هل انقلبت السعودية على الانتقالي أم “طارق صالح”؟
حلمي الكمالي – وما يسطرون – المساء برس|
لم تعد الخلافات بين قطبي التحالف السعودي الإماراتي على الساحة اليمنية، مجرد “خلافات سطحية” بل تحولت إلى صراعات عميقة للغاية ارتدت عكسياً على الغرف الحاكمة في عمق الدولتين، مع استمرار الإخفاقات المتوالية لقوى التحالف في ظل ما أحدثه صمود صنعاء من متغيرات سياسية داخلية وخارجية، بدأت تعصف بوكلاء الولايات المتحدة في المنطقة بشكل عام.
لا شك أن الصراعات بين الإمارات والسعودية على الساحة اليمنية، ليست وليدة اللحظة، وإنما تعود منذ بداية إعلان التحالف الحرب على البلد، إلا أنه سرعان ما لبثت تلك الصراعات أن تلتهم وجود الآخر، على إمتداد مناطق سيطرتها، وتفتك بفصائلها المختلفة، مخلفةً وضعاً أمنياً واقتصادياً مزرياً للغاية، وهي بالطبع إستراتيجية ليست ببعيدة عن قوى التحالف لفرض واقعاً مأساوياً للبلد، لكنها انعاكس للحرب السرية القائمة بين قطبي التحالف.
من الواضح جداً، أن التحركات السعودية الأخيرة في اليمن، الذي ترمي لإقصاء فصائل المجلس الإنتقالي، الذراع الأول للإمارات من مدينة عدن وإزاحتها من عموم المناطق النفطية جنوبي اليمن؛ قد دفعت بالصراع الإماراتي السعودي من جديد إلى واجهة المشهد، ولكن الخطوة السعودية لم تكن السبب الرئيسي لإحتدام الصراع بين قطبي التحالف خلال الآونة الأخيرة؛ بل التوجه السعودي الجديد لإقصاء الفصائل الإماراتية الجديدة التي يمثلها طارق صالح.
السعودية التي سبق وأن أبرمت اتفاقاً سرياً مع الشريك الإماراتي، لإزاحة المجلس الجنوبي من المشهد العسكري والسياسي لحساب فصائلها الجديدة المحسوبة على طارق صالح، تراجعت مؤخراً عن اتفاقها بعد اكتشاف قائدة التحالف بأنها لا تمتلك أي استحواذ حقيقي على الأرض، وأن ما تملكه الفصائل الإماراتية في بعض المحافظات الجنوبية هو كل ما بحوزة التحالف الذي تقطف ريعه أبوظبي فقط، فيما تقف قائدة التحالف خالية الوفاض من أي أوراق ضغط، وهي التي تستقبل كل تداعيات الهزيمة في عمقها الإستراتيجي.
الإنقلاب السعودي على الإمارات، بدى واضحاً اليوم بعد إعلان تشكيلها قوات “درع الوطن” التي اتضح لاحقاً أنها لن تكون بديلة عن المجلس الإنتقالي وستار للفصائل الإماراتية الجديدة بقيادة طارق صالح، حسب الإتفاق، بل غطاءاً للعديد من الفصائل تحت إشراف سعودي مباشر، بالرغم من أنها ستضم بعض الفصائل الإماراتية كالقوات المشتركة وألوية العمالقة والنخب، لكنها ستكون راضخة لتحقيق مصالح سعودية مباشرة، وبعيدة كل البعد عن الشريك الإماراتي.
ما يؤكد هذه التحركات والنوايا السعودية ليس فقط سيطرتها على المعقل الرئيسي للمجلس الإنتقالي في عدن، ووقف تدفق فصائل طارق التي كانت تتأهب لإستلام المدينة، بل ذهاب السعودية إلى تفجير الصراعات بين الفصائل الإماراتية والألوية التهامية في الساحل الغربي، مع إعادة دعمها الأخيرة لإيجاد موطئ قدم لها أمام الإمارات في المنطقة الإستراتيجية القريبة من مضيق باب المندب، وهو ما تعكسه التوترات القائمة بين فصائل التحالف والتي تشهدها مدينة المخأ بمحافظة تعز، في ظل إستهداف متبادل لقياداتها البارزة.
أضف إلى ذلك، السطوة السعودية الواضحة على قيادة المجلس الرئاسي، ومحاولتها تطويع رشاد العليمي المحسوب على جناح الإمارات في المؤتمر، والدفع به إلى مدينة عدن لإعلان وتمرير مخططها الأخير بعد احتجازه في العاصمة الرياض لعدة أشهر، وتلقيه أوامر سعودية بتجاهل التوجيهات الإماراتية، ضمن صفقة أبرمتها الرياض مع العليمي، خلال إستدعائها الأخير، وفق ما كشفته مصادر دبلوماسية في حكومة معين.
إلى ذلك، فإن الصراع الإماراتي السعودي في اليمن، هو امتداد لصراع واسع بين النظامين حول من يكون الذراع الأول للقوى الغربية في المنطقة، فالسعودية أغاضها تصدر الإمارات خلال الفترة الأخيرة، للمشهد في ما يخص بالتعويل الأمريكي الأوروبي لتنفيذ مصالحهما، قبل أن تذهب لاتخاذ إجراءات استفزت جارها الإماراتي، وأبرزها سحب امتيازات الشركات العالمية من أبوظبي ودبي إلى الرياض، وسط مؤشرات بانفجار جولة جديدة من الصراع أكثر فتكا لقطبي التحالف في اليمن وخارجها.