من أكل هادي؟ “حكاية من عالم الحشرات”
مصطفى عامر – وما يسطرون – المساء برس|
واختفى هادي تمامًا، بدا كما لو أنه لم يكن، وفيما كان صغاره والقائمين على تغذيته أيضًا يؤكدون ولعدة سنوات بأنه سيعود إلى صنعاء، فقد كنت أتوقع أن يذهب إلى مزبلة التاريخ.
لكنه لم يذهب إلى أي مكان، لقد اختفى فحسب، وللأبد فيما يبدو. ثمّة من يؤكدون ألّا وجود لشخصية بهذا الإسم، وفيما يبدو أن تأكيداتهم لا تخلو من منطق!
لا نملك حتى الآن دليلًا ماديًّا واحدًا على وجود هذا الشخص، حينما تفتش في السجلات الرسمية- على الأقل- فإنك لن تجد شخصًا اسمه عبدربه منصور هادي، لن تظفر بمقال أو بدراسة أو بتقريرٍ إخباريّ، أو بفيديو أو حتى بتسجيلٍ صوتي يتضمن إشارةً ما إلى شخصية بهذا الإسم!
على أن ثمّة أسطورة- يتم تداولها على نطاقٍ محدود- تؤكد أن هادي كان موجودًا بالفعل، أما عن سبب خلو سجلات البشر من أيّة إشارة إليه، فلأن هادي وفقًا لهذه الأسطورة- ببساطة- ينتمي إلى عالم العناكب.
ثمة خلاف بالطّبع في تحديد ما إذا كان هادي عنكبوتًا ذكرًا، أم أنثى؟!
أحدهم علّق ساخرًا على هذه الجزئية بالتحديد، وقد كان تعليقًا له دلالاته بالطبع، وأضحك الحاضرين جميعًا، وبلا استثناء! لكنني- ولأسباب وجيهة- لن أضع تعليقه هنا!
على أية حال فالأسطورة تقول أنه، وفي إحدى الليالي المقمرة، أقيمت مأدبة عشاء كبيرة، وأن هادي كان على رأس قائمة المأكولات!
حسنًا، حينما يتعلّق الأمر بعالم العناكب فإنّ ثمة مآدب كثيرة من هذا النوع تحدث، وإذا كانت هذه الحكايات غريبة بالنسبة لنا في عالم البشر، فإنها بالنسبة لعالم العناكب توشك أن تكون حكاية كلّ يوم.
عناكب كبيرة تأكل الصغيرة، قوية تأكل الضعيفة، وبعد إكمال طقوس التزاوج فإن الأنثى في الأغلب تأكل زوجها، وحينما تجوع صغار العناكب فإنها تأكل أمها.
على أن السؤال الأهم يبقى فيما يبدو بلا إجابة محدّدة، فإذا صحت الحكاية التي تقول بأنه تم أكل هادي في إحدى الليالي المقمرة، فإنّنا حتى الآن لا نعرف حقيقةً من أكل هادي؟
هل أكله جميع صغاره؟
أم أكله أكثر صغاره قوة، وعددهم ثمانية وفقًا لبعض الروايات المتداولة؟
أم أن الذي أكل هادي محض عنكبوتٍ آخر أكبر من هادي، مثلًا؟ مع بقاء احتمالٍ أخير بأن كافة العناكب تناهشت لحم هادي وجلده وأرنبة أنفه!
بالطّبع، فإن ثمة إشارات إلى عنكبوتٍ يُدعى “بنسلمان”، بالنسبة لهذا العنكبوت فإنه لا فرق بين هادي وبين أي حشرة أخرى!
ثمة من يقول مثلًا أن بنسلمان جمع كافة أقربائه السمان ذات يوم في شبكة “ريتز كارلتون”، وأكلهم جميعًا دفعةً واحدة. فيما تشير روايات أخرى إلى أنه قد أكل أبيه أيضًا، واحتفظ- فحسب- بقشرته الخارجية، والتي تبدو لكل من رآها أفرغ من قربة جلدٍ منفوخة!
على أية حال، وبمنأى عمّن أكله فالمؤكد فيما يبدو أنّ هادي مات مأكولًا، وباستثناء هذا الأمر فكل الإجابات تبقى مفتوحة، ومن عالم العناكب يمكنك توقّع أيّ شيء بطبيعة الحال، باستثناء ما يمتُّ إلى منظومة الأخلاق بصلة!