بريطانيا تبقي على القرار 2216 كمسمار جحا في جدار اليمن وترهن إلغائه بالتوافق أولاً على الحل السياسي

تقرير خاص – المساء برس|

رهنت المملكة المتحدة البريطانية إلغاء القرار 2216 الذي أصدره مجلس الأمن في أبريل 2015 والذي كان السبب في عدم إنهاء الحرب على اليمن بسبب تمسك الطرف اليمني التابع للخارج به لكونه الضمانة الوحيدة التي تضمن لهذا الطرف البقاء على سدة الحكم في اليمن، رهنت بريطانيا إلغاء هذا القرار بتحقيق توافقات بين الأطراف اليمنية حول تسوية سياسية أولاً، الأمر الذي يجعل من الحل في اليمن معقداً أكثر بسبب تكرار الأطراف الدولية الغربية لنفس السيناريو الذي اعتمدته لإدارة الحرب على اليمن.

وبما أن القرار 2216 هو ما استندت إليه السلطة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي للبقاء في الحكم رغم أنها تحولت إلى سلطة منفى، فإن الإبقاء على هذا القرار حالياً وبعد أن تمت الإطاحة بالرئيس المخلوع عبدربه منصور هادي ونائبه من قبل السعودية ذاتها التي احتضنته لديها وفرضت عليه إقامة شبه إجبارية ومنعته من العودة إلى المناطق التي تسيطر عليها السعودية جنوب اليمن، سيعمل الإبقاء على هذا القرار على إطالة أمد الحرب وتأخير أي حل سياسي كون السلطة الجديدة التي شكلتها السعودية في اليمن كبديل عن سلطة هادي ستظل متمسكة بهذا القرار لكونه الضامن لبقائها في السلطة المقرر انتهاؤها بمجرد الوصول لحل سياسي يمني مع طرف حكومة صنعاء التي تمثل حالياً الطرف الأقوى والأكثر بنسبة 70% من حجم السكان في اليمن.

وكان السفير البريطاني لدى اليمن ريتشارد أوبنهايم قد كشف خلال جلسة نقاش أقامتها عبر تقنية الفيديو منظمة مجتمع مدني وشارك فيها أوبنهايم، عن قرار بريطاني بديل عن قرار مجلس الأمن رقم 2216، غير أن السفير البريطاني رهن هذا القرار الجديد الذي سيلغى بموجبه القرار 2216 والذي يعد أبرز عقبة أمام أي حل سياسي في اليمن لإنهاء الحرب، بما وصفه السفير بـ”توافقات حقيقية حول تسوية سياسية بين الأطراف في اليمن”، مؤكداً أنه وحين تحقيق هذا الأمر فإن القرار سيكون جاهزاً لإصداره من مجلس الأمن، مما يعني أن بريطانيا تسعى للإبقاء على القرار 2216 كمسمار جحا في جدار اليمن وورقة تهديد تستخدمها بريطانيا كلما رأت أن مصالحها مهددة بموجب أي اتفاقات سياسية بين الأطراف اليمنية.

وتعمل بريطانيا، وفق مراقبين، على استثمار السلطة الجديدة البديلة عن “الشرعية” التي تم تشكيلها في السعودية مطلع أبريل الماضي، لتحقيق وتأمين أكبر قدر ممكن من المصالح البريطانية المشروعة وغير المشروعة في اليمن والتي من بينها مصالح يعد القبول بها في اليمن انتهاكاً لسيادة اليمن وامتهاناً لكرامة أبنائه.

وتربط رئيس مجلس القيادة الرئاسي الذي شكلته السعودية، رشاد العليمي، علاقات قوية قديماً بالبريطانيين حتى منذ عهد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، فرشاد العليمي كان معروفاً في الأوساط الرسمية والسياسية اليمنية بأنه يعمل لمصلحة المخابرات البريطانية وكان يستلم من جهاز المخابرات في لندن مبالغ مالية بعلم علي عبدالله صالح نفسه، لدرجة أن بريطانيا كانت هي من وقفت خلف تعيين العليمي في عهد صالح وزيراً للداخلية، وحينها تمكنت حتى الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً من استغلال العليمي لمصلحة اختراقها للأمن القومي لليمن والتحكم به.

ومنذ صعود العليمي إلى السلطة، شرع الرجل بسرد خطابات مشابهة لتلك التي كان يدلي بها عبدربه منصور هادي مطلع الحرب على اليمن في 2015 والتي كانت تتضمن مطالبة أنصار الله وشركائهم في اليمن بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح، في مؤشر على محاولة السلطة الجديدة إعادة الحرب في اليمن إلى نقطة الصفر بعد مرور أكثر من 7 أعوام على اندلاعها وعلى الرغم من فشل السلطة الموالية للتحالف في تحقيق أي انتصار وبعد تعاظم قدرات قوات صنعاء تسليحاً وعتاداً وعدداً والتي تعتبر في الأساس قوات الجيش اليمني السابق وعليها قيادة معظمها من الموالين لأنصار الله، في الوقت الذي لا تملك فيه الأطراف الأخرى المشتتة والتابعة للتحالف والمنقسمة فيما بينها بين من يتبع الإمارات ومن يتبع السعودية ومن يتبع قوى إقليمية أخرى كقطر وتركيا من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم وجود قوة عسكرية فعلية وحقيقية على الأرض يمكن القول إنها جيش رسمي وذلك بالنظر طبيعة تشكيل هذه القوات المفككة والمنقسمة فيما بينها والتي بنيت على أسس (مناطقية، وعقائدية، وعشوائية) فقوات السلطة التابعة للتحالف والتي يطالب العليمي اليوم من صنعاء تسليم سلاحها لهذه القوات المسماة (الجيش الوطني والشرعية) معظم منتسبيها من عناصر تنظيم الإخوان المسلمين غير العسكريين، إضافة إلى انخراط عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي اللذين يعتبرون فصيلاً من فصائل تنظيم الإخوان في اليمن ضمن هذه القوات بالإضافة لمليشيات مسلحة تحت مسميات عديدة تشكلت خلال فترة الحرب منها ما تم تشكيله في الساحل الغربي من مقاتلين سلفيين متشددين من أبناء المحافظات الجنوبية خارج إطار قوات ما تسمى (الشرعية) والتي تم تشكيلها ودعمها وتسليحها خارج إطار وزارة الدفاع التابعة للحكومة الموالية للتحالف التي ظلت منفية من قبل الإمارات والتي قامت أيضاً بتشكيل قوات أخرى تحت مسمى قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الداعية لانفصال جنوب اليمن عن شماله.

وطالما ظلت السلطة الجديدة بقيادة العليمي متمسكة بالقرار 2216 فإن الحل السياسي والتوافق بين هذا المجلس وبين حكومة صنعاء يصبح من المستحيلات إلا في حالة قبول واستجابة صنعاء للشروط التي ستفرضها السعودية والإمارات وواشنطن ولندن عليها عبر مجلس العليمي وغالباً ما ستكون هذه الشروط متطابقة إلى حد كبير بالشروط التي كانت مطروحة منذ بداية الحرب على اليمن وهي شروط لطالما كانت السبب المباشر في تفجر الحرب في اليمن والسبب في إطالتها والسبب في عدم الوصول لحل سياسي بين الأطراف اليمنية بسبب تبني بعض الأطراف التابعة للتحالف لها ومحاولة تمريرها على صنعاء ومنها على سبيل المثال إبقاء اليمن حديقة خلفية للسعودية إبقاء حالة الوصاية المباشرة وغير المباشرة من قبل السعودية والولايات المتحدة الأمريكية على اليمن.

قد يعجبك ايضا