تدخل أمريكي مباشر يعرقل خطوات الرياض للخروج من الحرب والقربي يوضح نقطة الخلاف الحالية
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
تسعى الولايات المتحدة الأمريكية جاهدة إلى عرقلة جهود السلام في اليمن، خاصة مع توجه السعودية مؤخراً ولأول مرة منذ بداية حربها على البلاد قبل أكثر من 8 أعوام نحو اتخاذ خطوات عملية للخروج من الحرب التي تشنها على اليمن، غير أن هذه الخطوات اصطدمت برفض أمريكي واضح.
ضغوط أمريكية على الرياض
بحسب مصادر سياسية في صنعاء ومصادر أخرى موالية للتحالف السعودي الإماراتي فإن الرياض تواجه ضغوطاً أمريكية مباشرة تهدف لثنيها عن تنفيذ الالتزامات التي أعلنت الموافقة عليها أمام حكومة صنعاء عبر الوفد الذي أرسلته في رمضان المنصرم برئاسة سفيرها لدى اليمن محمد سعيد آل جابر.
تقول المصادر أيضاً أن واشنطن لا ترغب في أن تنسحب السعودية من الحرب على اليمن بهذا الشكل الذي تترك فيه دون حليف تلك القيادات السياسية اليمنية الموالية لها ولواشنطن والحكومة التي لا يزال معظم أعضائها وقياداتها خارج اليمن، إضافة إلى رفض واشنطن أن تنسحب الرياض كلياً من اليمن بما لا يجعل لواشنطن إمكانية البقاء في البلاد عسكرياً وبما لا يجعل لواشنطن هيمنة سياسية على القرار السياسي اليمني لاحقاً.
بشكل حصري حصل “المساء برس” على تسريب بشأن التطورات السياسية بين الرياض وصنعاء وطبيعة التدخل الأمريكي الأخير، حيث كشف مصدر خاص رفيع المستوى أن واشنطن تضغط على الرياض لعرقلة تنفيذ أي اتفاقات التزمت بها مع صنعاء، مقابل تقديم واشنطن مبادرة تضمن للرياض ولواشنطن دوراً محورياً في مستقبل اليمن يضمن لهما تحقيق مصالحهما الاستراتيجية، وأن هذه المبادرة سيتم تقديمها على أنها مبادرة دولية تقدم تحت اسم (المجتمع الدولي) فيما هي في الحقيقة خطة أمريكية تتضمن وقفاً جزئياً للحرب على اليمن مع إبقاء نوافذ مفتوحة مستقبلاً لعودة الحرب من جديد في حال اقتضت الحاجة الغربية لذلك، إضافة إلى أن الخطة الأمريكية تضمن لواشنطن بقاء القرار السيادي لليمن مرهوناً بالرغبات الدولية وخاصة (الأمريكية والبريطانية والفرنسية).
بالنسبة لصنعاء فإن سياسيين يمنيين رفيعي المستوى سبق أن ألمحوا إلى أن على الرياض ألا تستجيب لواشنطن وأن مصلحة السعودية وأمنها هو في اتفاقها مع جيرانها وليس مع استمرار تنفيذ أجندات واشنطن التي يفصل بينها وبين السعودية بحار ومحيطات.
الوقت ليس في صالح الرياض
في المقابل أصبحت الرياض أمام استحقاقات يجب تنفيذها بعد أن التزمت بها أمام صنعاء لضمان عدم تعرض أمنها الاقتصادي لأي تهديدات لاحقة كما حدث سابقاً، في حال فشلت عملية السلام وعادت الحرب من جديد، وبين التزام الرياض لصنعاء وضغوطات واشنطن لا تزال الرياض تبحث أي الخيارين أفضل بالنسبة لها، غير أن الوقت ضيق لذلك خاصة وأن صنعاء أكدت سواء أثناء وجود وفد الرياض لديها أو بعد مغادرته في أكثر من فعالية وعبر أكثر من شخصية سياسية وقيادية بسلطة صنعاء أن الوقت يمضي بالنسبة للرياض وأن صنعاء لن تنتظر كثيراً تنفيذ الرياض التزاماتها وخطوات بناء الثقة لإثبات صحة نواياها بالخروج من الحرب التي شنتها على اليمن.
وقد وجهت صنعاء رسائل واضحة بأن نكث الرياض لاتفاقها معها سيقود إلى اتخاذ خطوات تصعيدية تضمن لليمنيين انتزاع حقوقهم بأي وسيلة كانت، فرسائل وزير دفاع صنعاء، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي الذي تفقد قواته مؤخراً في جزيرة كمران بالبحر الأحمر، كانت أبرز دليل على جدية صنعاء في تهديداتها، حيث اعتبر محللون أن زيارة العاطفي لجزيرة كمران بعد يومين فقط من زيارات لمواقع عسكرية أخرى أدلى خلالها بتصريحات سابقة تؤكد على جهوزية صنعاء لأي تطورات، يرى المحللون أن زيارته هذه المرة لجزيرة كمران بالبحر الأحمر هي رسالة بحد ذاتها، كونها جاءت بعد تصريحات سابقة له أكد خلالها على يمنية البحر الأحمر ومضيق باب المندب وهي رسالة رد وتحدي ورفض لتواجد البوارج الحربية الأجنبية في المياه الإقليمية اليمنية.
وخلال الزيارة دعا وزير الدفاع، العاطفي، دول التحالف بقيادة السعودية إلى إثبات حسن النوايا من خلال البدء بالتنفيذ العملي للشروط، التي وضعتها القيادة في صنعاء للوصول إلى السلام العادل والشامل، الذي يحفظ لليمن وحدته واستقلاله وسيادته على ترابه وثروته الوطنية.
وأشار إلى أن أية محاولة من قبل التحالف السعودي المدعوم أمريكياً للتصعيد أو نهب الثروات والالتفاف على ما تم طرحه فإن القوات المسلحة جاهزة لإفشال هذه المحاولات وحماية السيادة الوطنية.
واشنطن تعترف بمخاوفها ورفضها لوقف الحرب على اليمن
مسألة المخاوف الأمريكية من وقف الحرب على اليمن لم تعد مجرد توقعات أو استنتاجات وتحليلات بل أصبحت هذه المخاوف معلنة ومعترف بها حتى في الصحافة الأمريكية ذاتها، حيث كشفت إحدى وثائق البنتاغون السرية المسربة مؤخرا، قلق واشنطن من المحادثات الثنائية بين الرياض وصنعاء وذعرها من حصول صنعاء على تنازلات سعودية لا سيما في مجال المرتبات.
وفي منتصف أبريل الجاري نشرت مجلة ذا انترسبت الأمريكية وثيقة من تلك المسربة، تكشف أن واشنطن حريصة على تتبع مسار المفاوضات بين صنعاء والرياض وخصوصاً فيما يتعلق بنقطة المرتبات، وبحسب الصحيفة فإن “رواتب الموظفين الحكوميين نقطة شائكة، ليس فقط للمملكة العربية السعودية، ولكن أيضًا لحلفائها الأمريكيين. أيضًا. حيث تعتبر إدارة بايدن مطالب الحوثيين بأن يدفع السعوديون رواتب القطاع العام، بما في ذلك العاملين في الجيش والأمن، أمر خارج عن المألوف”.
المجلة الأمريكية أعادت في تقريرها حينذاك ما قاله المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ في مؤتمر صحفي في اكتوبر العام الماضي بشأن مطالب صنعاء مقابل موافقتها على تمديد الهدنة، والتي كان من بينها مطلب دفع المرتبات للموظفين من عائدات مبيعات النفط والغاز اليمني الذي تورده السعودية منذ بداية الحرب إلى حسابات خاصة في البنك الأهلي السعودي، حيث قال ليندركينغ إن مطالب صنعاء بشأن المرتبات هي مطالب متطرفة، وقال أيضاً إن “إصرار صنعاء على مطلب دفع الرواتب بما في ذلك رواتب منتسبي الجيش والأمن هو مطلب متطرف” وأن “هذا المطلب يعرقل عملية السلام” وأن “من الصعب جداً على الجانب الآخر التفكير في هذا هذا المطلب غير المعقول تماماً”.
قالت المجلة الأمريكية أنه ورغم رفض الأمريكيين أي تقارب بين الرياض وصنعاء إلا أن الجانبان اتفقا ووقعا صفقة وتبين أن الأمر لم يكن مستحيلاً وأن السعودية اتفقت مع صنعاء على الرغم من أن واشنطن لم تكن تريد ذلك.
وأضافت المجلة أن واشنطن كانت مؤيدة لاستمرار إبقاء السعودية لحصارها المفروض على اليمن وذلك لأن واشنطن كانت تريد استغلال الحصار للضغط أكثر على “الحوثيين” بما يجعلهم يوافقون على اتفاقية سلام يكون فيها حكومة شاملة يبقى فيها دور مفتوح لواشنطن ووكلائها المدعومين من السعودية وجود في هذه الحكومة.
وقالت الصحيفة إن خوف واشنطن من أي اتفاق بين الرياض وصنعاء، دفع بها إلى إرسال دبلوماسييها إلى الرياض للضغط على السعودية ودفعها لاستمرار ضغطها على حكومة صنعاء على أمل تقويض أي صفقة بين صنعاء والرياض أو عرقلة تنفيذ ما كان قد تم الاتفاق عليه، ومن ذلك حسب “ذا انترسبت” زيارة ليندركينغ المستعجلة في 11 أبريل الجاري للسعودية فور ورود أنباء الاتفاق بين الرياض وصنعاء، وأشارت المجلة أن الزيارة كانت بهدف تذكير السعوديين برغبة واشنطن مواصلة الرياض دعم وكلائها في الحرب باليمن.
القربي يؤكد المعارضة الأمريكية
وتأكيداً للدور الأمريكي التخريبي لأي اتفاقيات الحل السياسي وإنهاء الحرب على اليمن، كشف الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني الأسبق والأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، عن وقوف واشنطن خلف تأخير بدء مباحثات الحل السلمي لإنهاء الحرب على اليمن.
وقال القربي في تغريدة على حسابه بتويتر إن قوى دولية (في إشارة واضحة إلى واشنطن) لها حسابات خاصة لا تراعي فيها معاناة اليمنيين والتعجيل بوقف الحرب وضرورة تحقيق الحل العادل لكل الأطراف، وأن هذه الحسابات للقوى الدولية والإقليمية تسببت بتأخر بدء مفاوضات الحل السياسي.
وقال القربي إن تأثيرات هذه القوى الدولية أدى لعدم اتفاق (الرعاة) على مشروع تشكيل لجنة اتصال دولية أو لجنة دعم لمتابعة وضمان تنفيذ اتفاقية السلام.