“فاطمة” ضحية صراع أدوات التحالف المتناحرة.. قصة إنسانية
أصداء – محمد بن عامر – المساء برس|
تعيش السيدة فاطمة في مدينة عدن مع زوحها المسن حياة هادئة وبسيطة، تفيض بالحيوية والحماس، بعدما تزوجت به في العشرينات من عمرها، وهو في عمر يناهز الأربعين، وأنجبت طفلان، لكن المشاكل بدأت تداهم حياة هذه الأسرة الصغيرة، عندما بدأت الحرب، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في “اليمن السعيد”!، قبل أن تجتاحه رياح البطش والتدمير والتجويع، والقتل والنهب الممنهج.
في واحدة من المواجهات الدامية التي دارت رحاها في المدينة المنكوبة بين الفصائل المتناحرة، قتل الابن الأكبر لفاطمة ، وهو حدث أدمى قلبها وهزها إلى النخاع، وجعل حياتها عاليها سافلها.
لم يمر وقت طويل بعد الفاجعة التي هزت كيان المواطنة فاطمة، وعصرت قلبها بالألم والحسرة، إلا وتطبق عليها المثل الشعبي، القائل: “المصائب لا تأتي فرادى”، وتلقت نبأ وفاة زوجها، الذي ذهب لأداء صلاة الفجر مع الجماعة، ولكنه لم يعد منه سوى جثة هامدة.
وهكذا اضطربت حياة المواطنة فاطمة، وتراكمت عليها الأحداث يوماً بعد يوم، ومع تفاقم الوضع في المدينة، أصبحت على حافة الانهيار، لكنها ظلت تقاتل لمواجهة هذا الواقع المرير، كغالبية سكان المدينة المستضعفين، والذين لا حول لهم ولا قوة.
ومع ذلك، لم تيأس فاطمة إزاء مصابها الجلل، لقد نهضت على أقدامها، وجعلت من هدفها الوحيد في الحياة، الحفاظ على ما بقي لها، وهو الابن الأصغر.
فعندما أدركت فاطمة أن الحياة فانية، وأن جميع الناس مهما كانت قواهم، فإنهم سيموتون في النهاية، قررت أن تسخر بقية حياتها في سبيل ضمان مستقبل أفضل لابنها الوحيد، فهي ترى أن الحل لتجاوز ما حل بهم، ليس البقاء في دائرة الحزن، بل يكمن في الكفاح والنضال، وشرعت فاطمة في ممارسة الأعمال والحرف اليدوية وإنشاء مشاريع صغيرة بعد أن فقدت ما يعول أسرتها، وهو ابنها الأكبر الذي سقط ضحية، تلك الرياح الباغية، رياح الاستعمار والجشع الدموي، التي بطشت بآلاف الأسر اليمنية.
وعلى الرغم من قتامة الواقع وضبابية المستقبل، لم تفقد فاطمة أملها في إحياء يمن سعيد جديد، وهذا ما نرجو له جميعًا.
فاطمة تعد مثالاً رائعاً للمرأة اليمنية، حيث واجهت الكثير من التحديات والصعوبات في حياتها، لكنها استطاعت تخطيها، وتظل مصدر إلهام للعديد من النساء والرجال في المدينة، ورمزاً للأمل الذي يحتاجه اليمن في هذا الوقت الصعب.