دلالات وتداعيات “حرب الوجود” بين فصائل التحالف بشبوة!
حلمي الكمالي – وما يسطرون – المساء برس|
لم يعد هناك ثمة أي خيارات بديلة لشتات فصائل التحالف السعودي الإماراتي، سوى الدفع بهرولة لتصفية بعضها البعض، في ظل انسداد الأفق العسكري والسياسي لقوى التحالف ومجلسها الرئاسي، الذي يحبو على إخفاقات السنوات السبع الماضية، كـ”سلحفاة” خالية الوفاض، على مسرح هش لا يحتمل ما يحمّله كل هؤلاء من تناقضات… فهل بدأت المعركة الفاصلة بين فصائل التحالف لصراع الوجود والبقاء وإلى أين ستنتهي بالضبط ؟!.
مشاهد الاقتتال الفظيع الذي شهدته ساحات مدينة عتق، خلال اليومين الماضيين، الموبوءة بسعار الفصائل المتناحرة؛ لم يكن عرضا مرعبا لأسر وأهالي المدينة، التي فرت حافية الأقدام وتاهت في شعاب وصحاري المحافظة النفطية وحسب، بل مشهدا مصغرا لمستقبل يرنو من شلال دماء وأشلاء فصائل التحالف.
من الواضح جدا، أن دفع حزب الإصلاح الذي فقد خلال الفترة الأخيرة وتحديدا مع تشكيل مجلس التحالف الجديد، معظم حضوره عسكريا وسياسيا شمالا وجنوبا وشرقا، لمعركة فاصلة ووجودية في مدينة عتق؛ تأتي في ظل مساعي لتثبيت بقائه في المشهد، من بوابة عتق التي يعتقد أنها الخاصرة الأضعف للفصائل الإماراتية، والقريبة من خط إمداداته القائمة من مدينة مأرب.
وبعيدا عن ذلك، فإن قوات الإصلاح تُفجر معركتها الوجودية في مدينة عتق، مع فصائل تقاتل هي الأخرى على وجودها الأخير في ظلال المشهد المهترئ، الذي ينفرط شيئا فشيئا كحبات المسبحة من تحت قوى التحالف ومجلسه الرئاسي، وهي الفصائل الإماراتية المتناحرة ضمن صراع السيطرة والبقاء مع تفضيل الداعم والممول الأدوات الجديدة على السابقة.
ففي خضم المواجهات المستعرة بين الإصلاح والفصائل الإماراتية في شبوة، لا يمكن إخفاء الصراعات الفتاكة القائمة داخل بنية الفصائل الإماراتية؛ وهو ما يمكن استدراكه بوضوح من خلال رفض مكون كبير في قوات العمالقة بقيادة حمدي شكري الصبيحي، وقيادات أخرى، الانخراط مع معارك الفصيل الإماراتي في عتق، هذا إلى جانب الانشقاقات المتبادلة بين صفوف الطرفين.
كما لا يمكن إغفال امتعاض الانتقالي الذي تتقدم فصائله وجه المعركة مع الإصلاح، من مناوشات قوات طارق صالح من مسافة بعيدة عن غبار المعركة، للهروب من تبعات خسارة هذه المعركة إذا ما حدثت أو القفز على أشلاء قوة الانتقالي المنهكة، للضفر بأي مكاسب قد تنتج عنها، وكل هذا يحدث في ظل استشعار هذه الفصائل بمخاطر وجودية حقيقية هذه المرة مع مساعي قوى التحالف للبحث عن مخرج لإنقاذ نفسها من المستنقع اليمني.
من المتوقع أن يفجر قرار الرئاسي بالإطاحة بآخر وأبرز قيادات الإصلاح العسكرية والأمنية في محافظة شبوة، وعلى رأسهم قائد محور عتق، عزيز ناصر العتيقي، وقائد قوات الأمن الخاصة عبدربه لعكب؛ المزيد من الصراعات العميقة داخل أروقة فصائله المتناحرة ويشعل فتيل اقتتاله الذي يوشك أن يمتد من شبوة إلى حضرموت شرقا، وإلى أبين جنوبا.
بمعنى آخر، فإن ما يحدث من اقتتال بين فصائل التحالف في محافظة شبوة، أيا كانت نتائجه، هو مشهد سيتكرر بشكل أو بآخر وربما بشكل أوسع وأشد حِدة إلى مختلف مناطق سيطرتها، خلال الأيام القادمة؛ يراد منه التخلص من معظم الفصائل، دون الاعتبار لبقاء مجاميع صغيرة وهشة تحمّل راية التحالف ومصالحها تحت أي مفاوضات سياسية قادمة، وتحمّلها قوى التحالف تبعات الهزيمة.
على كلا، فإن كل المعطيات والوقائع تؤشر إلى مرحلة جديدة من الصراع الدموي بين فصائل التحالف السعودي الإماراتي، أيا كانت دوافعه وأسبابه، فإنه يقود إلى فنائها جميعا من المشهد السياسي والعسكري، في ظل جملة التناقضات القائمة في صفوفها، بالإضافة إلى المُتغيرات التي استطاعت أن تفرضها صنعاء على واقع المواجهة في السلم والحرب، وهو الأهم.