انهيار الريال في مناطق سيطرة التحالف.. الدولار يقترب من 1350 والتحالف يرفض الحل
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
اقترب سعر الصرف في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف جنوب اليمن من 1350 ريال مقابل الدولار الواحد، في تصاعد متسارع لانهيار قيمة العملة المحلية بمناطق حكومة التحالف التي تعاني من أزمة مالية بسبب فشلها المالي والاقتصادي في ظل بقاء القرار السيادي في الملف الاقتصادي والسياسة المالية بيد التحالف السعودي بدرجة رئيسية.
وزاد سعر الصرف في المناطق الجنوبية خلال الأسابيع القليلة الماضية أكثر من 130 ريالاً فيما يخص سعر صرف الدولار، ففي مطلع مايو الماضي أي قبل 5 أسابيع فقط كان سعر الصرف 1222 ريال للدولار الواحد للشراء و1232 ريالاً للدولار الواحد للبيع، ليرتفع تدريجياً على مدى الأسابيع الماضية ويصل إلى 1350 ريال.
ترجيحات مصادر مصرفية في عدن، تشير بقوة إلى أن هذا الارتفاع لن يتوقف وستواصل العملة المحلية انهيار قيمتها أمام العملات الأجنبية، متوقعة أن يصل الدولار الواحد إلى 2000 ريال في غضون أشهر قليلة جداً.
في هذا السياق نشرت وكالة رويترز تقريراً عن الحالة المالية للحكومة التابعة للتحالف السعودي، حيث كشفت الوكالة نقلاً عن مسؤولين في حكومة معين عبدالملك تأكيدهم بقرب إفلاس البنك المركزي في عدن، كاشفين كمية الدولارات المتبقية في خزينة البنك.
وقالت رويترز نقلاً عن مصدريها المسؤولين أحدهما في الحكومة والآخر في البنك المركزي، بأن “الاحتياطي النقدي المتوفر لا يزيد عن 200 مليون دولار، فيما قال الآخر المسؤول بالبنك إن المبلغ المتوفر أقل من ذلك بكثير معتذراً عن الإفصاح عنه كي لا يتسبب ذلك بانهيار المزيد من قيمة العملة المحلية”.
وتعمل حكومة معين على إيجاد حلول ترقيعية لتعزيز إيراداتها إلا أن هذه الحلول لا ترفع من قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية بل تزيد من أعباء وتكاليف الرسوم على المواطنين ومن ذلك على سبيل المثال رفع أسعار المشتقات النفطية.
وترجئ حكومة معين أسباب إفلاسها إلى انقطاع تصدير النفط الخام والذي أقرت صنعاء وقف نهبه حيث كان يتم بيع النفط الخام وتوريد عائداته إلى البنك الأهلي السعودي طوال سنوات الحرب الماضية بدءاً من منتصف 2016 بحسب ما كشفه تقرير سابق لمنظمة “أوبك”.
وقد جمعت السعودية من إيرادات النفط الخام اليمني الذي كان يتم تهريبه وبيعه سراً ثم إعلان حكومة التحالف عن بدء استئناف تصدير النفط تدريجياً منذ أواخر العام 2019، جمعت أكثر من 14 مليار دولار بمعدل 2 مليار دولار سنوياً، وكانت السعودية هي من تنفق على الحكومة الموالية لها بتخصيص جزء بسيط من هذه الإيرادات للحكومة التي ظل معظم قياداتها خارج اليمن ولا يزال المئات من كبار المسؤولين في الخارج، ومنذ أن توقف تصدير النفط في أكتوبر العام الماضي أوقفت السعودية تمويل الحكومة الموالية لها، في حين تقوم حكومة معين بدفع رواتب مسؤوليها المقيمين في الخارج بالعملة الصعبة بعد تبديل إيراداتها التي تجمعها من المواطنين على شكل ضرائب وجمارك مضاعفة وجبايات بالعملة الصعبة التي يتم تحويلها من المغتربين خارج اليمن ثم إنفاق هذه الأموال بالدولار على المسؤولين الموزعين على عدد من الدول.
واستخدم التحالف السعودي الملف الاقتصادي سلاح حرب ضد حكومة صنعاء التي تدير المناطق الشمالية لليمن ذات الكثافة السكانية البالغة 75 بالمائة من إجمالي السكان، حيث قام التحالف بطلب أمريكي مباشر بنقل وظائف البنك المركزي في صنعاء والذي كان منذ بداية الحرب يصرف رواتب جميع موظفي الدولة بما في ذلك الموظفين والقوات العسكرية التابعين لحكومة التحالف ومناطق سيطرته جنوب وشرق اليمن وبقي الملف الاقتصادي محيداً عن الصراع ويصرف مرتبات الموظفين في الشمال والجنوب من بداية الحرب في مارس 2015 وحتى سبتمبر 2016 حين قام التحالف بنقر وظائف البنك المركزي وإيقاف إيرادات المحافظات الخاضعة لسيطرة التحالف عن توريدها لمركزي صنعاء، ومنذ ذلك التاريخ انقطعت رواتب الموظفين الحكوميين بسبب انقطاع الإيرادات ورفض حكومة التحالف دفع الرواتب لجميع الموظفين كما كانت تفعل حكومة صنعاء.
وفي الثاني من أبريل 2022 بدأ سريان هدنة تم الاتفاق عليها بين صنعاء والولايات المتحدة الأمريكية بصفتها الراعية للحرب التي تقودها السعودية على اليمن عبر وساطة قادتها ألمانيا وسلطنة عمان فيما جرى التوقيع الرسمي على الهدنة بين طرفي صنعاء والرياض، واستمر العمل بالهدنة التي تم تمديدها مرتين لمدة 6 أشهر، غير أنه وخلال تلك الفترة رفضت السعودية التجاوب مع صنعاء لتوسيع الهدنة حسب ما تم الاتفاق عليه في مباحثات مسقط غير المعلنة التي جرت في مارس 2022، لكن صنعاء رفضت استمرار الهدنة في شكلها الذي كانت عليه في ظل حالة اللاسلم واللاحرب مع استمرار الحصار البري والبحري والجوي مع فتح جزئي لرحلتين مدنيتين من مطار صنعاء الدولي أسبوعياً إلى وجهة واحدة فقط هي الأردن والسماح بدخول 18 سفينة مشتقات نفطية عبر ميناء الحديدة خلال مدة الهدنة البالغة شهرين، وتكرر الأمر خلال التمديدين الإضافيين للهدنة، في الوقت الذي كانت فيه شحنات النفط الخام يتم تصديرها وتوريد عائداتها للسعودية والتي توزع جزءاً منها على مسؤولي حكومة التحالف المنفيين وهو وضع رفضت صنعاء القبول به واستمراره، متخذة قرار وقف نهب الثروة وعدم السماح باستئناف التصدير من جديد إلا بعد الاتفاق على توريد إيرادات النفط إلى خزينة البنك المركزي لصرف رواتب موظفي الدولة شمالاً وجنوباً.
ولا تملك حالياً حكومة التحالف أي خيارات لاستئناف تصدير النفط، وكل القرارات ليست بيدها فيما يخص دفع المرتبات لموظفي الدولة من عائدات النفط، حيث يتحكم التحالف بقيادة السعودية بهذا القرار.