مخادعات التحالف والإنتقالي..ودور “الواد سيد الشغال” الجديد..!!
المساء برس – وما يسطرون – كتب: حافظ نديم|
كلما حان الاستحقاق السياسي الوطني عقب إدراك قوى التحالف السعودي الى حتمية فشلها العسكري في الحرب وذهبت في اتجاه الخروج من المستنقع اليمني بأقل التكاليف وبما يحفظ لها ماء الوجه من خلال الذهاب إلى اتفاق سلام حقيقي يحافظ على استقلال وحرية وسيادة اليمن وينهي وجودها العسكري في الموانئ والمطارات والحزر اليمنية وحينما أدركت طرفا التحالف السعودية والإمارات ومن خلفهما اميريكا وبريطانيا أن فرض الوصاية السياسية على اليمن واليمنيين أمرا “مستحيلا”، قررتا سلوك مسلك التفاوض السياسي المباشر مع حكومة صنعاء وعلى رأسها أنصار الله برعاية سلطنة عمان ..
إلا ان انتصارات حكومة صنعاء عسكريا في ميدان المعركة قد مكنها من فرض خياراتها السياسية على طاولة الحوار السياسي مع التحالف ومكنها من فرض شروطها الإنسانية والاقتصادية والأمنية الضامنة لفرض الإرادة الوطنية اليمنية على كامل السيادة اليمنية التي تعتبر المدخل الأساسي لتحقيق السلام وانهاء الحرب في اليمن ،كل ذلك لم يمنع القوى المحركة لهذا التحالف من اتجاه سلوك المخادعة السياسية من خلال تحريك “ورقة انفصال الجنوب” إعلاميا وتسليط الاضواء عليها اعلاميا في محاولة لاظهار “القضية الجنوبية” بانها حالة سياسية خاصة خارج إطار التفاهمات السياسية التي تمت في مسقط وصنعاء ،و لاتلزم هذا التحالف بتنفيذ ما تم التفاهم عليه مؤخرا، في محاولة يائسة وفاشلة للتهرب من الاستحقاقات السياسية والإقتصادية وشروطها المطروحة لإنهاء الاحتلال الأجنبي من خلال سحب القوات الأجنبية المتواجدة في جنوب اليمن بمختلف جنسياتها ..
كلنا يعلم أن استحقاقات التسوية السياسية اليمنية الشاملة القادمة فيما إذا كانت دول تحالف العدوان جادة في الجنوح للسلام والاتجاه نحو رفع يدها المهيمنة على اليمن ،كما تستلزم إنهاء الوصاية السياسية على اليمن وانهاء احتلاله العسكري في جنوب اليمن وانهاء سيطرتها الموانئ اليمنية ومنابع النفط والغاز في حضرموت وشبوة ومأرب وغيرها وانهاء الوجود الأميريكي والبريطاني في حضرموت والمهرة وجزيرتي سقطرى وميون”، وانهاء الحظر الجوي المفروض على المطارات اليمنية ،إلا أن تلك القوى المتحالفة عسكريا ضد اليمن تدرك تماما أن تنفيذ تلك الاستحقاق بمثابة هزيمة ساحقة وماحقة عليها وانهاء لمخططاتها ولاطماعها الاستعمارية في جنوب اليمن وهنا أدركت ضرورة تحريك “ورقة الجنوب شكليا ” قبل البدء بتوقيع اتفاق سلام شامل ونهائي في اليمن ،من خلال الأداة المصطنعة المسماة “المجلس الانتقالي”وتكثيف أنشطته السياسية والعسكرية والإعلامية وتسليط الاضواء عليها والتهديد بورقة (إعلان إنفصال الجنوب) وعودة ماكان يعرف “بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، والعودة بالأزمة اليمنية إلى خطوط احداث حرب صيف 94 ،للالتفاف على كل ماتم التفاهم عليه مع الرياض ..
في خطوة سياسية فاشلة أرادت من خلال قوى التحالف السعودي الإماراتي أن تجعل الجنوب الذي هو محل أطماع القوى الاستعمارية القديمة والجديدة خارج حسابات التسوية السياسية وبعيدا عن استحقات السلام الشامل العادل والمشرف لليمن، لتعقيد خيارات وفرص تحقيق السلام في اليمن من خلال “وضع العربة قبل الحصان”، لتصبح الأزمة اليمنية أكثر تعقيداً ، ويصبح طرفا التحالف أكثر أمنا وأكثر قدرة على التهرب من استحقاقات تحقيق السلام، كما تتوهم قوى التحالف أن تحريك ورقة انفصال اليمن وتشطيره(شكليا)، بإرادة خارجية وبدعم خارجي للحفاظ على سيطرتهة واحتلالها لمصادر الطاقة ويناببع النفط والغاز وخطوط الملاحة الدولية والجزر والموانئ اليمنية ،يجعل أرادة حكومة صنعاء الضاغطة على هذا التحالف تبدوا ضعيفة وغير شرعية وغير منطقية ..
هنا جاء دور “المجلس الانتقالي”ليلعب دور ممثل في مسرحية سياسية كوميدية أشبه بمسرحية “الواد سيد الشغال”،الذي لعب فيها الفنان “عادل امام” دور “سيد الشغال”دور “الزوج المحلل” لدى مشغليه حتى يشرعن عودة الزوج الأول إلى زوجته التي طلقها ثلاث طلقات، من خلال تزويجها له بعقد زواج مؤقت وشكلي بإتفاق مسبق مع ولي أمر العروسة “أبوها” وزوجها السابق ينص على الزواج بها ليلة واحدة ورقيا وصوريا دون أن يدخل عليها ثم يطلقها في اليوم الثاني من أجل شرعنة عودة الزوج الأول إليها، وهو ما رفضه “الشيخ” أو “المأذون” أو كاتب العقد الشرعي، واعتبره طلاق باطلا و غير شرعي لايصح بدون الدخول بها والمبيت معها .
في ظل استمرار التهدئة وحالة اللاسلم واللا حرب وتحركات المجلس الانتقالي ،استحضرني دور “سيد الشغال”في مسرحية “الواد سيد الشغال”، هو ذات الدور الشكلي والمؤفت الذي يقوم به المجلس الإنتقالي سياسيا وعسكريا في الجنوب ،وهو دور غير مناط به في هذه اللحظة من تاريخ اليمن،لكن مثلما هي رغبة قيادته دائما التي وضعت نفسها في خدمة مشروع التحالف واطماعه(برا وجوا وبحرا) بإبقاء سيطرته على منابع الثروة ومصادر القوة لعرقلة كل جهود السلام وكل استحقاقات السلام السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية،التي من خلالها أراد هذا التحالف أن يلعب الانتقالي الجنوبي دور “سيد الشغال” الذي يتم إستئجاره سياسي ليشرعن لهذا التحالف وجوده في الجنوب وليسقط كل خيارات وشروط تحقيق السلام التي فرضتها صنعاء على طاولة الحوار السياسي عبر إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ولكي تبدوا الأزمة بين اليمن والتحالف كأنها بين اليمنيين أنفسهم أثناء حقبة التشطير قبل الوحدة عام 1990،ولتبدوا حكومة صنعاء غير قادرة على فرض خياراتها الوطنية على هذا التحالف بإسم كل اليمنيين شمالا وجنوبا ،في حين كلنا يدرك أن التحالف ليس جادا في خيار الانفصال أو في “إقامة دولة جنوبية مستقلة ذات سيادة” بقدر ما أنه يسعى لتوظيف ورقة القضية الجنوبية” لإبقاء احتلاله للجنوب ولإبقاء سيطرته عليه وتفتيته كما يظن أن ن ذلك لن يتأتى له إلا من خلال البحث عن من يلعب دور “سيد الشغال”في مسرحية التحالف السياسية وفق سيناريوا مرسوم له ومشاهد محددة ثم يأخذ أجرته المحددة حسب عقد العمل المبرم وينتهي ويرحل ..
كلنا يعلم أن حكومة صنعاء تدرك كل مايجري وتدرك حيثيات المؤامرة التي تحيكها دول تحالف العدوان وكلنا يعلم أن صنعاء قادرة على إفشال عرض هذه المسرحية السمجة وإغلاق دور هذا العرض المسرحي السخيف وإنهاء أحلام وطموحات كاتب ومخرج ومنتج هذه المسرحية الهزلية ،وكلنا يدرك أن خيارات فرض معادلة السلام في اليمن و خياراتها السياسية الوطنية لن تحقق إلا بعد أن يتم إنهاء كل هذه المحاولات الالتفافية السخيفة التي يقوم بها هذا التحالف بشقيه السعودي والإماراتي على كل التفاهمات التي تمت وعلى كل استحقاقات السلام الحقيقي وشروط التسوية السياسية الشاملة التي سبق واعلنتها صنعاء بشكل واضح وجلي ..