اكتشاف خام السيليكا.. ثروة صناعية هائلة في اليمن.. كيف يمكن استغلالها؟
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
قبل أيام سلط الإعلام التركي الضوء على اكتشاف كميات هائلة من خام السيليكا في مناطق عديدة في اليمن، في الحقيقة لم يكن ذلك اكتشافاً حديثاً بل سبق الكشف عنه منذ سنوات طويلة، حيث تظهر المعلومات الرسمية بوزارة النفط والمعادن أن اليمن يحتوي على كميات هائلة من رمال “السيليكا” عالية النقاوة، وهي المادة الرئيسية المكونة والمستخدمة في صناعة الزجاج والقوالب والكواشف إضافة لصناعة عدد كبير من المنتجات الصناعية الأخرى.
وأثبتت الدراسات وجود ترسبات رمل السيليكا بدرجة نقاوة عالية في عدد من المناطق في اليمن، مما يوفر إمكانية لإنشاء نشاط صناعي كبير في مجال صناعة الزجاج.
ويؤكد خبراء جيولوجيون أن كلاً من مناطق الطويلة في المحويت وكحلان بحجة وثقبان وشبوة وصعدة تحتوي على ثروة صناعية هائلة تكتنزها صخورها وجبالها ووديانها من خامات الزجاج تقدرها إحصائية رسمية بنحو 2 بليون متر مكعب، غير أنها ثروة في قطاع تعديني مهمل حيث يطلق عليه الجيولوجيون بالقطاع اليتيم.
وأثبتت الدراسات أن نسبة ثاني أكسيد السيليكا وهو الخام المكون للزجاج تتراوح بين 97.72 و99.36 %.
ويشدد المختصون على أهمية تشجيع الاستثمارات والمشاريع التعدينية ضمن أي توجهات قادمة لإعادة البناء والإعمار وتوفير كافة الدعم والمساندة لها، وإيجاد بيئة مناسبة لإنجاحها لما لها من دور كبير في خدمة التنمية ورفد الاقتصاد الوطني بموارد إضافية جديدة.
الاستفادة من هذه الثروة الهائلة
يمكن الاستفادة من هذه الثروة الصناعية في تنمية الاقتصاد اليمني. فصناعة الزجاج تعتبر صناعة حيوية واسعة الانتشار في العالم ويمكن أن تساهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل جديدة. وبما أن اليمن يعتمد حالياً على جلب معظم احتياجاته وخامات الزجاج من الخارج، فإن استخدام هذه الثروة المحلية سيساعد على تخفيف الاعتماد على الواردات وتقليل النفقات الحكومية.
ويمكن أيضاً استخدام هذه الثروة الصناعية لتنمية صناعات أخرى متعلقة بصناعة الزجاج مثل صناعة القوالب والأدوات المستخدمة في الإنتاج الصناعي، والتي يمكن أن توفر فرص عمل وزيادة في الإنتاجية.
ومن أجل تنمية هذه الصناعة واستغلال هذه الثروة الصناعية، يجب أن تتخذ أي سلطة قادمة إجراءات وسياسات تشجع على الاستثمار في هذا المجال وتوفر بيئة مناسبة للشركات المحلية والدولية للاستثمار وتطوير هذه الصناعة في اليمن.
وحسب مراقبين فإن اكتشاف موارد هائلة من رمال “السيليكا” عالية الجودة في اليمن يفتح أفاقاً جديدة للنشاط الصناعي، ويمكن أن يجعل اليمن من أهم الدول المصدرة للخامة المستخدمة في صناعة الزجاج والقوالب المستخدمة في العديد من المنتجات الصناعية. وتشير الدراسات إلى أن الاحتياطي المؤكد والملائم لصناعة الزجاج في هذه المنطقة يصل إلى حوالي 420 ألف طن، مما يمثل فرصة استثمارية كبيرة للتعدين وتطوير هذا القطاع في اليمن، ويمكن أن يساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل.
المطلوب لتطوير قطاع التعدين وصناعة الزجاج في اليمن
لتطوير قطاع التعدين وصناعة الزجاج في اليمن، يمكن اتخاذ العديد من الخطوات، منها حسب مختصين تحدثوا لـ”المساء برس”:
1- وضع الخطط الاستراتيجية: يجب وضع خطط استراتيجية واضحة لتنمية قطاع التعدين وصناعة الزجاج في اليمن، وتحديد الأهداف والخطوات المحددة لتحقيقها، وتحديد الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ هذه الخطط.
2- تطوير البنية التحتية: يحتاج قطاع التعدين وصناعة الزجاج إلى بنية تحتية قوية، بما في ذلك الطرق والجسور والمرافق اللوجستية والتيار الكهربائي والمياه والاتصالات، وهذا يتطلب استثمارات كبيرة.
3- تطوير الكفاءات البشرية: يجب الاهتمام بتطوير الكفاءات البشرية في قطاع التعدين وصناعة الزجاج، من خلال توفير التدريب والتعليم المناسب للعمال والمهندسين والفنيين، وتوفير برامج تحفيزية للمواطنين للعمل في هذا القطاع.
4- تطوير البحث والتطوير: يجب تعزيز البحث والتطوير في قطاع التعدين وصناعة الزجاج، وتشجيع الابتكار وتطوير التقنيات الحديثة لتحسين أداء الصناعة وتقليل التكلفة.
5- تشجيع الاستثمار: يجب توفير بيئة استثمارية ملائمة لجذب المستثمرين في قطاع التعدين وصناعة الزجاج، وتقديم الحوافز والمساعدات المالية والضريبية لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
6- التعاون الدولي: يمكن الاستفادة من التعاون الدولي في تطوير قطاع التعدين وصناعة الزجاج في اليمن، من خلال تبادل الخبرات والتكنولوجيا والموارد المالية والبشرية مع الدول التي تتمتع بخبرة في هذا المجال.
الدولة ودورها المطلوب حالياً
هناك العديد من الخطوات التي يمكن للسلطة في اليمن – أياً كانت – اتخاذها لتطوير صناعة الزجاج، ومن أهمها:
1- توفير الدعم المالي والتقني للشركات المحلية والدولية المهتمة بالاستثمار في صناعة الزجاج في اليمن.
2- توفير البيئة التشريعية والتنظيمية المناسبة للشركات للعمل في اليمن، وتسهيل إجراءات التراخيص والتصاريح اللازمة.
3- تشجيع البحث والتطوير في مجال صناعة الزجاج، وتوفير الدعم اللازم للمراكز البحثية والجامعات لتطوير التقنيات المستخدمة في هذه الصناعة.
4- توفير التدريب المهني والتقني للعاملين في هذا المجال، وتوفير الدورات التدريبية لتأهيل العاملين في الصناعة.
5- تشجيع التعاون بين الشركات اليمنية والأجنبية في صناعة الزجاج، وتوفير الحوافز المناسبة للشركات التي تستثمر في هذا المجال.
6- تطوير البنية التحتية اللازمة للصناعة، وتوفير التسهيلات اللازمة لحركة النقل والتصدير.
7- إنشاء مناطق صناعية متخصصة لصناعة الزجاج، وتوفير الخدمات اللازمة للشركات المتواجدة في هذه المناطق.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة اليمنية توجيه الاهتمام للتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، وتشجيع استخدام التقنيات الصديقة للبيئة في صناعة الزجاج.
وحتى اليوم لا يوجد معلومات مؤكدة عن وجود شركات محلية أو أجنبية تستثمر في صناعة الزجاج في اليمن، وذلك يعود للغموض الذي يكتنف قطاع التعدين في اليمن بسبب الفساد الذي مارسته الأنظمة السابقة في إخفاء معلومات الثروات الطبيعية لليمن ولمن وكيف يتم استغلالها، ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه الثروة الصناعية جاذبة للاستثمارات في المستقبل، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد بتنمية صناعات الزجاج في العالم.
ومن المهم أن تعمل السلطة اليمنية على توفير بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين وتقديم الدعم والمساندة اللازمين لهم للاستثمار في هذا المجال، وذلك من خلال توفير البنية التحتية اللازمة والتسهيلات الضريبية والجمركية المناسبة، وتطوير القوانين واللوائح اللازمة لحماية المستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار في هذه الصناعة، وفق ما يطرحه الخبراء في هذا المجال.