لماذا يتم تسويق خالد بحاح حالياً وما الدور المرسوم له مستقبلاً؟
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
عقد خالد محفوظ بحاح الشخصية السياسية اليمنية الحضرمية المقربة من الأمريكيين، سلسلة لقاءات بسفراء عدد من الدول المعنية بالشأن اليمني، يبدو أنه جرى الدفع بكل هؤلاء السفراء والسياسيين الغربيين للقاء به في مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض، باستثناء السفير الأمريكي الذي ذهب إليه بحاح للقائه.
تلك اللقاءات المكثفة كانت غريبة كونها جرت مع شخصية يمنية يفترض أنها أصبحت بعيدة عن سلطة القرار، ثم كان الأغرب فيها أن كل السفراء هم من ذهبوا لمقابلة الرجل في مقر إقامته بأحد فنادق الرياض وليس العكس كما جرت عليه العادة التي سار عليها مسؤولو حكومة المنفى والفنادق وكأن هناك من يريد تقديم بحاح على أنه مختلف عن غيره من أولئك المسؤولين، غير أن سفيرين من هؤلاء السفراء ذهب خالد بحاح إليهما وليس العكس كما بقية السفراء وهما سفيري السعودية والولايات المتحدة، والأغرب أن كل هذه اللقاءات جرت في فترة وجيزة جداً لم تتجاوز الـ72 ساعة.
منطق بحاح.. أخدم وطنك بالعودة لفنادق الرياض
منذ 3 أيام فقط، التقى بحاح في بادئ الأمر بالقياديين الجنوبيين الأسيرين سابقاً لدى صنعاء فيصل رجب ومحمود الصبيحي، بعد أن استدعتهما السعودية إليها قبل أسبوعين وأبقتهما تحت الإقامة الجبرية بعد أن وجدتهما متماهيان مع صنعاء بسبب حسن المعاملة التي لقياها أثناء فترة إقامتهما في صنعاء وبسبب تخلي الطرف الآخر عنهما وخصوصاً فيصل رجب الذي لم يقدم أي طرف اسمه ضمن كشوفات الأسرى، وهنا قال بحاح عن لقائه بهما في الرياض “تتعثر الخطوات وربما تنحرف، إلا أن التأريخ علمنا بأن الأوطان تتعالى بالتسامي على الجراح والعودة إلى المشاريع الوطنية الجامعة، الصبيحي ورجب.. سلام عليكم يوم أسرتم ويوم أطلقتم ويوم تقفون من جديد لخدمة أهلكم ووطنكم”، فهل يقصد بحاح أن الصبيحي ورجب بإخضاعهما للإقامة الجبرية في الرياض كغيرهم من مسؤولي حكومة التحالف بأنهم بذلك يخدمون الوطن.
بعد ذلك توالت لقاءات بحاح بالسفراء الغربيين وبينهم سفير السعودية محمد آل جابر، بدءاً بالمبعوث السويدي لليمن بيتر سيمنبي ثم السفير الجيبوتي لدى اليمن بامخرمة وهنا يبرز أهمية التنسيق مع جيبوتي البلد المطل على باب المندب من الجهة الغربية والتي تستضيف على أراضيها العديد من القواعد العسكرية الغربية كأمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابان وأيضاً الصين وحتى تركيا والإمارات.
ثم لقائه مع السفير الفرنسي جان ماري صفا، وهنا قال بحاح عن فرنسا إنها الفاعل الأكبر في الاتحاد الأوروبي وأن علاقتها باليمن وطيدة وهي بالفعل كذلك ولكن من تحت الطاولة وخاصة في جانب الطاقة عبر شركة توتال التي فتح لها علي عبدالله صالح ومن معه من شركاء سلطته الباب على مصراعيه لاستغلال ثروة اليمن مقابل عمولات بملايين الدولارات ذهبت لحسابات صالح وشركائه بما فيهم المتقمصين دور المعارضة.
ثم لقائه بسفير الاتحاد الأوروبي جابريال مونويرا، ثم السفير السعودي آل جابر، وهنا قال بحاح عن اللقاء أن على كل الأطراف التابعة للتحالف أن تتعاطى بصدق ومسؤولية أكبر مع ما أسماها “أدوار المملكة الكبيرة جداً السابقة والمستقبلية”.
قرابين الولاء والطاعة
ثم لقائه بالسفير الأمريكي ستيفن فاجن، وهو اللقاء الوحيد الذي ذهب له بحاح ولم يأتِ إليه السفير الأمريكي كما بقية السفراء، وهنا يبرز بشكل واضح وقوف واشنطن خلف ما يجري في الكواليس من تحضيرات لتقديم بحاح وتسويقه لمهمة معينة يؤديها، حيث أقر الرجل بالحضور الأمريكي الذي وصفه بـ”المهم والمؤثر” مقدماً الولايات المتحدة أنها صاحبة الرعاية في مجلس الأمن وقائدة الجهود الدولية للسلام حد زعمه، وهو إقرار بأن مجلس الأمن وما يصدر عنه بيد واشنطن من ناحية ومن ناحية إقرار بأن واشنطن هي صاحبة القرار في اليمن، ولم يجد بحاح حرجاً عند لقائه سفير واشنطن أن يقول إن حضورها مهم ومؤثر في اليمن بما في ذلك مراقبة أي معطل للعملية السياسية واصفاً هذا الدور بأنه محل تقدير دائم ومؤكداً على أن لقاءه بالسفير فاجن كان لبحث موضوع الرقابة الأمريكية لأي معطل، وهو إقرار آخر قدم فيه بحاح فروض الولاء والطاعة لواشنطن متفاخراً ومسلماً بأنها صاحبة القرار ومحاولاً الترويج أنها ستبقى كذلك وهو ما يؤكد أن الرجل بالفعل يجري تسويقه لمهمة كبيرة في قادم الأيام.
لقاءات بحاح لم تقتصر على ما سبق من سفراء بل التقى أيضاً السفير البريطاني ريتشارد أوبنهايم، شاكراً بريطانيا التي اعترف بأنها هي من صاغت القرار 2216 الذي جعل اليمن بلداً مسلوب الإرادة والقرار والسيادة.
ثم تبع ذلك اللقاء، لقاء بالقائم بأعمال السفير الصيني شاو تشنغ، قائلاً عن اللقاء إن اقتراب الصين من الملفات الإقليمية مرحب به وعامل مساعد في دعم السلام العالمي لافتاً إلى أن ذلك سينعكس على الملف اليمني وخصوصاً مع اتفاقات المصالحة الإقليمية التي رعتها الصين، في إشارة للمصالحة الإيرانية السعودية.
حتى روسيا أيضاً كانت حاضرة في ما يحدث حالياً، حيث التقى بحاح بالقائم بأعمال السفير الروسي يفغيني كوردوف ودبلوماسيين روس آخرين، قائلاً عن اللقاء إنه ورغم التحديات التي تعيشها روسيا، إلا أن تأثيرها في الملف اليمني له حضور مختلف ومهم.
الدور المستقبلي القريب لبحاح
الواضح والمؤكد أنه يجري تسويق بحاح لمهمة ما في قادم الأيام، كان أغلب الضن أنه قد يكون بديلاً عن المجلس القيادي الذي شكلته الرياض مطلع أبريل العام الماضي، غير أن هذا الاحتمال غير منطقي من ناحية أن السعودية لن تقبل أن تزيح العليمي ومجلسه من السلطة وهي التي أتت بهم ونصبتهم ثم أزاحتهم بعد عام ونيف، كون ذلك سيعد بمثابة دليل على تخبط المملكة وانفراط العقد منها في الملف اليمني وفشل ذريع ستثبته على نفسها وهي في غنى عن ذلك، لذا ستتحمل السعودية أن تُبقي على العليمي في مكانه رغم انسياقه مع الإمارات والمجلس الانتقالي الذي تستخدمه أبوظبي لتفتيت جنوب اليمن.
قد يقول البعض، إن بحاح يجري تسويقه ليكون رئيساً للحكومة، وهذا احتمال ضعيف أيضاً، لأن حجم التسويق والاهتمام وإظهار بحاح بهذه الصورة أكبر بكثير من أن يكون الغرض منه تسويقه ليكون رئيساً للحكومة.
لماذا بحاح المنتمي لحضرموت ولماذا في هذا التوقيت؟
الاحتمال الأقوى، هو أن يكون المتحكمون بملف الحرب على اليمن وخصوصاً الأمريكيين والسعوديين قد اتفقوا على عزل شرق اليمن عن بقية الجغرافيا اليمنية، أي الإعلان بأي صيغة وتحت أي مبرر أو مسمى عن إقليم حضرموت بصلاحيات قد تصل لمستوى الصلاحيات السيادية التي يفترض بقاؤها بيد السلطة المركزية فقط، وفي هذه الحالة فإن بحاح الرجل الأنسب الذي تأتي به واشنطن والرياض وتنصبه رئيساً لهذا الإقليم المؤقت والذي سيصبح بعد 5 أو 10 سنوات إقليماً تابعاً للسعودية كما كانت تريد وكما سبق وطرحت الرياض هذا الطلب على أحد رموز وقيادات اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي حين كان الحزب يحكم المناطق الجنوبية من اليمن قبل دمج سلطة شطري البلد عام 90م.
نائب الرئيس
مع استمرار الانقسام داخل المجلس القيادي المشكل سعودياً، ومع تصاعد النفوذ الإماراتي وتسارع تحركاتها في المناطق الشرقية لليمن بشكل مزعج ومقلق إلى حد كبير للرياض، فإن الأخيرة قد تكون تمضي نحو قطع الطريق على الإمارات عن طريق استدعاء بحاح وإحلاله محل بقية أعضاء مجلس القيادة، أي جعل المجلس القيادي مكون من شخصين فقط، رئيس وهو العليمي ونائب واحد وهو خالد بحاح مع منح الأخير صلاحيات أوسع بما يجعله “الرئيس الظل”.
الخلاصة.. دور وظيفي
في كل الأحوال وأينما حط بحاح، فإن الرجل لن يكون أكثر من أداة وظيفية لأداء دور أو أكثر وتمرير مشاريع أطراف إقليمية ودولية.