ميناء عدن ووعود التحالف بـ”دبي ثانية”.. تقرير
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في خمسينيات القرن الماضي تم تصنيف ميناء عدن كثاني ميناء بعد ميناء نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية لتزويد السفن بالوقود وتبديل الزيت.
وقبل ذلك كان ميناء عدن منطقة مهمة لبريطانيا العظمى التي كانت مستعمراتها تغطي جزءاً كبيراً من جغرافيا الأرض، ولوحدة ميناء عدن كان يفترض به أن يكون كافياً لأن يكون مصدر الدخل الأول للبلاد، غير أن وقوع الميناء بين مينائي جبل علي في الإمارات وميناء جدة في السعودية جعل من هذين البلدين يجتهدان على العمل لإبقاء ميناء عدن خارج الجاهزية وخارج الخدمة التي يمكن أن يقوم بها الميناء مستغلاً موقعه الطبيعي وما يتميز به من ميزات ليست موجودة في مينائي جبل علي أو جدة فهو مصنف على أنه أكبر ميناء طبيعي في العالم.
تدخل التحالف السعودي الإماراتي العسكري في اليمن في مارس 2015 بذرائع استعادة السلطة التي كانت موالية للرياض وللولايات المتحدة الأمريكية والتي أطيح بها من صنعاء بعد أحداث 21 سبتمبر 2014، ومن بين الوعود التي رددها التحالف حين تدخل عسكرياً في اليمن وبدأ باحتلال مدينة عدن منتصف 2015 أن وعد بأن يتم تحويل عدن إلى “دبي ثانية”، ومر على هذا الوعد 8 أعوام، وهو ما يدعو للتساؤل: هل يعمل اليوم ميناء عدن كما تعمل اليوم موانئ دبي بالإمارات؟.
لا هم للتحالف السعودي الإماراتي بالوضع الاقتصادي لليمن إلا بما يجعل اليمن فقيرة ومدمرة اقتصادياً ويجعلها بلداً قائماً على المساعدات الخارجية وغير مُمَكن من استثمار موقعه الجغرافي ومقدراته الطبيعية عوضاً عن استثمار مقدراته الأخرى من ثروات في باطن الأرض والبحر، ولهذا فإن أي وعود تُطلق من الرياض أو أبوظبي بشأن أي منطقة يمنية أو أي منشأة اقتصادية هي وعود زائفة وغرضها إما خداع اليمنيين للتغطية على أهداف أخرى خبيثة أقلها احتلالية أو أن هذه الوعود تأتي في سياق الصراع بين الرياض وأبوظبي عبر استخدام اليمن أو مقدراتها بعبع تهديد سعودي أو إماراتي ضد بعضهما البعض، كما هو حال ميناء عدن الذي يستخدم اليوم من قبل السعودية لتهديد الإمارات فقط.
اللواء في الجيش السعودي المحسوب على المخابرات السعودية، أحمد الفيفي، قال في تغريدة على حسابه بتويتر “كنا نسمع أن ميناء عدن كان أكبر ميناء يقع على ضفتي البحر الأحمر قاطبة”.
وأضاف: “يا ترى هل يمكن أن يعود إلى سابق عهده”، وتحمل التغريدة عوضاً عن كونها تكشف إلى أي مدى وصل الصراع والقطيعة بين الرياض وأبوظبي، فإنها تعتبر بمثابة تهديد سعودي باستهداف الإمارات اقتصادياً وما استدعاء السعودية لميناء عدن هنا إلا لمجرد تهديد الإمارات اقتصادياً فقط كون استعادة تشغيل ميناء عدن باستغلال مقدراته الطبيعية سيجعل من ميناء جبل علي في خبر كان، وهو مجرد تشبيه للتدليل على امتلاك السعودية عدة أوراق لضرب الإمارات اقتصادياً، وإلا فإن الحقيقة هي أن لا السعودية ستعمل على تشغيل ميناء عدن ولا الإمارات حولت عدن لدبي ثانية.
بعد 8 سنوات من الحرب على اليمن واحتلال جزء من جغرافيته، أصبح من الواضح أن مسلسل تدمير الموانئ اليمنية وعلى رأسها ميناء عدن كان واحداً من أهداف قطبي التحالف الرياض وأبوظبي، الأمر الذي يوجب على أبناء المحافظات الجنوبية إدراك حقيقة ما يفعله التحالف في أرضهم وبمقدراتهم ومنشآتهم وأن بقاءهم أداة وسلاحاً بيد الرياض وأبوظبي لقتال بعضهم البعض أو لقتال قوات صنعاء التي تصدت للتدخل العسكري للتحالف إنما هي مساهمة منهم لتمكين التحالف نفسه من تدمير مقدراتهم من موانئ ومصافي بترول ومصانع ونهب للثروة السمكية والنفطية والغازية.
الواقع الذي تعيشه المناطق الجنوبية بعد 8 سنوات من السيطرة عليها من قبل الرياض وأبوظبي، لا يحتاج إلى سرد تفاصيله المتشعبة لإقناع أبناء الجنوب أنفسهم بحقيقة ما يدار من حولهم، إذ يكفي أبناء المحافظات المسماة أنها محررة الرجوع لاعترافات وزير النقل السابق بحكومة التحالف، صالح الجبواني بشأن تعامل التحالف السعودي الإماراتي مع الحكومة التي يدعي التحالف أنه جاء وتدخل لإعادتها للسلطة وتعامل التحالف مع المناطق التي يسميها محررة وعلى رأسها عدن واعترافاته أيضاً بحقيقة تعامل التحالف مع ميناء عدن تحديداً، في مقابلته التلفزيونية الشهيرة مع المذيعة رحمة حجيرة.