ما الذي يشرف على إنشائه قائد الأسطول الأمريكي الخامس في قاعدة الريان تحت الأرض وبتجهيزات كلّفته ملايين الدولارات؟ (تقرير)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
أثير الجدل مؤخراً بشأن مزاعم التحالف بقيادة السعودية استلامها من الإماراتيين، السيطرة على مطار الريان في المكلا بمحافظة حضرموت شرق اليمن والذي حولته الإمارات إلى قاعدة عسكرية مغلقة استغلتها واشنطن لفرض وجود عسكري أمريكي فيها من مشاة البحرية الأمريكية التابعين للأسطول الخامس والقيادة المعسكرية الوسطى وظلت لثلاثة أعوام تتكتم على هذا الأمر ثم حين تم الكشف عنه في حملة الانتخابات الأمريكية السابقة ذهبت للادعاء بأن الغرض منها محاربة الإرهاب، ثم أتت في وقت لاحق خلال السنوات الماضية وحدات من البحرية البريطانية لتضاف إلى قائمة الوجود العسكري الأجنبي غير المعلن داخل حضرموت واتخاذ قاعدة مطار الريان بالمكلا مقراً رئيسياً للجميع.
في هذا الصدد علم “المساء برس” من مصدر موثوق أنه ومنذ نحو 7 أشهر يجري العمل على إنشاء ما يطلق عليه الضباط الأمريكيين قاعدة داخل مطار الريان بـ(Command and control operations) وهي عبارة عن غرف عمليات عسكرية ومراكز للقيادة والسيطرة على مساحات واسعة تحت الأرض داخل مطار الريان بالمكلا.
المصدر أكد أن التجهيزات التي تم تركيبها وإنشاؤها داخل هذه المساحات الواسعة تحت الأرض داخل المطار بلغت تكاليف باهضة الثمن، حيث أشار إلى أن أحد المحلات التجارية في المكلا العاملة بمجال تجارة أنظمة وشبكات التكييف والتبريد قام ببيع ما قيمته 12 مليون ريال من المواد والأجهزة التي تم تركيبها داخل هذه المراكز الواقعة تحت الأرض مؤكداً أن هذه الأجهزة هي ما تم شراؤه من محل واحد فقط داخل المكلا خلافاً لبقية الكميات من نفس المجال التي تم شراؤها من محلات أخرى.
وأكد المصدر أن هناك تجهيزات ضخمة من مكاتب وديكورات وشبكات التكييف والتبريد والكهرباء والبنية التحتية للاتصالات وشبكات الخطوط على أعلى مستوى وبتكاليف باهضة الثمن وعلى مساحات واسعة جداً تحت الأرض داخل حرم المطار، بالإضافة إلى ذلك أكد المصدر أن تلك المساحات التي تم إنشاؤها تحت الأرض تم تزويدها بتحصينات خرسانية صلبة تحميها من التأثر بأي أضرار ناجمة عن أي هجمات صاروخية أو جوية تتعرض لها.
هذه التجهيزات التي يؤكد المصدر أنها غرف عمليات عسكرية مركزية ومخصصة لقيادة مهام عسكرية استراتيجية وطويلة المدى وليست حالة طارئة أو مؤقتة بدليل حجم التجهيزات التي تمت على أعلى مستوى من التقنية والترتيبات الفنية والإلكترونية، أكد المصدر أنها تخضع بشكل مباشر للأسطول الأمريكي الخامس وقيادة المنطقة المركزية الوسطى، مشيراً إلى توقيت زيارة قائد الأسطول الأمريكي الخامس الجنرال براد كوبر والذي قام بزيارة مفاجئة ومعه الملحق العسكري الأمريكي للسفارة الأمريكية لدى اليمن والسفير الأمريكي ستيفن فاجن إلى مطار الغيضة بمحافظة المهرة المجاورة مطلع مارس الماضي ولقاءات القيادات العسكرية الأمريكية التي سبقت هذه الزيارة بمحافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، حيث لفت المصدر إلى أن هذه التحركات التي ظهرت على مستوى الإعلام بأنها تزامنت مع ذروة العمل بإنشاء هذه التجهيزات داخل مطار الريان، الأمر الذي يؤكد أن الأمريكان يجهزون مركزاً إقليمياً للقيادة والسيطرة لإدارة عمليات ومهام عسكرية على المدى الطويل.
في هذا السياق لفت مراقبون إلى أن التحركات السعودية الأخيرة في حضرموت بشأن استلام السعودية من القوات الإماراتية السيطرة العسكرية على مطار الريان، إنما تأتي للتغطية على ما يحدث بالفعل وبشكل سري داخل قاعدة مطار الريان من تجهيزه ليكون مركزاً رئيسياً لقيادة عمليات عسكرية أمريكية تنطلق من شرق اليمن وهو ما ينفي مزاعم محافظ حضرموت بن ماضي والذي قال في تصريح للإعلام أثناء لقائه بالقائد العسكري السعودي سلطان البقمي أثناء استلام حضرموت لمنفذ الوديعة حيث قال إنه سمع تصريحاً من مسؤول عسكري للتحالف بأنه قال بأن التحالف سينسحب من مطار الريان وأن المطار سيتم تسليمه للإدارة اليمنية لحضرموت، ومع ورود هذه المعلومات فإن تصريح المحافظ مجرد وعود كاذبة ولا صحة لها وغرضها التغطية فقط على ما يجري في أرض الواقع.
كما يشير المراقبون إلى أن هذه التطورات تكشف أن هناك سياسة طويلة الأمد تعمل على تنفيذها القوات الأمريكية المتواجدة داخل اليمن وأنها تخطط للبقاء عسكرياً في اليمن خلال المرحلة المقبلة وهو ما يفسر سبب رفض واشنطن إنهاء السعودية للحرب على اليمن وانسحابها عسكرياً من كامل الجغرافيا اليمنية.
كما لم يستبعد المراقبون ارتباط زيارة جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، مؤخراً للسعودية والتي جاءت بالتزامن مع التحركات السعودية وتوجهها نحو صنعاء طارقة باب الحوار والاتفاق على إنهاء الحرب والانسحاب، أن تكون في سياق ما خططت له واشنطن على المدى الطويل شرق اليمن ولإتمام ذلك دفعت بصورة مستعجلة بكبار مسؤوليها وأولهم سوليفان إلى الرياض وقطع الطريق على مسألة وقف الحرب وخروجها نهائياً من اليمن.
وفيما يتعلق بالدور الإماراتي فإن من الواضح أن غرف ومراكز القيادة الاستراتيجية التي تم إنشاؤها لحساب قوى كبرى يعني أن قاعدة مطار الريان التي ظلت مغلقة ولا يدخلها إلا الإماراتيون لم تعد اليوم بأيديهم وأصبحت بأيدي الأمريكيين بشكل مباشر وهو ما يقود أيضاً إلى أن السعودية والتي تزعم أنها استلمت قاعدة مطار الريان من الإماراتيين إنما أعلنت ذلك للتغطية على ما خفي وهو ما يجعل الرياض وقواتها بمطار الريان عبارة عن غطاء للقاعدة الأمريكية المتقدمة المنشأة تحت الأرض.