المأساة المستمرة: حياة السكان في مدينة عدن
عدن – المساء برس| تقرير: محمد بن عامر|
تعتبر الحالة في مدينة عدن، كما الحال في المدن اليمنية الأخرى الخاضعة لسيطرة التحالف، مأساوية بكل المقاييس، وسكانها يعانون من أوضاع معيشية صعبة، وظروف أمنية غير مستقرة، ويتحملون عواقب الحرب والفوضى وتردي البنية التحتية، فضلاً عن نقص الخدمات الأساسية، والتزايد الملحوظ في معدلات الجريمة والعنف، ويمضون أياماً سوداوية تفتقر لأي أمل في المستقبل، ويعيشون واقعاً ظلامياً لا يجدون فيه سبيلاً للخلاص.
يصرح جليل أحد سكان مديرية خور مكسر، لـ “المساء برس”، بأن واقع المواطن الجنوبي اليومي يعتبر واقعاً حقيقياً يمر به، وليس هو الواقع الهلامي الفضفاض والغريب الذي يروج له الناشطون والإعلاميون، الذين يتقاضون مبالغ مالية من التحالف، صباحًا ومساءً، كجزء من حرب التضليل وتحريف الحقائق التي فرضتها مشاريع الاستعمار والتقسيم.
ويشكو سكان مدينة عدن، وفقًا لتصريح جليل، من تفشي الفساد في مؤسسات الدولة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانعدام الخدمات الأساسية، إلى جانب تفاقم الوضع الأمني وانتشار الجرائم والخطف والقتل في الشوارع، علاوة على ذلك، يزيد تناحر فصائل التحالف فيما بينها وتنافسها على نفوذ المنطقة من تفاقم الأوضاع، ويجعل الحياة أصعب على الناس.
وقال كاتب صحفي يقطن في مديرية المعلا فضل عدم ذكر اسمه، إن الحريات الأساسية مثل حرية التعبير والتجمع قد تقلّصت وانتهكت بطرق مختلفة، مما يضاعف من حالة السخط والغضب لدى المواطنين في عدن بالإضافة إلى سوء أوضاعهم الاقتصادية، مستدركاً: ولشعور المواطن بالغضب المتصاعد دون أن يلمس أي تحسن يذكر في الواقع العدني من الممكن أن يؤدي إلى الإنفجار، واندلاع الانتفاضة الكبرى، وأضاف أنه يتطلع إلى تحسين الأوضاع وإعادة بناء المدينة، وكل المدن اليمنية التي تعرضت للفساد والتدمير بسبب عبث التحالف وفصائله العسكرية المختلفة.
دكتور أكاديمي طلب هو الآخر عدم الإفصاح عن هويته لدواع أمنية، أكد أن واقع بعض المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها دول التحالف لا يمكن وصفه أو التعبير عنه بالكلمات، لأن الوضع فيها مأساوي بما تعنيه الكلمة من معنى، مبيناً أن المواطنين في الجنوب يواجهون الضيق واليأس كل صباح جديد؛ بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها، لافتاً إلى أن شكواهم واعتراضاتهم يتم تكميمها باستخدام العنف والتخويف.
وأضاف: الجميع يدركون الآن أن سكان المحافظات الجنوبية يرزحون تحت ظروف اقتصادية صعبة بالتزامن مع الاضطرابات الأمنية المستمرة، ويعانون بشدة من ممارسات الحكومة والتحالف، الذين استخدموا الوعود بالتنمية والازدهار لجذب المواطنين في بداية تواجدهم في هذه المحافظات، لا سيما ما تم الحديث عنه بخصوص عدن بتحويلها إلى دبي أخرى، دون أن يترجموها على أرض الواقع، وتبخرت الأحلام بعد أن باعوا لنا أوهاماً ووعوداً فارغة.
وأوضح الأكاديمي الجنوبي أهمية البحث الاجتماعي والدراسات السوسيولوجية في فهم وتحليل واقع المواطن الجنوبي، ونقله كما هو على أرض الواقع ليس كما يراد له أن يكون، متطرقاً إلى الآثار النفسية والاجتماعية السلبية التي يعاني منها اليمنيون نتيجة الحرب وتدهور الأوضاع المعيشية، والتي يتوجب دراستها ومعالجتها بطريق علمية دقيقة، وشدد على أهمية الحرية في التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي في بناء مجتمع ديمقراطي وحر، وأن استخدام العنف والقمع لإخماد الأصوات الحرة غير مقبول.
ومن الملاحظ أن بعض النشطاء في مناطق مثل عدن، حضرموت، المهرة، شبوة وأبين لا يخفون التعبير عن مواقفهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يؤكّدون على رفضهم لأي تدخّل خارجي، ويظهرون انحيازهم للقوى المناهضة للتحالف، ودعوتهم إلى توحيد الصفوف ودعم التضامن والتعاون لمواجهة ما يرونه بأنه “الاستعمار بحلّة جديدة”.
بالمجمل، تشير الآراء الشعبية إلى أن التغيير ينبغي أن ينبع من الداخل، وأن اليمنيين في المناطق الجنوبية يجب أن يعملوا معًا للتغلب على التحديات وتحسين الوضع الحالي، ولا سبيل في ذلك سوى بانتفاضة عارمة تقضّ مضاجع دول التحالف وأدواتها المحلية، وتسحق مشروعهم الاستعماري، فلا يوجد صوت يشتد فوق صوت إرادة اليمنيين الذي يصدح بالحق، مرددًا المقولة الشهيرة، القائلة: “نكون أو لا نكون”.