مقابلة جديدة للمبعوث الأممي السابق جمال بن عمر أبرز شاهد على ما حدث قبل تدخل التحالف السعودي

رصد خاص – المساء برس|

أجرت قناة “روسيا اليوم” الروسية مقابلة مع المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن جمال بن عمر والذي قدم استقالته بعد أيام قليلة من إعلان السعودية تدخلها عسكرياً في اليمن وشنها حرباً وحصاراً على البلاد، في مارس 2015.

وكشف بن عمر في مقابلته مع برنامج قصارى القول الذي يقدمه المذيع سلام مسافر، المزيد من الحقائق التي كانت مغيبة عن الإعلام الدولي بشأن الظروف التي أدت إلى تطور الأحداث في اليمن قبيل اندلاع الحرب بقيادة السعودية وكيف أفشلت السعودية الاتفاق الذي كان قد تم بين الأطراف اليمنية قبل يومين من إعلان الرياض تدخلها العسكري في اليمن.

فيما يلي يعيد المساء برس نص المقابلة التلفزيونية للمبعوث الأممي بن عمر:

اتفاق الرياض مع صنعاء جيد لكنه لا يعني نهاية الصراع في اليمن لأنه صراع على السلطة والثروة

الوضع في اليمن لا يزال هش جداً لأنه لا يزال من غير الواضح طبيعة التفاهمات التي حصلت ما بين السعودية وصنعاء، ولكنها خطوة جيدة أن يكون هناك تواصل مباشر ما بين السعودية وأنصار الله هذا تقدم يمكن البناء عليه لكن الحل الشامل ليس هناك أي مؤشرات على أن اليمنيين اقتربوا من اتفاق على ترتيب دائم لأن الصراع على السلطة والثروة والآن اليمن أصبح منقسم وعدد من المناطق يسيطر عليها أمراء حرب خلقتهم هذه الحرب الأخيرة لكن على أي حال ما جرى مؤخراً من محادثات بين صنعاء والرياض هو إيجابي يمكن أن يوفر الظروف الموضوعية للبدء في عملية سياسية شاملة يقودها اليمنيون.

الأحزاب التي صعدت للسلطة انقلبت على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني برفضها إشراك الحوثيين والحراك الجنوبي في السلطة ومحاولة فرضها تقسيم اليمن لـ6 أقاليم

لم يلجأ الحوثيون للسلاح بعد مؤتمر الحوار الوطني إلا بعد أن انقلبت الأطراف الأخرى المشاركة في الحوار الوطني على الاتفاق الذي تم التوافق عليه بالمؤتمر وهو مشاركة أنصار الله والحراك الجنوبي في السلطة المتمثلة بحكومة شراكة طنية حيث رفضت بعدها الأحزاب التي كانت تحكم (الإصلاح تحديداً) إضافة إلى الرئيس هادي حينها رفضوا إشراك الحوثيين والحراك الجنوبي في حكومة شراكة، وهذا خرق لمخرجات الحوار الوطني.

كما أنه تم فرض هيكلة دولة جديدة بناءً على أسس عامة وخطوط عريضة لبناء نظام حكم فدرالي تم الاتفاق عليه داخل مؤتمر الحوار الوطني، ولكن لم يكن هناك أي اتفاق على التفاصيل ومنها عدد الأقاليم، فمسألة الأقاليم تم فرضها فرضاً من قبل الأحزاب الحاكمة وهادي على أنصار الله والحراك الجنوبي بعد انتهاء مؤتمر الحوار وهذا كان خطأ قاتل لأن الحوثيين في هذا التقسيم (أي الستة أقاليم) حشروا في منطقة نائية جبلية ليست لها أي موارد وليس لها أي منفذ إلى البحر كما رفض الجنوبيون هذا التقسيم آنذاك، هذه بعض الأشياء التي ساعدت على التوتر في تلك الفترة.

السعودية تدخلت عسكرياً في اليمن بعد يومين فقط من الاتفاق النهائي بين اليمنيين

ورغم ما حدث حينها تم إجراء عملية سياسية بين اليمنيين، والأمم المتحدة كانت ميسرة لمفاوضات بين اليمنيين من بداية العام 2011 نحن يسرنا المفاوضات التي أدت لنقل السلطة من صالح إلى هادي ويسرنا مفاوضات التهيئة لمؤتمر الحوار الوطني، خلال فترة المؤتمر أيضاً كنا ميسرين كذلك لليمنيين وقد نجح مؤتمر الحوار الوطني لكن للحزبية الضيقة والحسابات الشخصية هذه كلها أدت إلى مزايدات وتفاقم الوضع، رغم ذلك عندما تعقد الوضع بداية 2015 كان الفرقاء اليمنيين كلهم مجتمعون على طاولة الحوار وكنا نيسر هذه المفاوضات فيما عرف حينها بمفاوضات موفمبيك وحققنا تقدم بشكل كبير باتجاه حل نهائي مبني على تقاسم السلطة وتم الاتفاق على شكل السلطة التنفيذية والتشريعية ومؤسسات الدولة وبقيت هناك خلافات تتعلق بموضوع الرئاسة ومكان التوقيع، أنا زرت السعودية قبل يومين من بدء الحرب العسكرية التي قادتها السعودية على اليمن وكان النقاش على مكان التوقيع فقط حيث كان السعوديون يلحون على أن يكون التوقيع في الرياض بينما أنصار الله وعلي عبدالله صالح كانوا رافضين هذا المقترح وكنا نبحث عن حل لكن التدخل العسكري بقيادة السعودية هو الذي أجهض العملية السياسية في اليمن وهو الذي عقد الوضع الذي كان أصلاً وضعاً معقداً، فالتدخل العسكري الخارجي فتح الباب لمسار جديد مؤلم.

قصة وصول أنصار الله للسلطة في صنعاء

قال بن عمر في لقائه مع القناة الروسية، إن “أنصار الله لم يكونوا بهذا العدد الهائل كما لم يكونوا أقوياء ويملكون السلاح الذي يمكنهم من السيطرة على صنعاء، والحقيقة أن الحوثيين وصلوا إلى السلطة في صنعاء بسبب غباء بعض الموجودين الذين كانوا موجودين آنذاك في السلطة، كانت حسابات هؤلاء السياسيين حسابات ضيقة، ولم تكن هناك مقاومة للحوثيين أولاً، هل أعطى الرئيس أوامر بحماية العاصمة، لا أحد يدري، هل إذا كان قد أعطى أوامر للجيش بحماية العاصمة فمن هم الذين رفضوا هذه الأوامر، هذه الأسئلة لا تزال مطروحة حتى الآن، وكذلك أنا أتذكر أن بعض السياسيين من غير حزب الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام كانوا يقولون لي آنذاك أنه لا بأس إذا دخل الحوثيين فإنهم سيخلصونا من حزب الإصلاح ومن جامعة الإيمان ومن علي محسن وسيعودون إلى صعدة، وكان هذا في مستوى البلادة لأنه عندما وصل الحوثيون إلى صنعاء استولوا على السلطة وتطورت الأمور على حسب ما رأيناه لاحقاً، على أي حال كانت هناك حسابات كل طرف كان يريد أن يستغل الحوثيين فعلاً لصالحه وهذا صحيح وهذا ما أدى إلى ما نراه الآن من هذا الوضع المؤلم”.

القرار 2216 سبب تعثر دور الأمم المتحدة ومبعوثيها في اليمن وسبب استقالتي

كان دور الأمم المتحدة ميسر وإيجابي وفعال في الأحداث اليمنية من بداية 2011 حتى مارس 2015، ففي مارس 2015 كان هناك مسودة اتفاق جديد بين كافة اليمنيين كان قد تم الإعداد لها لكن التدخل العسكري السعودي والإماراتي أجهض هذا الاتفاق، من بعد ذلك حدث شيء مهم وهو القرار الذي اصدره مجلس الأمن الدولي (2216) هذا القرار عملياً يطلب وهو قرار عجيب غريب وهو عملياً يطلب من طرف واحد وهم الحوثيين الاستسلام لحكومة ليست موجودة إلا في فنادق الرياض وهذا القرار كان غير واقعي وعقد العملية السياسية وجميع المبعوثين الأمميين يعملون في إطار قرارات مجلس الأمن، عندما قرأت مسودة هذا القرار اتضح لي أنه ليس هناك الآن أي دور سيكون إيجابي لمبعوث الأمم المتحدة وحينها قدمت استقالتي، والمبعوثين الأمميين الذين جاؤوا من بعدي كلهم عملوا في إطار هذا القرار الذي في الحقيقة لم يساعد بل عقد المسار السياسي في اليمن لأنه في نهاية المطاف كان القرار الصائب أن يكون داعياً جميع الأطراف للتفاوض وبتيسير من ممثل الأمم المتحدة لكن هذا القرار كان كارثة في الحقيقة وأثر على دور الأمم المتحدة ومبعوثيها.

إيران

بتدخل السعوديين عسكرياً في اليمن دفعوا الحوثيين للاتجاه لإيران وطلب العون منها وأكيد أصبح الحوثيون الآن حاصلين على خبرة في صناعة الطائرات المسيرة وكل السلاح المتطور، لكن لا يمكن اختزال الوضع في اليمن للقول بأن الصراع في اليمن هو بين إيران والسعودية هذه التعقيدات حصلت فيما بعد، بعد التدخل العسكري السعودي لكن الصراع أساساً هو صراع على السلطة ما بين اليمنيين وكان صراع لم يحسم بعد، وحتى إذا كانت هناك تفاهمات ما بين إيران والسعوديين هذا لا يعني أنه سيكون هناك سلم في اليمن.

السعودية أرادت تنصيب حكومة تقيم عندها في الفنادق وتدخلها كان خطأ كارثي

الصراع في اليمن لم يأخذ بعداً إقليمياً إلا بعد أن تدخلت السعودية عسكرياً في اليمن، الخطأ الكبير الذي ارتكبته السعودية هو في مارس 2015 حين ظنت أن بإمكانها تنصيب حكومة موالية لها والحد من سيطرة الحوثيين وكان هذا خطأ قاتل، فقد وجدنا أن السعودية لم تحقق أي من أهدافها في اليمن بل بالعكس أدت تصرفاتها إلى تقوية الحوثيين وأصبحوا الآن قوة كبيرة أكثر مما كانوا في السابق كما أن هذه الحرب أدت إلى خلق أمراء حرب جدد كل واحد فيهم يسيطر على منطقة معينة في اليمن وهذا أدى إلى تقسيم اليمن وأدى إلى الكارثة التي نراها الآن.

المبعوث الحالي طلب مني نصيحة وقلت له 2216 يجب أن يلغى كي تستطيع أن تنجح

أنا نصحت المبعوث الأممي الحالي إلى اليمن عندما تواصل بي حين تم تعيينه طالباً النصيحة، وأنا قلت له أول نصيحة أنه يستحيل أن يقوم بدور الميسر إذا كان قرار مجلس الأمن يطلب من طرف الاستسلام لطرف آخر وهو القرار 2216 إذا لم يتغير هذا القرار سيكون من الصعب عليه العمل، كذلك الأمم المتحدة ليس فقط في اليمن ولكن في عدد من مناطق العالم الناس ينضرون للأمم المتحدة أنها واجهة للقوى الأخرى الكبرى ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا.

يجب على القوات الأجنبية الموجودة في اليمن الخروج من البلاد لأنه لا يوجد مبرر لوجودها، كما على الدول التي تدخلت عسكرياً في اليمن أن تكف أيضاً دعمها للأطراف المحلية في اليمن.