لسلمان بن عبدالعزيز ومحمد بن زايد، وقد طغت عبارات (شكراً سلمان شكراً زايد) و(سلمان الحزم والعزم) على اللافتات التي رُفعت في تلك المظاهرات.
مر الآن 101 شهر على خروج أبناء تعز في 26 مارس 2015 يهتفون تأييداً وتصفيقاً لمن جاء يحتل بلادهم ويقصفها ويدمر كل جميل فيها ويسلب قرارها وسيادتها، وكان شهر أغسطس الفائت هو الشهر رقم 101 الذي يمر على أبناء تعز من بعد تأييدهم ما سُمي بـ”عاصفة الحزم”، ومن بعد انطلاقهم أفواجاً متتالية للقتال في الصف السعودي وتقديم أنفسهم دروعاً بشرية لحماية جنود السعودية المدللين المختبئين في الخطوط الخلفية في الجبهات الحدودية وعلى امتدادها.
في هذا التقرير نستعرض كيف مر أغسطس الماضي على أبناء تعز الموالين للتحالف السعودي والذي رصدنا فيه الجرائم والانتهاكات التي حدثت في مناطق سيطرة التحالف في تعز، علماً أن ما تم رصده هو فقط ما تم إعلانه والكشف عنه في وسائل إعلام الأطراف التابعة للتحالف السعودي الإماراتي والممولة منه.
نطاق جغرافي ضيق وفترة قصيرة وعدد جرائم كبير
على الرغم من أن المناطق التي تسيطر عليها فصائل التحالف السعودي الإماراتي في تعز وخصوصاً (حزب الإصلاح) قليلة، إلا أنها شهدت تطوراً في جرائم الانفلات الأمني والاختطافات وأعمال القتل والسلب والنهب والبلطجة واستخدام الإمكانات العسكرية لتحقيق مصالح شخصية بالقوة وأعمال فوضى أخرى من الصعب حصرها جميعاً في سياق تقرير واحد، وعموماً فإن عدد المديريات التي تسيطر عليها مليشيات حزب الإصلاح في تعز 7 مديريات وأجزاء من المديرية الثامنة وهي حيفان جنوب شرق المحافظة، وهذا هو نطاق الرصد الذي تم خلال أغسطس الماضي، وهناك أيضاً 4 مديريات تخضع لسيطرة مليشيات طارق صالح المدعومة والممولة من أبوظبي.
31 قتيلاً ومصاباً في جرائم متفرقة وبنطاق جغرافي محدود وخلال شهر واحد فقط
الحرب متوقفة على الأقل في تعز فقط، والجبهات وخطوط التماس بين المليشيات التابعة للتحالف السعودي وقوات الجيش اليمني التابع لحكومة صنعاء لا تشهد أي حراك ولم تسجل حالة قتل أو إصابة واحدة بين قوات الطرفين خلال أغسطس الماضي، مع ذلك سجلت المناطق الخاضعة لسيطرة قوى التحالف وأدواته المحلية في تعز مقتل 16 شخصاً وإصابة 15 بإجمالي 31 ضحية خلال أغسطس فقط.
هذه الحصيلة، من ضمن سلسلة جرائم متنوعة حدثت في مناطق التحالف بتعز خلال أغسطس الماضي بلغت 44 جريمة، توزعت ما بين: جرائم انفلات أمني بواقع 36 جريمة، و4 جرائم اختطاف، و3 جرائم انتهاكات ونهب للحقوق، وحادثة واحدة أدت لإصابة مدنيين بسبب إهمال السلطات التابعة للتحالف.
الفوضى والانفلات الأمني يتصدر مدينة الثقافة والتحرر
في تقرير أصدره مركز المعلومات والبحوث في دائرة التوجيه المعنوي التابعة لوزارة الدفاع بحكومة صنعاء، بلغت عدد الجرائم التي صُنفت على أنها ضمن جرائم الانفلات الأمني في تعز، خلال أغسطس الماضي 36 جريمة، أدت لمقتل 16 شخصاً، وإصابة 13، وأشار التقرير إلى أن أغلب جرائم الانفلات الأمني تمثلت بأعمال تقطع على المسافرين أو اغتيالات أو محاولات اغتيال أو جرائم اعتداء فردية يرتكبها إما نافذون أو مسؤولون عسكريون يحتمون بمناصبهم أو بما لديهم من دعم عسكري وجنود وأسلحة.
ويشير التقرير أيضاً إلى ملاحظة وجود مؤشرات بالأرقام تؤكد تصاعد وتوسع مشاركة سلطات الأمر الواقع التابعة للتحالف في تعز في ارتكاب عدد كبير من جرائم الانفلات الأمني، وهنا عاد “المساء برس” للتأكد من صحة المعلومات المتضمنة في هذا التقرير، فوجدنا التالي: على سبيل المثال شهد ريف تعز الجنوبي في الثاني من أغسطس اشتباكات عنيفة بين قوات الإصلاح والأهالي، واستخدام أحد النافذين لقوات محور تعز لإرهاب الأهالي في منطقة دبع، أو مثلاً ما قام به قيادي في محور تعز العسكري من إطلاق نار على المواطنين في منطقة تخضع لسيطرة التحالف في مديرية سامع، أو قيام أمن تعز بحماية قاتل الطفل غالب الحاتمي، أو مقطع الفيديو لتلك الأم التي تبكي بحرقة بسبب تماهي شرطة تعز مع قاتل ابنها، أو تواطؤ شرطة تعز مع مالك عمارة سكنية أثناء قيامه بفرض حصار على أسرة كاملة داخل شقتها، أو اعتقال أمن تعز لامرأة وأطفالها واحتجازهم كرهائن.
تعز بعد 101 شهر من نيلها الحرية التي حملها لها التحالف على متن مدرعة عسكرية
وباختصار، يتبين أن مناطق سيطرة التحالف بتعز وبعد 100 شهر على تأييدها للحرب على اليمن، تتغول فيها سلطة الفوضى والعصابات المسلحة وملشنة الأمن أو ما تبقى منه في مدينة طالما زايد أولئك المرتمون الآن في أحضان أمراء الخليج بأنها مدينة الثقافة والحرية والتحرر والمواطنة المتساوية والديمقراطية.
لقد تجلت الديمقراطية الزائفة والمواطنة المتساوية المزعومة عند من يحكمون قطاعات ومربعات تعز في حدث جلي في شهر أغسطس الماضي، وهو القيام باعتقال شخصية سياسية من أبناء (أحفاد بلال) أو ما يطلق عليهم أصحاب شكراً سلمان بـ”المهمشين”، وتلى عملية الاعتقال هذه القيام بشن حملة اعتقالات ضد العشرات من أبناء أحفاد بلال لرفضهم اعتقال شيخهم، والغريب أن اعتقال هؤلاء ليس لأنهم يتبعون أو يؤيدون حكومة صنعاء أو يرفضون تدخل التحالف وما يفعله هو وأدواته بأبناء اليمن بل كان سبب الاعتقالات هذه هو تأييد هؤلاء لفصيل آخر تابع للتحالف السعودي الإماراتي حيث يُتهم من تم اعتقالهم من أحفاد بلال بأنهم يعملون لحساب طارق صالح الذي يقاسم الإصلاح السيطرة على تعز ويتشارك معهم السلطة في ما يسمى المجلس القيادي الرئاسي، فأي معايير وأي عناوين ومزايدات يستخدمها أتباع التحالف حين يدعون حملهم راية الدفاع عن المواطنة المتساوية والديمقراطية والحرية؟.
وفي حدث لافت شهده الشهر الأول بعد المائة منذ خروج بعض أبناء تعز لتأييد التحالف السعودي قصف بلادهم وحصارها تحت غطاء (استعادة ما تسمى الشرعية)، شهدت تعز جريمة اغتيال مروعة، فكما كانت جريمة اغتيال الموظف الأممي الأردني الجنسية التابع لبرنامج الغذاء العالمي مؤيد حميدي، أكبر أحدث خلال يوليو الماضي، فإن اغتيال ضابط التحقيق في جريمة اغتيال حميدي، النقيب عدنان المحيا، كان أبرز حدث شهدته مناطق سيطرة التحالف بتعز خلال أغسطس الماضي، ما يعكس حقيقة واقع هذه المناطق التي يتحكم بها الأجنبي من الخارج وتحكمها العصابات المشتتة من الداخل، وتجدر الإشارة هنا إلى أن المسؤول الأممي ليس أول مسؤول أجنبي يعمل لصالح منظمات الأمم المتحدة يتم اغتياله في مناطق سيطرة التحالف وفي تعز تحديداً.
ولم يسلم من انتهاكات وجرائم مرتزقة العدوان حتى الصحفيون والكتاب، حيث اعتقل صحفي على خلفية نشره مقالاً انتقد فيه ما يحدث في المدينة، كما هزت تعز جريمة قتل طفلة في الـ11 من عمرها حيث حاول مرتكب الجريمة أن يظهر الحادثة على أنها انتحار، في حين وثق صحفي قيام مسؤول عسكري بتحريك أكثر من 100 مسلح بصفتهم العسكرية لمحاصرة حي كامل في تعز من أجل البسط على قطعة أرض صغيرة.
أما الجرائم الفردية الجنائية، مثل شاب يقتل أباه أو أمه أو آخر يقتل شقيقه، أو آخر يقتل مواطناً ويقوم بتقطيع جثته، أو آخر يقتل أحد أبناء قريته بسبب خلاف على قطعة أرض أو مجموعة ممن يسمون الصعاليك يقتلون مواطناً بدم بارد في سوق شعبي ويغادرون وكأن شيئاً لم يكن أو قتل طفلة ومحاولة تصوير الجريمة على أنها انتحار أو مقتل شخص بعد تفجير قنبلة رمى بها على آخرين أو محاولة تسميم عروسين ليلة زفافهما، أو شخص يقدم على قتل امرأة ويصيب أسرتها بجريمة مروعة، فكل هذه الجرائم التي حدثت في شهر واحد وفي 7 مديريات فقط، فهي نتيجة طبيعية لتفشي سموم تغييب العقول وتخدير الشباب وقتلهم بطريقة ناعمة كحبوب المخدرات وعقاقير الإدمان ومخدر الشبو وغيرها من السموم القاتلة التي أغرق بها التحالف السعودي مناطق سيطرته جنوب وشرق اليمن.
هذه هي تعز وهذا هو حالها الذي شهدته خلال الشهر رقم (101) منذ تأييد واصطفاف بعض أبنائها ونخبها ومثقفيها للتحالف السعودي الإماراتي الذي جاء لشن عدوان شامل كامل على كل اليمن شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.