تحضيرات أمريكية سعودية للتصعيد العسكري
زكريا الشرعبي-تقرير..المساء برس|
على الرغم من مرور عام إلا عدة أيام على خفض التصعيد بين صنعاء والتحالف والهدوء إلا أن المفاوضات على إنهاء الحرب لا تزال تراوح مكانها، فالتحالف وإن كان قد وصل إلى قناعة باستحالة الحسم العسكري لا يزال غير قادر على تقٌبل “هزيمة كاملة” ويريد “نصف نصر” على الأقل ،و”نصف النصر” بالنسبة لصنعاء “هزيمة كاملة” إذ يرتبط الأمر بحرية واستقلال البلد، وهذه “أشياء لا تٌشترى”.
صحيح أن السعودية تسعى مٌرهقة من حرب كلفتها الكثير من المال والسمعة والطموح، إلى الحصول على ضمانات أمنية بعدم استهدافها بالطائرات المُسيرة والصواريخ الباليسية، لكنها تبدو مرتبكة وغير قادرة على التقدم بخطوات إلى الأمام فهي إذ تنوء بحمل الظهور كقائد للتحالف لا تملك قرار إنهاء الحرب وتمضي خلف واشنطن التي ترى أن الصراع مع صنعاء يتجاوز الحدود الجغرافية وأطره المطروحة في المفاوضات، فهو كما يخلص تقييم من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى المعروف بتبعيته للوبي الصهيوني في أمريكا، صراع يرتبط بنوايا الحوثيين المستقبلية ومشروعهم.
يقول التقرير الذي أعده المستشار العسكري المعروف بقربه من مؤسسات الحكم الأمريكية مايكل نايتس : يجب على واشنطن إجراء مراجعة محايدة لسياستها تجاه الحوثيين، وتقييم نواياهم المستقبلية ليس تجاه العناصر الأمريكيين والمنشآت الأمريكية في المنطقة فحسب، بل أيضاً تجاه إسرائيل والشحن الدولي والسعودية وإيران و«حزب الله». وإذا خلصت مثل هذه المراجعة إلى أن الحوثيين سيكونون على الأرجح خصماً للولايات المتحدة في المستقبل بغض النظر عن كيفية انتهاء الصراع في اليمن، فيجب على المسؤولين البدء بالتفكير في استراتيجية احتواء الآن وليس لاحقاً. وبالنظر إلى تعاظم ترسانة الحوثيين البعيدة المدى والتزامهم بشعارهم الرسمي “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، يبدو مثل هذا التخطيط للطوارئ حكيماً بالفعل.
لقد كتب نايتس هذه التوصية في أبريل 2021م إلى جانب توصيات أخرى من بينها ما تم تنفيذه كإنشاء شبكة مراقبة في البحر الأحمر وخليج عدن وإدراج قيادات من أنصار الله في لائحة العقوبات الأمريكية،ومحاولة تشويه قيادات في الحركة إعلاميا، ومن خلال قراءة مسار المفاوضات فإن واشنطن حاولت تنفيذ سياسة الاحتواء خلال الأشهر الماضية وفشلت، وقد ألمح قائد أنصار الله عبدالملك الحوثي في خطاب بمناسبة “الذكرى السنوية للشهيد” في ديسمبر الماضي إلى المطالب الأمريكية ملخصا إيها بمشكلتين رئيسيتين الأولى هي المبدأ التحرري ويتعلق ذلك بمستقبل البلد سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا والثانية هي موقف اليمن من قضايا الأمة وعلاقته بمحيطه الإسلامي، حيث تتمحور المطالب الأمريكية حول التطبيع مع كيان الاحتلال والمعاداة لإيران وحزب الله وحركات المقاومة في فلسطين والعراق.بالنسبة لصنعاء فإن هذه مشاكل كبيرة والقضايا المطروحة لا تقبل المساومة على الإطلاق فالحرية كما قال قائد أنصار الله جزء أساسي من الدين بل أول عنوان للدين، كما أن اليمن كما قال الحوثي ليست السعودية أو الإمارات أو نظام آل خليفة في البحرين كي تمضي وراء أوامر الأمريكيين في تحديد علاقاتها بمحيطها أو مواقفها المبدئية من قضايا الأمة.
أريد أن أقول لشعبنا العزيز: أنَّ الأعداء في هذه المرحلة يحاولون أن يضعونا بين خيارات غير منصفة، ولا عادلة، والشيء الذي لا يمكن أن نقبل به على الإطلاق هو: التفريط في كرامة هذا الشعب، في استقلال هذا البلد، في حرية هذا الشعب، هذه مسائل مهمة جداً، ولا في مواقفنا المبدئية القرآنية تجاه قضايا الأمة، هذه أمور لا يمكن- كما قلنا- أن ندخلها في مزاد المساومة، غير ذلك لدينا مرونة، حريصون نحن على تحقيق السلام العادل المشرف“
عبدالملك الحوثي
لقد فشلت الولايات المتحدة في محاولة احتواء صنعاء وفي حين اعتبر خبراؤوها أن أي اتفاق بين صنعاء والرياض سيكون اتفاقا مؤلما لذات الأسباب التي سبق وذكرها معهد واشنطن، كثفت القيادة المركزية الأمريكية الوسطى الحضور العلني في اليمن حيث استعرضت وجودها في محافظة المهرة، كما نشرت تسريبات إعلامية عبر قناة الحدث السعودية عن امتلاكها قاعدة عسكرية في حضرموت وذلك إثر رفض صنعاء لأي تواجد أجنبي في اليمن، وبالإضافة إلى تكثيف الحضور العلني يجري الترتيب الأمريكي للتصعيد العسكري برزت من خلال تحركات للضباط السعوديين وعقدهم لقاءات عسكرية مع القوات الموالية له في شبوة وحضرموت وعدن والساحل الغربي.
تقول بعض القراءات إن التحركات السعودية في هذه المناطق تأتي في إطار الصراع المتزايد مع الإمارات وأن الرياض ترى أنها تفاوض الحوثيين بأيادي خالية من المكاسب بينما الإمارات هي صاحبة النصيب الأكبر من الكعكة وهي الأخرى منزعجة من المفاوضات المباشرة، غير أن هذه القراءات تتصادم مع الظهور الأمريكي إلى الواجهة والذي يشبه في ظروفه التحركات في مطلع 2022م حيث دعمت واشنطن معركة في شبوة، وأدى ذلك إلى تصعيد واسع انتهى بضربات قاسية على الإمارات بما فيها قاعدة الظفرة الأمريكية.
لا قلق لدى صنعاء من أي تصعيد بل إن استمرار حالة المماطلة وعدم إحراز أي تقدم في المفاوضات والالتزام بشروطها أمر غير مقبول يتوجب على التحالف الحذر من عواقبه ، والتحذير هنا من قائد حركة أنصار الله عبدالملك الحوثي.
الخبر اليمني