حكومة معين.. هل تكون آخر حكومة تحت جناح التحالف؟
حلمي الكمالي – وما يسطرون|
في ظل الأزمات الإقتصادية القاتلة التي تشهدها مدينة عدن، وعموم مناطق سيطرة حكومة معين ومجلسها الرئاسي، وسط توقعات بإفلاس وشيك لفرع البنك المركزي اليمني، فإن المشهد جنوباً على صفيح ساخن، قد يقود إلى إنفجار شعبي كبير ضد الحكومة الموالية للتحالف، التي لم تصنع شيئا يذكر طوال السنوات الماضية، ولم تعالج مشكلة اقتصادية واحدة، غير ممارسة النهب والفساد والإمعان في مضاعفة معاناة المواطنين.. فهل تكون حكومة معين آخر حكومة تحت جناح التحالف ؟!
إقرار معين عبدالملك، رسمياً بقرب إفلاس حكومته خلال إجتماع معلن مع بعض سفراء الدول والمسؤوليين الأممين، بعد تأكيده فشل وعجز حكومته عن تحقيق أي شيء يذكر على أرض الواقع، هو نعي متأخر لحكومة كساح راكمت أعباء الدنيا على كاهل المواطن اليمني طوال السنوات الماضية، إلا أنه يشير في الوقت ذاته إلى تخلي سعودي إماراتي عن “شماعة الحكومة” التي وجدت في الأساس لمزيد من القهر والتجويع أوساط اليمنيين، كما هو واضح للجميع.
لذلك، فإن الحديث عن فشل أو انهيار حكومة معين، ليس جديداً، فهي تعيش هذا الفشل منذ نشأتها، وفي انهيار مستمر على كافة الأصعدة، فأي قيمة أصلاً لحكومة يتجاوز قيمة الدولار الواحد آلاف الأضعاف من قيمة عملتها المحلية، ولكن اللافت في الأمر، هو توقيت إعلان الفشل رسمياً اليوم، والإقرار بالسقوط القريب، والذي يشير إلى الكثير من الدلالات والوقائع، خصوصاً في ظل المتغيرات والتطوارت السياسية والعسكرية القائمة في مناطق سيطرة الحكومة وفصائلها، والتي تعكس مرحلة جديدة من العجز والتناقضات داخل أروقة التحالف بشكل عام، قد تطوي صفحة الأخير إلى الأبد.
ما كشفته وكالة رويترز عن انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي في عدن، يؤكد الترتيبات القائمة التي تقودها حكومة معين ومجلسها الرئاسي لإفراغ ما تبقى من أموال في خزينة البنك ونهب كل الأموال المودعة في مؤسسات الدولة، تخوفاً من نهاية مرتقبة ومتوقعه لوجودهما على سطح المشهد، وهو ما يفسر أيضاً إعلان سلطة المجلس الإنتقالي في عدن، بمنع توريد العائدات إلى حساب حكومة معين في البنك المركزي، وهذا الإعلان ليس ردة على فشل الحكومة وحسب، بل يتعلق بمخاوف المجلس من سيطرة مسؤوليها على المزيد من الثروة قبيل زوالها من المشهد، حيث تتصارع فصائل التحالف للسطو على أكبر قدر ممكن من القسم الأخير من “الكعكة”.
لاشك أن الزوال المنتظر لحكومة معين لا يخص فقط حكومة معين كأفراد ومسؤولين، على أن يكون الحل في خلعها والدفع بحكومة جديدة على ذات المنوال وتحت ذات الغطاء، غطاء التحالف السعودي الإماراتي. لا يبدو هذا وارداً هذه المرة، فمن المؤكد أن هذه الحكومة ستكون آخر حكومة يشكلها التحالف، لعدة أسباب أبرزها إحتدام السخط الشعبي المتزايد ضد سياسات التحالف بشكل عام، وهذا لا يعجل فقط بإسقاط حكومة معين، وهو ما يحدث حالياً، حيث بدأت ترتفع أصوات الناس والناشطين للمطالبة برحيلها وإحالة مسؤولي معين إلى المحاكمة، بل يمهد للانفجار الكبير في وجه التحالف.
بعد ثمانية أعوام من الحرب والتجويع يدرك معظم اليمنيين أن قوى التحالف لا تريد أن تخلق واقعا مستقرا في مناطق سيطرتها، فهي تتجه دائما لإغراقها بالمزيد من الأزمات المركبة، في محاولة لتركيع الجماهير من جهة، واشغالها بالنضال خلف توفير أساسيات الحياة، بدلاً من مطالبتها برحيلها من البلد باعتبارها قوى خارجية دخيلة، فهذه القوى هي الراعية الرسمية لحكومة معين وكل شوائبها التي تستضيفها واستثماراتها في عواصم المنفئ طوال العام، وهي ذاتها التي رفضت وبدون خجل عن تقديم وديعة الثلاثة مليار دولار للبنك المركزي في عدن، التي سبق وأن وعدت بها قبل أن تقر رسميا بالتراجع عنها، إلى جانب مصادرتها عائدات النفط والغاز اليمني.
الضغط سيولد الانفجار في نهاية المطاف، بالتالي فإن الأوضاع المعيشية الكارثية في مناطق سيطرة حكومة معين وفصائل التحالف، والتي تتفاقم بشكل جنوني، خصوصا مع إنهيار العملة المحلية وانقطاع للمرتبات وارتفاع الأسعار، وانقطاع الكهرباء وغياب معظم الخدمات الحكومية، ناهيك عن انهيار الأوضاع الأمنية في ظل الأنقسام والاقتتال المستمر بين فصائل التحالف؛ سيقود إلى انتفاضة شعبية عارمة ملاحظته ضد قوى التحالف بقطبيها السعودي الإماراتي، باعتبارها المسبب الرئيسي لكل الأزمات المركبة التي يعيشها المواطن اليمني في إطار حربها وحصارها الخانق والجائر الذي يستهدف كل اليمنيين بلا استثناء.
هذا السخط الشعبي ضد قوى التحالف وكل فصائلها، تعكسه أيضاً التكتلات الشعبية والقبلية التي تتشكل خلال الآونة الأخيرة، في المحافظات الجنوبية اليمنية، بشكل غير مباشر من خارج العباءة السعودية والإماراتية وأدواتها المحلية، كما يحدث ذلك في أبين والمهرة وشبوة، والمتوقع أن تنتفض في وجه التحالف في أية لحظة، وهو ما يدركه الأخير وتعكسه الإضطرابات العميقة التي تضرب صميم أروقته وأذرعه، في ظل فشله في خلق واقع جديد في مناطق سيطرته أو احتواء صراعات النفوذ والسيطرة بين قطبي التحالف السعودي الإماراتي، في وقت يؤكد مراقبين أن التحالف الشائخ يدنو من نهايته المرتقبة والمتوقعة.